اغتنام آخر أيام رمضان بالتوبة النصوح
نعيش الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك، شهر الخير والعطاء والفضل والبركة والجودِ والإحسان، ونعلم جميعا أن هذاَ الشهر فرصة لا تعوض، وقد لا تتكرر لكثير من الناس، فرصة لا تعوض للتوبة إلى الله – جل وعلا – والإنابة إليه والإقبال إلى طاعته، والندم على التفريط في جنب الله تبارك وتعالى والتوبة إليه من كل ذنب وخطيئة.
إنها فرصة للتوبة والندم في هذا الموسمِ الكريم والشهرِ الفضيل، الشهر الذي تعتق فيه الرقاب من النار، ويتوب الله – تبارك وتعالى – فيه على من يتوب من عباده، في هذا الشهرِ العظيم إذا لم يَتب العبد إلى الله فمتى يتوب، ثبت في سنن النسائي ومستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (رغمَ أنفُ امرئ ذُكِرتُ عنده، فلم يصلِّ عليَّ، ورغم أنفُ امرئٍ دخلَ عليه رمضانُ ثم انسلخَ، فلم يُغفر له، ورغم أنف امرئٍ أدرَكَ عندَه أبواه الكبرَ، فلم يُدخِلاه الجنَة)؛ وروى ابن حِبَّان في صحيحه من حديث مالكِ بن الحويرث – رضي الله – عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – صَعِد المنبر فقال: “آمين”، فلمَّا رقى عَتَبَةُ منه، قال: “آمين”، فلمَّا رقى العتبة الثانية، قال: “آمين”، فلمَّا رقى العتبة الثالثة قال: “آمين”، ثم قال – صلى الله عليه وسلم -: “أتاني جبريلُ، فقال: يا محمدُ، من أدرك رمضان، فلم يُغفَرْ له فأبعده الله، فقل آمين، قلتُ آمين، ثم قال: يا محمد، من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يُدخِلاه الجنة، فأبعدَهُ الله، فقل آمين، فقلت: آمين، ثم قال: يا محمدُ، من ذُكِرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فأبعدَهُ الله، قُل: آمين، فقلت: “آمين”.
وهذا إنما يدل على أن هذا الشهر الكريم، موسم شهر رمضان هو فرصة عظيمة للتوبة إلى الله – جل وعلا – فرصة عظيمة للقلوب لتتحرك تائبة إلى الله منيبة إليه مقبلة على طاعته، نادمة على تفريطها في سالِف أيامها، وما مضَى من أزمانها.
محاضرة: هل نُحَصِّل ميزة مشرّفة في التّخرّج من مدرسة رمضان 1441 في الحجر. مع الدّكتور أوس رمّأل |
فلو تأمل كل واحد منا في حياته، وما مضى من أيامه، يجد أنه مقصر في جوانبَ كثيرة، ومخطئ في أمور عديدة، ومفرطٌ في واجبات عظيمة، وقد جاء في الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: (كلُّ بني آدم خطّاءٌ، وخير الخطّائين التوابون).
واليوم أمامنا باب التوبة مفتوح، وأمامنا فرصة عظيمة لا تعوض لِنقبل على الله – جل وعلا – ونتوب إليه، ولننتهز هذه الفرصةَ، فرصة شهر رمضان المبارك؛ لنتوب إلى الله توبة صادقة من كل ذنب وخطيئة، ولنعلم أن التوبة لا يقبلها الله تعالى من عبده إلا إذا كانت نصوحا، ولا تكون التوبة نصوحا إلا إذا توفرت فيها شروط ثلاثة، ألا وهي الندم على فعل الذنوب، والإقلاع عنها تماما، والعزم على عدم العودة إليها، وإذا كانت الذنوب والخطايا تتعلق بحقوق الآدميين، فلا بد في ذلك من شرط رابع وهو أن يتحللهم أو يعيد الحقَ إلى أهله.
ها نحن نعيش أيام الشهر الأخيرة، وربما بعضنا لا يدرك رمضانَ الآخَر؛ فلننتهز ما بقي من أيامِ هذا الشهر الكريم في التوبةِ إلى الله، والإنابة إليه والرجوعِ إليه، وإذا كنا فرطنا أو قصرنا فيما مضى من أيام هذا الشهر، فلنغتنم ما بقي منه، سائلين الله أن يعيننا على طاعته، وأن يهدينا سواء السبيل، وأن يوفقنا جميعا؛ لنتوب إلى الله – تبارك وتعالى – توبة نصوحا من كل ذنب وخطيئة.
الإصلاح