خبير تربوي: هذه الأسباب التي دفعت بـ140 ألف تلميذا للانتقال هذا الموسم من الخصوصي إلى العمومي
أثارت المداخلة الأخيرة لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي في معرض تقديمه لمشروع الميزانية الفرعية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي برسم سنة 2021 أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب يوم الاثنين الماضي، تساؤلات حول أسباب انتقال هذا عدد كبير من التلاميذ من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي خلال هذا الموسم والذي يقترب من ثلاثة أضعاف الموسم الذي قبله خاصة في ظل وضعية استثنائية حكمتها التدابير الاحترازية لانتشار وباء فيروس “كورونا” المستجد والجدل الذي رافق ذلك بين مؤسسات التعليم الخصوصي وآباء وأولياء التلاميذ خلال الجائحة.
وأفاد الوزير خلال عرضه أن عدد التلاميذ المنتقلين من التعليم الخصوصي إلى العمومي برسم الموسم الدراسي 2020 – 2021 بلغ 140 ألفا و250 تلميذا مقابل 52 ألف تلميذ في السنة المنصرمة. وأن عدد مؤسسات التعليم الخصوصي المغلقة والتي أعلنت إفلاسها برسم الموسم الدراسي الحالي بلغ 68 مؤسسة، وذلك بسبب تداعيات أزمة “كوفيد 19”.
وطرح موقع “الإصلاح” هذا السؤال على الخبير التربوي عبد الناصر ناجي من أجل البحث في مكامن الأسباب الحقيقية التي جعلت عددا من التلاميذ ينتقلون من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي.
الظاهرة ليست وليدة اليوم
ويرى عبد الناصر ناجي أن الانتقال من التعليم الخاص إلى التعليم العمومي ليست وليدة اليوم وأن هذه الظاهرة بدأت منذ سنتين حيث أنه حتى السنة الماضية كان العدد يراوح 52 ألفا وهذه السنة وصل العدد حسب تصريحات الوزير إلى 140 ألفا.
إقرأ أيضا: الحركة تناقش مستقبل المنظومة التعليمية وأولويات المدرسة المغربية ما بعد جائحة كورونا في ندوة علمية |
ويشير ناجي في تصريحه لموقع “الإصلاح” أنه كان من الممكن أن نربط الأمر بجائحة كورونا بالنسبة لهذه السنة ولكن بما أن هذه الظاهرة بدأت منذ سنتين فالسنة الماضية من ضمن الأسباب التي يمكن أن نذكرها وهو سبب أساسي افتتاح مجموعة من أقسام التعليم الأولي في المؤسسات العمومية وهذا أدى إلى مجموعة من الآباء يسجلون أبناءهم في التعليم الأولي العمومي.
الإقبال على التعليم الأولي في العمومي
ويوضح الخبير التربوي في هذه النقطة أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن نسبة التعليم الخاص في التعليم الأولي انخفضت مقارنة مع السنوات الماضية وهذا يؤشر على أن الآباء خاصة بمبادرة من الحكومة والوزارة بدأوا في الإقبال على التعليم الأولي في التعليم العمومي وهذا ما يفسر انخفاض عدد المسجلين في التعليم الخاص بالتعليم الأولي وبالتالي احتساب هذه النسبة على التعليم العمومي هذا من جهة.
تأثير العامل الاقتصادي على الأسر
من جهة أخرى يستعرض ناجي سببا آخر وهو تأثير العامل الاقتصادي على الأسر بقوله “طبعا لا يخفى عليكم أن المغرب من ضمن دول أخرى يعاني من أزمة اقتصادية تؤثر على دخل الآباء، وبطبيعة الحال فالإقبال على التعليم الخصوصي فهو مرتبط بمدى القدرة على الأداء، وبما أن هناك أزمة اقتصادية فقد أدى ذلك إلى انخفاض عدد المقبلين على التعليم الخصوصي من الأسر المغربية وبالتالي الانتقال بعد ذلك إلى التعليم العمومي”.
جائحة كورونا، وخلافات الأسر والتعليم الخصوصي
وفسر المتخصص في مجال التربية والتكوين سببا آخر انضاف إلى هذه الأسباب هذه السنة وهو سبب موضوعي يكمن في جائحة كورونا، وما تلا ذلك من خلافات بين الأسر والتعليم الخصوصي، بسبب أولا عدم قدرة الآباء على أداء تكاليف التعليم الخصوصي بفعل التأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا، وبسبب عدم استيفاء دروس التعليم عن بعد التي كانت تقدم من طرف التعليم الخصوصي في أبسط الشروط البيداغوجية التي ينبغي أن تتوفر في هذا النوع من التعليم، حيث شعر مجموعة من الآباء بأن هذه الخدمة المقدمة من طرف التعليم الخصوصي لم تكن في المستوى المطلوب.
وبالتالي – يضيف المتحدث – لم يكن من المنطق وحتى من العدل مطالبة إدارة التعليم الخصوصي من الآباء الذين لم يستفيدوا من خدمة في المستوى بما يتعلق التعليم عن بعد بأداء مقابل هذه الخدمة التي في بعض المؤسسات لم تكن تؤدى أصلا أي لا يمكن أن نطلب من الآباء أداء هذه الخدمة، وهذا كان موضوع نزاع بين مؤسسات التعليم الخصوصي وبعض الأسر الشيء الذي أدى إلى نفور بعض الآباء من إدارة التعليم الخصوصي التي لم تتجاوب مع طلباتهم ففضلوا نقل أبنائهم إلى التعليم العمومي.
فرضية تفعيل القانون الإطار
وطرح ناجي سببا آخر لهذا الانتقال مفيدا أنه يبقى مجرد فرضية يحتاج إلى تأكيد وهو أنه منذ سنة ونصف المغرب في مرحلة تفعيل القانون الإطار للتعليم الذي يتضمن بمجموعة من المستجدات التي ستساهم إذا طبقت في تطوير المنظومة وتحسين جودتها، وبدأ منذ السنة الماضية في المرور إلى مرحلة التطبيق طبعا بوتيرة بطيئة لكن ربما على الأقل المفعول النفسي لدى الآباء لتطبيق الإصلاح الجديد هو أن المدرسة العمومية ممكن أن تنتقل إلى وضعية أفضل من الوضعية التي عليها، وبالتالي مجموعة من الآباء بدأوا يستعيدون الثقة في المدرسة العمومية ولو كانت هذه الثقة كما قلت كمفعول نفسي. ورغم ذلك يفسر لجوء بعض الآباء إلى التعليم العمومي بدل تسجيل أبنائهم في التعليم الخصوصي.
فرضية انتقال أساتذة الخصوصي إلى العمومي مع منهج التعاقد
ويستعرض الخبير التربوي سببا آخر قد يفسر هذا الانتقال من الخصوصي إلى العمومي وهو المنهج الذي اتخذته الحكومة منذ ثلاث سنوات في التعاقد مع الأساتذة، مجموعة منهم كانوا يدرسون في التعليم الخصوصي وانتقلوا بحكم هذا المنهج الجديد تعاقدوا مع الدولة أو بالأصح تعاقدوا مع الأكاديميات وبدأوا يشتغلون في التعليم العمومي وفي بعض مؤسسات التعليم الخصوصي، أثر هذا المعطى على إقبال الآباء على هذا النوع من المؤسسات، لأن أفضل الأساتذة ذهبوا إلى التعليم العمومي بعد التعاقد، وإن استمر بعضهم في تدريس مؤسسات التعليم الخاص إما بشكل رسمي من خلال الترخيص أو بشكل غير رسمي.
وأضاف ناجي في هذا الإطار “نحن نعلم أن مجموعة من الأساتذة يعملون في التعليم الخاص دون أن يحصلوا على رخصة من الأكاديميات وتصريح السيد الوزير في هذا الخصوص قال بأن حوالي 10 آلاف أستاذ من التعليم العمومي يدرسون في التعليم الخصوصي استنادا إلى الرخص التي تعطى من طرف الأكاديميات ولكن هناك أساتذة أعتقد أن عددهم غير يسير يدرسون في التعليم الخصوصي دون الحصول على رخصة من الجهات المختصة”.
تراجع مداخيل القطاع الخصوصي مع الجائحة
ويفيد عبد الناصر ناجي أنه دون الدخول في هذه التفاصيل فهذا المعطى الأخير ينبغي أيضا أخذه بعين الاعتبار لتفسير هذه الهجرة بين قوسين من التعليم الخصوصي إلى التعليم العمومي علما بأنه حسب تصريحات الوزير 68 مؤسسة للتعليم الخصوصي أغلقت أبوابها أو أفلست على الأصح وهذا طبعا راجع بالأساس إلى أن المداخيل التي كانت تعتمد عليها لم تعد تستطيع استخلاصها بحكم هذه الجائحة خصوصا.
ي.ف./الإصلاح