الرشوة.. تقارير وطنية ودولية تُقِر بانعكاستها السلبية وبرلمانيون يسائلون الحكومة
تُعد الرشوة ظاهرة مستشرية باعتراف تقارير مؤسسات رسمية ومدنية مغربية وكذا أجنبية، بحيث يقر الجميع بانعكاساتها الخطيرة على المناحي الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية بسبب ما تخلفه من هضم للحقوق واكتساب لأخرى بدون وجه حق.
آفة متعددة
يعتبر المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي برسم 2021 “الفساد آفة متعددة المظاهر والانعكاسات”، مشددا على ضرورة المساهمة الفعالة في تحسين التدبير العمومي وإشاعة ثقافة حسن التدبير وتدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية الأخرى.
وأدى استشراء الظاهرة إلى تسجيل المغرب ثاني أدنى مستوياته التاريخية في مؤشر مُدرَكات الفساد لعام 2022 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، إذ تراجعت المملكة بـ7 مراتب مقارنة بسنة 2021 وبـ14 مرتبة بالنسبة لسنة 2019، محتلة بذلك المرتبة 94 عالميا.
وكشف التقرير السنوي لرئاسة النيابة العامة عن ضبط 205 حالات متلبسة بجريمة الرشوة صدرت بشأنها أحكام قضائية، مضيفا أن الخط المباشر للتبليغ عن الرشوة والفساد تلقى ما قدره 8090 مكالمة خلال سنة 2021، بمعدل 60 مكالمة يوميا.
مساءلة الحكومة
نقل بعض البرلمانيين الأرقام المسجلة في هذا مؤشر الرشوة إلى المؤسسة البرلمانية لمساءلة الحكومة عن استراتيجيتها لمحاربة الظاهرة في المؤسسات والإدارات، وفي هذا الشأن طالب البرلماني مصطفى ابراهيمي الحكومة عن الإجراءات التي ستقوم بها لمحاربة الفساد والرشوة وعرقلة المشاريع الاستثمارية.
وعزا النائب ابراهيمي في السؤال الكتابي الموجه للوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة أسباب التقهقر المضطرد في المؤشر إلى عدم إنجاز تطور في التشريعات التي تحارب الفساد بالمغرب وإلى سحب الحكومة لمشروع قانون محاربة الإثراء غير المشروع وكذلك ما واكب الانتخابات من مظاهر مشينة لشراء الذمم، والتضييق على الصحافة الاستقصائية.
ودعت البرلمانية إلهام الساقي الوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة إلى بيان مخطط الوزارة لإيجاد حلول عن طريق استراتيجيات أكثر فعالية لتحقيق نتائج إيجابية تحد من انتشار ظاهرة الرشوة التي تنخر الإدارة المغربية وتعيق الاستثمار ببلادنا.
واستدلت الساقي بما كشف عنه والي بنك المغرب يوم الثلاثاء 15 فبراير 2022، من أن ظاهرة الرشوة تعتبر من بين المعيقات الرئيسية أمام تطور المقاولات في المغرب، موردة أرقام مؤشر مدركات الفساد، لتخلص في ضوئها إلى أن ذلك يدل على فشل الاستراتيجيات السابقة لمحاربة ظاهرة الفساد والرشوة.
ووجهت البرلمانية سلوى البردعي سؤالا شفويا إلى الوزارة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة حول الرشوة في الإدارات والصفقات العمومية، قائلة إنه “موضوع يؤرق المغاربة”، داعية الوزارة إلى بيان استراتيجيتها لمحاربة هذه الآفة؟
وكان رد الوزارة بكون المؤسسات والإدارات قد اعتمدت عدة إجراءات منها إطلاق رئاسة النيابة العامة خطا مباشرا للتبليغ عن الرشوة، وتبني مدونات الأخلاقيات، وإطلاق البوابة الالكترونية للحصوص على المعلومات، وتعديل قانون الهيئة الوطنية للنزاهة، وتحيين الإطار القانوني للصفقات العمومية.
مقاربة شاملة
تقتضي معالجة هذه الظاهرة اعتماد مقاربة شاملة، تدمج بين المقاربة الدينية والاقتصادية والاجتماعي والثقافية، وفي هذا الشأن اقترح رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي تشكيل جبهة وطنية لمحاربة الفساد، وذلك في محاضرة في 2022 بمؤسسة الفقيه التطواني.
واقترحت الهيئة اعتماد نص قانوني لمحاربة الإثراء غير المشروع، إحالة جميع ملفات الفساد إلى المحاكم المالية وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، ومنح ضمانات من أجل النهوض بالتبليغ والكشف عن جرائم الفساد وتيسير بلوغها إلى القضاء وضمان النجاعة القضائية وحماية المبلغين.
كما اقترحت الهيئة منح مكافأة مالية للمبلغين عن الفساد، وإخضاع الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والنقابات والجمعيات والأشخاص المعنوية المتعاقدة مع الدولة، لأحكام قوانين الإثراء غير المشروع، واعتماد مبدأ الزيادة في الثروة أو في الأموال كمظهر للإثراء غير المشروع.
وطالبت الهيئة باعتماد العقوبة السالبة للحرية، والمتمثلة في العقوبة الحبسية أو السجنية أو الأشغال المؤقتة، علاوة على التنصيص الصريح لبعض التشريعات على أن سقوط الدعوى الجزائية بالوفاة لا يحول دون تنفيذ الحكم برد قيمة الكسب غير المشروع.
موقع الإصلاح