إبادة وصمت دولي.. هيروشيما حاضرة في غزة
في 6 غشت تحل الذكرى السنوية 79 لإلقاء أول قنبلة ذرية في العالم على مدينة هيروشيما عام 1945، وتحل هذه الذكرى وقت يعيش فيه قطاع غزة مشاهد قاسية تُذكر بمآسي المدينة اليابانية المنكوبة.
و أضحت هيروشيما في القرن العشرين رمزا للدمار الشامل والقتل الجماعي، فيما جسد قطاع غزة في القرن الواحد والعشرين نموذجا لحرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر2023. وتعيد مشاهد الحرب على غزة المنكوبة للأذهان مأساة هيروشيما اليابانية مع اختلاف الأسلحة المستخدمة.
فمدينة هيروشيما اليابانية ابتلعتها قنبلة ذرية أمريكية، فيما تواصل أنياب أسلحة الكيان الإسرائيلي والأسلحة الأمريكية نهش قطاع غزة مخلفة دمارا هائلا وصادما. وتقدر حكومة غزة أن المتفجرات التي ألقاها جيش الاحتلال على القطاع تعادل 5 أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي.
واتفق رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده، ومدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، على تشابه جريمتي هيروشيما وقطاع غزة في ثالوث “السلاح الأمريكي، والإبادة الشاملة، والصمت الدولي”.
تشابه المشهدين
يقارن الحقوقي عبده بين جريمة هيروشيما والحرب الإسرائيلية على غزة، قائلا: “استخدمت الولايات المتحدة القنبلة الذرية لأول مرة، وهي سلاح دمار شامل أسفر عن تدمير واسع النطاق وقتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء”.
ويضيف في حديثه لوكالة الأناضول: “إسرائيل لم تستخدم قنبلة ذرية في غزة، لكنها استخدمت أسلحة ذات قدرة تدميرية هائلة تُحدث خسائر واسعة في صفوف المدنيين والبنية التحتية”، موضحا أن الأسلحة الإسرائيلية عند استخدامها “لا تراعي مبدأ التناسب وفق القانون الدولي، كما يحدث تماما عند استخدام قنبلة ذرية لا تفرق بين مسلح ومدني”.
وزاد :”إسرائيل استخدمت أسلحة دمرت خلالها أبراج سكنية من عدة طوابق فوق رؤوس ساكنيها، واستخدمت أسلوب الحزام الناري في استهداف أحياء سكنية بأكملها، متسببة بقتل وإصابة مئات المدنيين”.
دعم أمريكي
أكد مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، أن الولايات المتحدة التي دمرت هيروشيما في لحظة، “تواصل مد إسرائيل بأنواع مختلفة من الأسلحة لتحقيق جريمة الإبادة الشاملة”.
وقال: “إسرائيل تعتمد في حربها الحالية بالدرجة الأولى، على دعم عسكري أمريكي كبير، بما في ذلك الأسلحة المتقدمة والتكنولوجيا الحديثة”، مُقدرا إلقاء الاحتلال “أكثر من 82 ألف طن من المتفجرات، بما يعادل أكثر من 5 أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما وناغازاكي”.
وأوضح الثوابتة أن واشنطن “زودت إسرائيل بأكثر من 100 ألف قنبلة وصاروخ يزن بعضها 2000 رطل من المتفجرات، فيما تواصل الأخيرة خوض حرب الإبادة الجماعية بهذا السلاح، وقتل النساء والأطفال وكبار السن والمدنيين العزل”.
إبادة شاملة
وبخصوص الإبادة الشاملة في مسرح الجريمة، يقول رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن القصف الذري لهيروشيما أدى إلى إبادة جماعية، ويضيف “في غزة، لم يسلم أي من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من القصف الجوي والبري والبحري غير المتناسب”، مؤكدا أن “إسرائيل لا تنفذ حربا ضد فصيل معين بل حرب إبادة جماعية ضد كافة السكان”.
وإذا كانت هيروشيما شهدت مقتل ما بين 70 و80 ألف شخص على الفور، و ارتفع عدد الوفيات بحلول نهاية 1945 إلى نحو 140 ألفا، فإن الأمر لايختلف – يؤكد عبده – في قطاع غزة الذي واجه 10 بالمئة من سكانه القتل أو الإصابة أو فُقدت آثاره نتيجة الإبادة الجماعية.
و ارتفعت الحصيلة في غزة إلى قرابة 40 ألف شهيد وأكثر من 91 ألف جريح وآلاف المفقودين، ودمار هائل في القطاع، حيث دمر الاحتلال أكثر من 150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، و200 ألف وحدة بشكل جزئي، و80 ألف وحدة سكنية غير صالحة للسكن، ودمر البنية التحتية وعطّل كافة مناحي الحياة في القطاع، وحوله إلى منطقة غير صالحة للحياة.
وقد تم ذلك كله في ظل صمت دولي رغم مرور 10 أشهر على جريمة “الإبادة الجماعية” بغزة، حيث لم تُتخذ إجراءات جدية لكسر الحصار أو محاسبة مرتكبي جرائم الحرب.
عن وكالة الأناضول بتصرف