أكاديميان يطالبان بضرورة تمكين الجامعة من القيام بتخريج النخب
شدد أكاديميان على ضرورة تمكين الجامعة من القيام بدورها الريادي في تخريج النخب المثقفة الفاعلة، منبهين إلى مخاطر إفراغ الجامعة من محتواها الأساسي، وتحويلها إلى مؤسسة لتخريج النخب الأداتية البعيدة عن دور تأطير المجتمع والتأثير فيه.
وطالب الأكاديميان خالد الصمدي ومحمد ابراهيمي بحماية القيم والثوابت المرجعية للمغرب، خلال مشاركتهما مساء أمس السبت 11 فبراير 2023 بالرباط، في ندوة ثقافية ضمن الجامعة الشتوية للقيادات الطلابية، دورة “الأمانة والمسؤولية”، المنظمة من طرف منظمة التجديد الطلابي بشراكة مع حركة التوحيد والإصلاح.
وأكد الخبير التربوي والجامعي وكاتب الدولة السابق، خالد الصمدي أن التحدي الكبير المطروح على الجامعة المغربية اليوم يتعلق بالقيم والانتماء، إلى جانب تحديات الوضع الاجتماعي والتحصيل العلمي وغيرهما، مستشرفا قضايا متعددة للعشرية المقبلة.
وشدد الدكتور الصمدي على ضرورة قيام الطلبة بالإسهام في الحفاظ على ثوابت الأمة الجامعة، ملاحظا تعرضها لهجمة كاسحة في شتى المجالات، علاوة على الإسهام في النقاش العمومي المتعلق بالهوية والانتماء، والإسهام في إشعاع المغرب الديني والحضاري وإبراز الاجتهادات المغربية في شتى المجالات.
وأوضح كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي السابق أن المغرب أنتج اجتهادات وإبداعات دينية وحضارية تفوق من خلالها على دول إسلامية، موردا ضمنها مدونة الأسرة، والرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين، والقانون الاطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
وأفاد الصمدي، أن الوثائق المرجعية المؤسسة للهوية والانتماء تتجلى في مبادئ الدستور المغربي، والقانون الإطار المتعلق بالرؤية الاستراتيجية للتربية والتكوين، و القانون الإطار، وفي الجانب الؤسساتي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الأعلى للغات والثقافة المغربية.
واعتبر الصمدي، القانون الإطار المتعلق بإصلاح التربية والتعليم والبحث العلمي بمثابة أول قانون إطار لإصلاح التعليم في المغرب، موضحا أن هذا القانون يتفرع عنه 80 نحو مرسوما وحوالي 16 قانونا آخر، مشيرا إلى أن ضمن تلك المراسيم مرسومي اللجنة الدائمة للبرامج والمناهج والهندسة اللغوية اللذين لم يخرجا للوجود علما أن القانون حدد مدة لإخراجهما ولم يتم ذلك وانتهى في شتنبر 2022.
ونبه الأكاديمي إلى أن العديد من مشاريع الميثاق الوطني ظلت حبرا على ورق بسبب عدم حسم قضية الهوية، مشددا على أن الأمة التي لا تحسم خياراتها على مستوى القيم والانتماء لا تنجح في أي قضية، موضحا فيالوقت نفسه أن الذي ساعد على الحسم بالنسبة للرؤية الاستراتيجية للتربية والتعليم هو وضوح مسألة الهوية على مستوى الدستور.
ورأى المتحدث أن نجاح الرؤية لا يتعلق بالتنصيص على تلك القيم والمبادئ والإجراءات في القاوانين فقط، مشدد على ضرورة تصريفها في المقررات والمناهج الدراسية، موضحا أن المؤسسات التعليم والجامعية يرتادها حوالي10 ملايين شخصا، منهم7 ملايين في التعليم المدرسي، و1 مليون طالبا في الجامعة، و1 مليون طالب في التكوين المهني.
ومن جهته، أكد الدكتور محمد ابراهيمي على أهمية الجامعة على التربية والتكوين وتخريج النخب، علاوة على إنتاج المعرفة والاستقرار المجتمعي، مشددا على أنه لا نهضة ولا تنمية بدون أن يكون للجامعة دور فيها، موضحا أن الطلبة هم مستقبل المجتمع ونخبة النخبة داخل الجامعة.
ورأى الأستاذ الجامعي، أن حركة التاريخ لا تصنعها الجماهير بل النخبة المثقفة، قائلا “لأنها تمتلك مواصفات أربع وهي الرؤية، والوعي، والدور الاجتماعي، والقدرة على التأثي”، موضحا أن من لا يتوفر على الرؤية محكوم بأن يعيش في الغموض، موضحا أن الحديث عن الدور الاجتماعي هو حديث عن المبادرة.
وعرف المتحدث النخب بكونها الصفوة التي لها مؤهلات تجعلها مؤثرة داخل محيطها، موضحا أن هناك مرادفات عن كل توجه فكري مثل مفاهيم الطليعة والمثقف العضوي والمصلح والداعية، مشيرا إلى أنه رغم أن من مواصفات النخبة أنها قلة إلا أنها مؤثرة.
وأضاف ابراهيمي، أن ما يميز النخبة ليس ما تكتسبه من معارف وقضايا تقنية وإنما تمثل القيم المرجعية واستصحابها في كل مناحي الحياة وفي العلاقات الاجتماعية والعمل والانخراط في كل المجالات التي تطلب الانخراط، إضافة إلى تمليك المنظومة القيمية للمجتمع.
ونبه رئيس منظمة التجديد الطلابي السابق الطلبة إلى كون الجامعة محطة كبيرة لترسيخ القيم والتأهيل وتشكيل النخب الرسالية، قائلا إن “المجتمع تقوده النخب”، لكنه ما تشهده النخب اليوم من ترهل، موضحا أن النخبة نفسها تسهم في تبدل النخبة إما لضعفها أو بسبب انفضاض الشعب عنها أو عزلتهاأو تسليم القيادة للجماهير.
أوضح ابراهيمي، أن النخبة فئة قليلة من الناس لها إمكانيات ومهارات للتأثير في المجتمع، مضيفا أن الطلبة هي المادة الخام للنخبة، متسائلا “هل مازالت الجامعة تخرج النخب؟”، مشيرا إلى أن الجامعة الحديثة عند تأسيسها كانت تقوم بملء الفراغ الناشئ عن خروج المستعمر وقد استطاعت النجاح في عدة رهانات.
وتأسف المتحدث لما تعيشه الجامعة في وقتنا الحالي من هدر مادي للنخبة يتمثل في هجر الخريجين خصوصا الأطباء والمهندسين والعلماء، مستشهدا بدراسة للجامعة العربية حول هجرة المتعلمين في العالم العربي، فضلا عن هدر الانقطاع عن الدراسة، وهدر كيفي يتجلى في تخرج نخب أدواتية تطمح فقط للرقي الاجتماعي بدل الانخراط في التغيير والتأثير في السياسات العمومية وتدبير الشأن العام.
يذكر أن منظمة التجديد الطلابي تعقد بشراكة مع حركة التوحيد والإصلاح النسخة العشرون من الجامعة الشتوية للقيادات الطلابية دورة “الأمانة والمسؤولية” أيام 19-20-21 رجب الموافق 10-11-12 فبراير 2023 وانطلقت يوم الجمعة بلقاء تواصلي بين قيادة اللجنة التنفيذية للمنظمة والمشاركين بالجامعة الشتوية.
موقع الإصلاح