قواعد بسيطة تُسهم في ترشيد استهلاك الماء وحفظه (1)
إسهاما مني في الجهد المبذول لأجل توفير الحاجيات من الماء لأبناء الوطن على قدر المساواة، وفي حسن مواجهة هذه السنوات العجاف التي يمر بها الوطن، أخصص حلقات متتالية قصد بسط بعض القواعد والعادات البسيطة التي تُسهم في ترشيد الانتفاع من الماء الذي جعله الحق سبحانه أساس حياة كل الكائنات حين قال سبحانه: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء: 30]
القاعدة الأولى الماء قسمة بيننا والناس شركاء فيه:
هذه القاعدة تروم تحسيس الفرد بأن ما بحوزته من الماء – ولو أدى ثمنه وتكاليفه استخراجه- ليس ملكا خاصا له، بل هو نعمة متشتركة بين الناس، ولهم حق فيما فضل عن استعماله منها. وإن الوعي بهذه القاعدة يجعل الفرد محتاطا عند استعماله، لا يبذره ولا يُضيعه. روى ابن ماجه عن ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم -: ” الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ” وفي رواية أبي داود عن عَنْ رَجُلٍ مِنْ اَلصَّحَابَةِ – رضي الله عنه – قَالَ: – غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اَلنَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ : فِي اَلْكَلَأِ ، وَالْمَاءِ ، وَالنَّارِ –” وهذه الرواية أعم لأنها تجعل كل البشر شركاء في هذه الموارد التي بها قوام الحياة: الماء، الكلأ والنار…وهم شركاء أيضا في أمور أخرى من مثل الهواء والبيئة وغيرها. لكن الحديث أكد عن بعض الموارد المعرضة للنقضان، والتي يقع التشاح وربما التنازع حولها.
وقد وعت الدول اليوم هذه الحقيقة النبوية، فبسطت سيطرتها على كل الأحواض المائية، وألزمت الحصول على ترخيص خاص لأجل الانتفاع بها ولو كانت في حيز يمكله الفرد كالآبار مثلا. لكن الناس قد يلجؤون إلى الحيل قصد استهلاك ما بحوزتهم، وقد يبذرونه بغير وجه حق. وإن شعور المسلم بحقيقة الاشتراك في الماء وأن لأخوانه من أبناء الوطن، وللأجيال التي ستأتي أيضا نصيبا من المياه الظاهرة والجوفية يدفعه إلى عقلنة استعمال الماء، وإلى الابتعاد عن خصلة التبذير التي قال عنها الحق سبحانه: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26، 27]. – يتبع-
الحسين الموس