الرسول القدوة: خصاله وأخلاقه داخل بيته
ما هي خصال الرسول وأخلاقه التي كان يتعامل بها داخل بيته مع أهله ومحيطه وكيف يمكننا استحضارها اليوم في بيوتنا؟ سؤال طرحناه على الأستاذة خديجة رابعة وكان هذا جوابها:
لا أحد أعلم بأحوال شخص ودخائل نفسه ودقائق أخلاقه من زوجته، لما صدع محمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة، كانت قد مضت خمس عشرة سنة على زواجه من خديجة رضي الله عنها.
وما كاد ينطق بكلام النبوة حتى يجد خديجة رضي الله عنها أسرع من يسانده وأول من يؤيده، فلما خشي على نفسه حين يتنزل عليه الوحي، كان يرجع إليها تثبته و تهدئ من روعه، و تقول له كلماتها الرزينة والواثقة :” كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم و تحمل الكل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.” شهادة هي ثمرة لعشرة طويلة وثقة عميقة لزوجة بزوجها الذي لم تشهد قط إلا خيره وبره.
وإذا استنطقنا شهادات أخرى من بيت النبوة، نستمع إلى عائشة رضي الله عنها تقول في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لم يكن فاحشا ولا متفحشا، ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح.” سنن الترمذي
وتقول أيضا:” ما ضرب رسول الله شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل.” صحيح مسلم
وإذا سألنا عليا بن أبي طالب – الطفل الذي لازم النبي صلى الله عليه وسلم منذ صباه – عن محمد صلى الله عليه وسلم فإنه يقول:” كان رسول الله دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب ولا مشاح، يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه ولا يخيب فيه.” أخرجه الترمذي في الشمائل.
إنها العظمة الاجتماعية في أبهى صورها، والأناقة الأخلاقية في أجمل حللها. شهد بها أيضا ربيبُه هند بن أبي هالة ابن أمنا خديجة رضي الله عنها من زوجها الأول، قال واصفا خلق رسول الله :” ليس بالجافي ولا المهين، يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا…لا تغضبه الدنيا ولا ما كان منها، فإن تعدي الحق لم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، ولا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها.” أخرجه الترمذي في الشمائل.
هذه بعض شهادات من عاشروا محمدا صلى الله عليه وسلم وصحبه ليل نهار إنهم أعرف الناس بأخلاقه، ولقد صدق رسول الله إذ يقول: ” خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”، إنه يقدم لنا الأسوة العملية لتأسيس بيوت هانئة قوامها المودة والرحمة والاحترام المتبادل، فمهما كان الإنسان خيرا طيبا مع جميع الناس، فخيريته تلك ليست بشيء إن لم تنطلق من بيته ابتداء، فيكون زوجته وأبناؤه أول من يحظى بالحنان والبشر والطيبة.
نعيش في زمن صعب، زمن الحداثة السائلة، حيث القيم والعقائد لم تعد أشياء ثابتة، بل غدت هي الأخرى تتحول وتتبدل، وأصبحت الأسر بفعل هذه المتغيرات تتعرض لهزات عنيفة تكاد تودي باستقرارها وتماسكها، ولكي تعود الطمأنينة والسكينة للبيوت، لا بد من تجديد الاقتداء وتعزيز الاهتداء ببيت النبوة.
إنه المنارة الهادية وطوق النجاة في زمن الفتن والمتغيرات.
الإصلاح