تقدير نعمة الأسرة عند أفرادها
حينما يقع الشقاق والنشوز والإعراض في الحياة الزوجية، يأتي خيار الحوار قصد ترتيب الصلح والتصالح بين الزوجين، قال الله تعالى: “وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ”النساء/128.
ويقع على عاتق الوسيطين تقدير الخلاف الذي يقع بين الزوجين، بحيث يتعين إعطاؤه حجمه الحقيقي، دون تهوين ولا تهويل، وكيفما كانت المبررات الحقيقية أو المتوهمة، لا بد للفرد أن يرجع إلى نفسه أولا، ويسائلها عن حقيقة تصرفه، والغايات التي تقف وراء ذلك، ويقارن كل ذلك مع بقية النعم والفضائل التي أكرمه الله تعالى بها، سيجد أن من بين النعم: نعمة الزوجية، والعلاقة الزوجية،
واللحظات الجميلة التي قضاها مع زوجه، وحجم البركة والتيسير الذي لقيه منذ زواجه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:”لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقًا رضي منها آخر” (رواه مسلم).
ومعنى هذا، أن الزوج أو الزوجة قد ينقم من زوجه شيئًا وهو غافل عن محاسن فيه، فليتبصر قبل أن يقدم على الطلاق، وإلا يشغل نفسه بالمقارنات مع غيره من الأزواج… فكل أسرة لها نصيبها من الأفراح والأتراح، وكل أسرة لها ربيع وخريف… لكن بالإيمان بقدر الله تعالى والرضاء بقسمته نستطيع أن نحول الأحزان إلى مسرات، والأتراح إلى أفراح، والخريف إلى ربيع… بل يشعر الذي يفكر في الطلاق والنزاع والشقاق بأن الله تعالى أكرمه بتلك التي يفكر في الانفصال عنها، (والعكس صحيح) وهذا يدعونا إلى أن نستحضر ما يقوله ربنا عز وجل: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ”الروم/21. فما خلقه الله وجعله سكنا لنا هو في جوهره وعمقه نعمة لا تضاهيها أية نعمة، حتى ولو أبصرت أعيننا خلاف ذلك.
د. صالح النشاط