العدوني: العمل المدني عمل إصلاحي ورسالي ودعوي
نظمت لجنتي العلاقات والهوية والقيم لحركة التوحيد والإصلاح بإقليم فاس إفطارا جماعيا يوم الأحد 31 مارس 2024، استدعت له نائب رئيس الحركة الأستاذ رشيد العدوني لتأطير موضوع: “العمل المدني وتحديات الهوية والقيم”.
ووسط حضور متميز من ممثلي مجموعة من الهيئات وجمعيات المجتمع المدني، انطلق الأستاذ رشيد العدوني في رسم معالم موضوعه من أربع محاور رئيسية:
- العمل المدني: مفهوم وخصائص
- خريطة العمل المدني بالمغرب
- مستجدات الهوية والقيم بالمغرب
- الأدوار المطلوبة
واعتبر المحاضر أن المؤسسات التطوعية التي تنتج مبادرات اجتماعية، تتكامل مع الجهود الرسمية، لملء الفراغ الذي يتركه تخلف أو عجز الدولة عن سد خصاص المجتمع أحد مفاهيم العمل المدني وبين في تعريف آخر أن هذا الأخير يمكن إجماله في “مجموعة واسعة النطاق من المنظمات غير الحكومية والمنظمات غير الرّبْحية التي لها وجودٌ في الحياة العامة وتنهض بعبْء التعبير عن اهتمامات وقيم أعضائها أو الآخرين، استناداً إلى اعتبارات أخلاقية أو ثقافية أو سياسية أو علمية أو دينية أو خيْريّة”.
ورجوعا إلى أصالة العمل المدني عند المسلمين والمغاربة خصوصا، ذكر المحاضر ببعض الأصول والنماذج الواقعية التي يعرفها المغاربة في هذا الإطار كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخدمة الناس وتفريج الكربات والإصلاح بين الناس والشفاعة الحسنة وعرج على تاريخ الحسبة وببعض الأعمال التعاونية التي يجتمع عليها المغاربة ك “التويزا”، والتعاون حول أنظمة الري والسقي، و”دارت”، و”الوزيعة” وختم بقوله أن في العمل المدني المرجع والأصل هو الأمة المغربية وبتعبيره “الأمة هي الأصل”.
وخلال عرضه لخريطة العمل المدني بالمغرب أكد أن العدد الإجمالي للمؤسسات غير الهادفة للربح النشيطة برسم سنة 2019 ما يقارب 187.834 وحدة، مقابل 44.771 وحدة في سنة 2007، أي بمعدل نمو سنوي يساوي 12,7٪ وأكثر من نصف هذه المؤسسات (54٪) أنشأت خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2019، وما يقرب من 8 وحدات من أصل 10 تأسست منذ انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005. يسيطر العمل الثقافي والرياضي والترفيهي على حصة الأسد بنسبة 58% ويليه التنمية والسكن بنسبة 51،8 %
وقد لاحظ المؤطر أن التوزيع الجغرافي للمؤسسات العاملة في هذا المجال، تتمركز نسبيا أكبر بجهات الدار البيضاء-سطات (13,2٪) ومراكش-أسفي (13,1٪) والرباط-سلا-القنيطرة (12,4٪) وفاس-مكناس (12,8٪) وسوس-ماسة (12,4٪).
ومن أهم الملاحظات التي أثارت انتباه الحضور أن (54,7٪) من المؤسسات التي تعمل في العمل المدني لا تتوفر على مقر للقيام بأنشطتها
وحول مستجدات الهوية والقيم بين العدوني أن الدراسات التنموية اليوم تؤكد على مكانة الرأسمال الاجتماعي في بناء النماذج التنموية (القيم والروابط الاجتماعية) وأن الهوية والقيم موضوع تدافع عالمي بين الداعين لاحترام الفطرة السليمة وبين مسخ الفطرة والانسلاخ عنها واعتبره تدافع بين المكون الطيني والمكون الروحي في الإنسان، وبين الفجور والتقوى، وبين العلاقات الإباحية والعلاقات المسؤولة).
واعتبر العدوني أن العمل المدني في مجال الهوية والقيم هو عمل إصلاحي ورسالي ودعوي وهو جوهر الاستخلاف في الأرض وعمارتها.
ومن أهم الخلاصات التي استنتجها العدوني من معركة “طوفان الأقصى” في إطار العمل المدني أن الأمة الإسلامية تتشبث بالإيمان بالله والثقة في وعده والاعتماد على ذاتها للنهوض من جديد وأنها واعية بالنفاق الغربي الرسمي في حماية حقوق الإنسان وتوضح لها بالعيان الخذلان العربي والإسلامي في الدفاع عن مقدسات الأمة وعن شعب فلسطين ومدى أهمية المقاومة والممانعة لمناهضة المشروع الصهيوني العالمي.
وفي لفتة مهمة أثارت انتباه الحاضرين من مجموعة من الدراسات الوطنية أكدت على أن المؤسسة الوحيدة التي تحظى بثقة تامة لدى المغاربة هي الأسرة. وأن مركزية القيم المرجعية (طاعة الوالدين، التضامن، التضحية، الرعاية) والثوابت الوطنية في بنية وعلاقة مكونات الأسرة المغربية.
والمضحك المبكي أن التلفزيون يبخس صورة المرأة، ويشجع على العنف، وعلى الإفراط في الاستهلاك ولا يعلي قيمة الثقافة ولا يعزز القيم الإسلامية ولا ينشر قيما أخلاقية حميدة، ولا يعلم القاصرين احترام الأسرة.
كما أن انتظارات المغاربة من الإذاعة والتلفزيون كانت كالتالي: الحشمة، الانفتاح على رأي الجمهور، احترام الهوية الإسلامية، وذات طابع تربوي.
وأن الأطراف التي يمكن أن تلجأ إليها المرأة لحماية نفسها من عنف زوجها: مثلت نسبة المقترحين للحل الأسري أكثر من ضعف المقترحين للحل الأمني والقضائي.
ومن هنا جاء الخوف والتهديد الذي يحيط بهذه المؤسسة كما بينت الإحصائيات الرسمية لسنة 2021 أن النيابة العامة سجلت 28485 قضية و34112 متابعا في جرائم ضد الأسرة والأخلاق العامة (الفساد، الدعارة، الخيانة، الإجهاض، هتك العرض، الشذوذ)؛
هذا إلى جانب الضغط الدولي كما يشير رشيد العدوني في توصيات المؤسسات الدولية المتمثل في مطالبة المغرب ب:
إلغاء المادة 490 من القانون الجنائي (تجريم العلاقات الجنسية غير الشرعية).
إلغاء المادة 489 من القانون الجنائي (تجريم الشذوذ الجنسي).
إلغاء المادة 20 من مدونة الأسرة دون إبطاء (زواج القاصر).
إلغاء تعدد الزوجات
الاعتراف بحق الأمهات غير المتزوجات في تأكيد حقوقهن وحقوق أطفالهن دون خوف من أي شكل من أشكال الملاحقة القضائية والوصم؛
ولم يفت العدوني التوصيات الإيجابية المتمثلة في حماية المرأة من العنف والتحرش والبغاء، التعليم ومحاربة الهدر المدرسي، التمكين الاقتصادي…
ومن أهم الإحصائيات التي ترتبط بالمجتمع المدني على المستوى العربي التأكيد على ارتفاع نسبة التدين وأن القضية الفلسطينية هي قضية جميع العرب، وليست قضية الفلسطينيين وحدهم. ورفض الساحقة من المستجيبين 84% أن تعترف بلدانهم بكيان الاحتلال الصهيوني، مقابل 8% أفادوا أنهم يقبلون الاعتراف، واشترط نصف الذين وافقوا على أن تعترف بلدانهم بكيان الاحتلال أن يجري إنشاء دولة فلسطينية مستقلة.
ونظرا لمحورية التعليم والاشكالات المرتبطة بها وما عاناه المعلم والمتعلم والطبقة التعليمية عموما من التوتر المستمر في القطاع وتداعيته على جودة التدريس بالإضافة إلى الهدر المدرسي “330 ألف تلميذ وتلميذة يغادرون المدرسة سنويا” و34 في المئة من الطلبة من يغادرون الجامعة مرفقين بشهادة الاجازة.
بالإضافة إلى “لغة التدريس من التناوب المعيب إلى الفرنسة الممنهجة”.
وختم رشيد العدوني بتذكير الحاضرين بضرورة مراجعة أدوارهم كممثلين لبعض هيئات المجتمع المدني انطلاقا من الرصد العلمي والتخطيط الاستراتيجي إلى الترافع القانوني والتدافع المدني من أجل البناء القيمي وأسرة قوية ومتماسكة نحو مجتمع واع ومتضامن.