أكاديميان: التحولات الجارية في القانون الدولي تمهد الطريق لإزالة الاحتلال الإسرائيلي

اتفق أكاديميان على كون التحولات الجارية على مستوى القانون الدولي تمهد الطريق لإزالة الاحتلال الإسرائيلي، موضحين أن مرحلة ما بعد طوفان الأقصى أحدثت وقعا وتغييرا جذريا على مستوى القرارات والآراء الاستشارية لمجلس الأمن والجمعية العامة والمحكمتين الجنائية والعدل الدوليتين والهيئات الفرعية.
وافتتحت المبادرة المغربية للدعم والنصرة، الجمعة، فعاليات أكاديمية باب المغاربة -فوج طوفان الأقصى” بمركب التكوين بالرباط، على أن تستمر أنشطتها على مدار أيام الجمعة والسبت والأحد 18 و18 و20 يوليوز 2025.
ورأى الأستاذان الجامعيان أن طوفان الأقصى كان بمثابة مرحلة سياسية عجلت بتسريع قرارات دولية لصالح القضية الفلسطينية، مشددين على ضرورة إعادة النظر في طريقة توظيف القانون الدولي الإنساني لصالح القضية الفلسطينية بتكوين أطر وشخصيات قادرة على استيعاب ثغرات القوانين وسد الفجوات فيها.
وفي هذا الشأن، أكدت فاطمة الزهراء هيرات أستاذة جامعية أن التحولات الجارية على مستوى القرارات الأممية تمهد الطريق نحو إزالة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، مشددة على ضرورة إحداث ضغط مواز عبر آليات العرائض واكتساب التخصص على مستوى القانون الدولي الإنساني.
وأشارت الأستاذة بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة إلى قول فرانشيسكا ألبانيز، المقرّرة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلّة، في عام 2024 إن “الالتزام بالقانون الدولي ليس عملًا خيريًا، والمجتمع الذي يتخلّى عن القانون الدولي هو مجتمع يقبل بالبربرية”، باعتباره مؤشرا دالا على التحول.
وأوضحت هيرات أن من المؤشرات الدالة على وجود تحولات عميقة هو إصدار المحكمة الجنائية الدولية لأول مرة في تاريخ الصراع مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت بتهم تتعلق بالإبادة الجماعية في قطاع غزة وأصبحت الدول هي المعنية بتنفيذها.
وأضافت المتحدثة أن مجلس الأمن هو الجهاز الأعلى والدراع التنفيذي لمنظمة الأمم المتحدة تقوده خمس دول تقرر في مصير العالم، موضحة أنه أضحى بمثابة أكبر معرقل للقضايا الإنسانية العادلة وليس فقط القضية الفلسطينية، وذاك بسبب حق النقض “الفيتو” الذي تتحكم فيه الدول المنتصرة في الحرب العالمية.
واستعرضت العشرات من القرارات التي استعمل فيها حق النقض من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ضد القضية الفلسطينية ومنها قرارات وقف إطلاق النار في غزة، ومنع الاستيطان، وضد القرارات المتعلقة بدعم حقوق الشعب الفلسطيني وإدانة الاحتلال الأسرائيلي، موضحة أن حق النقض يضعف السلام العالمي.
وتوقفت عند جهاز الجمعية العامة للأمم المتحدة، موضحة أن هذا الجهاز الذي أعطيت للدول على شكل مؤسسة للديمقراطية أنتجت الكثير من القرارات التي تصب في صالح القضية الفلسطينية، مشيرة إلى مؤسسات متخصصة أصدرت قرارات ضد الاحتلال منها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.
ونبهت إلى الفتاوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية باعتبارها محكمة تبت في النزاع بين الدول، والمحكمة الجنائية الدولية باعتبارها محكمة تنظر في القضايا المرفوعة ضد الأشخاص، مشيرة إلى أن ما بعد طوفان الأقصى أحدث وقعا وتغييرا جذريا على مستوى المحكمتين في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وخلصت هيرات إلى أن قراءة القرارت والآراء والفتاوى يؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني لاعتبارين: الأول أن الاحتلال لا يكون مؤبدا، أنه لا يتم احتلال دولة تحت انتداب دولة أخرى، موضحة أن طوفان الأقصى هو مرحلة سياسية لتسريع القرارات المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
واعتبرت أن المكاسب القانونية المحققة من تطبيق القانون الدولي الإنساني تتعلق بالسلام الدولي وليس فقط على مستوى فلسطين فقط، مشيرا إلى أن القانون يكريس وحدة الأرض الفلسطينية، ويحديد الانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة، ويؤكد على حق تقرير المصير، وأن الاحتلال يمارس الفصل والعزل العسكري.
كما اعتبرت أن القانون الدولي يؤكد أن اتفاقيات أسلو تقع تحت القانون الدولي وليست بديلا عنه، كما أنه يسقط حجة الدفاع عن النفس، ومنبهة إلى أن القضية الفلسطينية في توصيفها عقيدة قبل أن تكون موضوعا في الوطن والسياسات الدولية.
من جانبه، انطلق إسماعيل حمودي أستاذ جامعي من مسلمة أساسية وهي أن القضية الفلسطينية تعد قضية شاسعة لا يمكن الإحاطة بها على اعتبار أنها تعود إلى الانتداب البريطاني، والذي اعتبر آنذاك بمثابة صيغة قانونية أعطيت لبريطانيا من طرف عصبة الأمم في إطار اقتسام أراضي الإمبراطورية العثمانية.
وعرف الأستاذ الجامعي القانون الدولي بكونه القانون الذي ينظم العلاقة بين الدول، أو القانون الذي ينظم العلاقات بين الدول والمنظمات الدولية، موضحا أن القانون الدولي في جوهره يعكس توازن القوى في مرحلة معينة، كما يعكس الإستراتيجية السياسية، ويعكس أيضا خبرات تاريخية مرجعية.
ورأى أن القانون الدولي هو سياسة على اعتبار أنه أداة للهيمنة، ففي نظر المدرسة الواقعية القانون الدولي خرافة، أما المدرسة الليبرالية فتراه أداة للانصاف بالنسبة للضعفاء، بينما تراه مدرسة ثالثة أداة للمقاومة والتحرر، موضحا أن قوى التحرر والمقاومة ترى القانون الدولي الإنساني أداة مقاومة وانعتاق.
وأشار الأكاديمي أن القانون الدولي لم يكن يتحدث عن إسرائيل على أنها قوة استعمار ولا احتلال في البدايات الأولى للقضية، لينتقل إلى الحديث عنها كقوة احتلال، وفي السنوات العشر الأخيرة أصبح ينظر إليها على أنها استعمار استيطاني، مشيرا إلى أن الاستعمار أشمل من الاحتلال.
ورجع حمودي إلى تعريف (لوائح لاهاي 1907) للاحتلال على أنه “تُعتبر الأرض محتلة عندما توضع بالفعل تحت سلطة الجيش المعادي”، مشيرا إلى تغيير هذا المفهوم بفعل المستجدات العالمية لتنتقل اتفاقيات جنيف الرابعة إلى التركيز على علاقة قوة الاحتلال بسكان الأراضي المحتلة.
واستنتج وفق ذلك أن الاحتلال مؤقت وليس دائم، وأن الاحتلال غير الاستعمار، وفق لوائح لاهاي واتفاقيات جنيف الرابعة، منبها إلى أن الأمم المتحدة وضعت دوما لقضية فلسطين مسارا خاصا في أروقتها ولم تدرجها ضمن اللجنة الرابعة الخاصة بتصفية الاستعمار.
وقال حمودي الخلاصة أن الاحتلال الإسرائيلى احتلال حربي بالمعنيين؛ سواء اعتبرناه احتلالا حربيا جراء عمل عدواني. كما أنه احتلال حربي حتى لو أخذنا بذريعة الكيان حول مبدأ الدفاع عن النفس.
واعتبر العلامة البارزة في التحول الجديد هو الحديث عن الاستعمار الاستيطاني في فلسطين، مضيفا أن تحديد مدة الاحتلال المؤقتة التي تحدثت عنها الأمم المتحدة خضع لوقائع دولية، حيث انتقل من أقل من سنة إلى 4 سنوات ثم 5 إلى 10 سنوات، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي تجاوز نصف قرن منذ 1967 فقط.
وأكد أن مجلس الأمن والأمم المتحدة وهيئاتها كلها تعتبر الاحتلال الإسرائيلي احتلالا حربيا وكان من المفترض إلزامها بالانسحاب من الأراضي المحتلة وسيناء والجولان السوري وسيناء المصرية ومزارع شبعا اللبنانية، مستعرضا كيفية تحايل الاحتلال الإسرائيلي على كل هذه القرارات.
وسلط المتحدث الضوء على المراحل التي مرت منها القضية الفلسطينية؛ المرحلة الأولى قضية إنسانية (1948_1967)، المرحلة الثانية قضية سياسية (1967_1975)، المرحلة الثالثة قضية نزاع سياسي، موضحا أن المرحلة الرابعة بعد محطة 7 أكتوبر أدت إلى “تسريع وتيرة التحول الأخير في اتجاه تكريس معادلة: احتلال غير شرعي ضد شعب له الحق في تقرير المصير”.
وخلص حمودي إلى أنه “رغم أهمية المقاومة بالقانون ضد الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن القانون سياسة في النهاية، لا يمكن أن يتحقق الهدف بدون استراتيجية وبرنامج سياسيين”.
موقع الإصلاح