استعمال الفرنسية.. مساءلة للدولة عن خرق الدستور
اتخذ موضوع استعمال المسؤولين المغاربة للغة الفرنسية أثناء أدائهم لمهام رسمية باسم الدولة أبعادا متعددة، خصوصا أن ذلك الفعل يعاكس تطلعات المغاربة بالتمكين للغاتهم الوطنية بأغلبية ساحقة وفقا لـدراسة وطنية ميدانية للمركز البرلماني للأبحاث والدراسات التابع لمجلس النواب.
ويعاكس فعل المسؤولين كذلك مقتضيات الفصل الخامس من الدستور الذي حدد اللغات الرسمية، قائلا “تظل العربية اللغة الرسمية للدولة. وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها، وتنمية استعمالها. تعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”.
وأدى تواتر مثل هذا السلوك إلى صدور إدانات من هيئات سياسية ونقابية ومدنية، داعية الوزراء والمسؤولين إلى احترام اللغات الرسمية كما هو الشأن بالنسبة لكل الدول التي تحترم وتحمي لغاتها الرسمية ولا ترى فيها أي عقدة نقص. وساءل مجموعة من البرلمانيين الحكومة عن إقصاء اللغات الرسمية.
استياء كبير
وانتقد رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب نور الدين مضيان رئيس الحكومة تعمد بعض المسؤولين المغاربة بمناسبة تناولهم الكلمة، خلال أداء مهام رسمية باسم الدولة، إلى التحدث بلغة أجنبية، سواء داخل أو خارج الوطن، بالرغم من وجود تقنية الترجمة الفورية في هذه المناسبات والمحافل.
وقال مضيان إن “عددا من المسؤولين الدوليين الذين يتناولون الكلمة ببلادنا خلال لقاءات رسمية، يستعملون اللغة العربية، في إشارة واضحة للمكانة السامقة التي تحظى بها هذه اللغة، في الوقت الذي يستعمل فيها مسؤولون مغاربة لغة غير لغتهم الدستورية”.
وأوضح النائب البرلماني، أن ذلك يخلف استياء كبيرا لدى عموم المواطنين، باعتبار هذا السلوك يحجم من ثقافة الأمة ولغاتها الرسمية الغنية، بل ويتنافى مع مقتضيات الدوريات الحكومية المتتالية الداعية لاستعمال اللغتين الرسميتين في المعاملات الإدارية.
وطالب البرلماني عن التدابير التي سيتخذها لضمان احترام المسؤولين العموميين لاستعمال اللغتين الرسميتين للدولة فقط أثناء حديثهم في مهام رسمية باسم الدولة أو مؤسساتها، معتبرا حديثهم “خرقا سافرا” للمقتضيات الدستورية التي تقضي صراحة بوجود لغتين رسميتين للدولة فقط.
وفاء للفرنسية
بدوره، ساءل البرلماني عن الفريق الحركي بمجلس النواب محمد والزين رئيس الحكومة قائلا “ألا تعتبرون بأن استعمال اللغتين الرسميتين في الإدارة والوثائق الإدارية وفي مختلف مناحي الحياة العامة يشكل أحد المداخل لحماية هاتين اللغتين وصيانتهما، باعتبارهما من أوجه سيادتنا في بعدها التاريخي والثقافي؟”
وقال البرلماني “على الرغم من أن دستور المملكة نص في فصله الخامس على أن اللغة العربية تظل اللغة الرسمية للبلاد، وأن الأمازيغية تعد أيضا لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدوت استثناء، فإن الملاحظ أن الحكومة لازالت وفية للغة الفرنسية”.
وشدد النائب البرلماني على أن رئاسة الحكومة مدعوة إلى تطبيق منشور وجهته هي نفسها منذ أربع سنوات وتحديدا بتاريخ 30 أكتوبر 2018، إلى الوزراء وكتاب الدولة والمندوبين السامين والمندوب العام، يلزمهم باستعمال اللغتين الرسميتين للدولة، في جميع المراسلات بين الإدارات والمواطنين.
وأحال البرلماني الوزير على الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 20/10/2017 تحت رقم 4550، مفاده أن القرارات الإدارية المحررة باللغة الفرنسية تعد غير مشروعة لأنها مخالفة للدستور، متسائلا “هل هناك استراتيجية لدى الحكومة لاستعمال اللغة العربية واللغة الأمازيغية في مختلف اللقاءات والمجالس الوطنية وضمنها مجلس الحكومة؟”.
مخالفة دستورية
البرلمانية عن الجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب هند الرطل بناني، انتقدت تداول استمارة التسجيل في السجل الفلاحي في الإدارات التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات باللغة الفرنسية.
واعتبرت البرلمانية هذا الأمر متنافيا مع مقتضبات الدستور المغربي مع مقتضبات الدستور المغربي ومع منشور رئيس الحكومة عدد 16/2008 بتاريخ 20 صفر 1440 الموافق لـ 30 أكتوبر 2018، حول إلزامية استعمال اللغة العربية أو الأمازيغية في الإدارات العمومية.
ورأت أن هذا الأمر فيه إضرار صريح بمصالح المرتفقين، قائلة “أغلبهم كما في علمكم، لا يعرفون لغة أجنبية على الإطلاق”. مطالبة الوزير ببيان الإجراءات المتخذة لتحديث الإدارة واعتماد اللغة العربية لغة رسمية في الوثائق الإدارية.
إن واقع الحال يجسد مفارقة صارخة ففي الوقت الذي يتم تكريس لغة أجنبية (الفرنسية) على حساب اللغات الوطنية، تكشف دراسة وطنية ميدانية لمجلس النواب أن 85 في المائة من المغاربة اختاروا اللغة العربية لغة للإدارة، و69 في المائة اللغة الأمازيغية، و47 في المائة اللغة الفرنسية.
موقع الإصلاح