فاطمة حبشي، الداعية التي وهبت نفسها لتحفيظ القرآن
ازدادت الأستاذة فاطمة حبشي بالرباط بعد عام واحد على استقلال المغرب، ونشأت في بيت محافظ بالدار البيضاء، قبل أن تنطلق في الدعوة إلى الله عن عمر لا يتجاوز الرابعة عشرة، حينما كانت تلميذة بمدرسة الخنساء، لم تستسغ أن تسود الأفكار الشيوعية بالمؤسسة التي تدرس بها، في وقت كانت الأفكار تتنافس على جذب عقول التلاميذ والطلبة.
ولأنها كانت تلقب وسط أسرتها الصغيرة ب”الفقيهة” منذ أن كانت بالكاد تعرف صياغة الجمل، تقول إنها سعت جاهدة إلى مجابهة الفكرة بالفكرة، ونقد الخطاب بالخطاب، لينطلق ارتباطها بالكتاب وتجلس ساعات طوال تقرأ عن الدين.
في سنة 1978 تزوجت فاطمة الحبشي وانتقلت إلى مدينة فاس، لكن تغيير المدينة ومجال عملها لم يؤثر على عطائها بل استمرت في نشاطها وبدأت تلقي الدروس على بعض النساء من زوجات أصدقاء زوجها وبعض التلميذات، حيث كانت تجمعهن بمنزلها وتشرع في إعادة قراءة خلاصات الكتب التي قرأتها. وكونت بذلك النواة الأولى للعمل الإسلامي النسائي بفاس، وبدأ العدد في تزايد وأصبحت مسؤولة وطنية تسافر وتلقي محاضرات وتوجه الأخوات العاملات، يساعدها في ذلك زوجها الذي لم يكن إلا مناضلا وأخا خدوما في العمل الإسلامي الأستاذ عبد الحي بن عبد الجليل.
توسع نشاط حبشي الدعوي ليشمل المساجد، ودور القرآن حيث الحضور بالمئات، كل ذلك لأنها تؤمن بأن الدعوة تكليف رباني، قبل أن تكون تكليفا لحظيا، وتقول “إن الذي لا يدعو إلى الله فليخف على نفسه، لأن هذه الدعوة نور“.
بدأت مشروع تحفيظ القرآن الكريم، حيث تمكنت من إعداد دليل لحفظ القرآن، تم طبعه ونشره في أنحاء مدينة فاس، ليبدأ عدد النساء الراغبات في الحفظ يتكاثر. ومع تكاثر العدد اضطرت للبحث عن مكان يتسع للأعداد المقبلة على الحفظ، فعملت على تأسيس فرع الأطلس لجمعية الإمام ورش لتحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه.