ابراهمي يوجه عدة رسائل بمناسبة اليوم العالمي بدون تدخين ويستحضر دور الحركة المسهم في قيم الصلاح والإصلاح (حوار)
خلد العالم قبل أيام اليوم العالمي بدون تدخين والذي يوافق 31 ماي من كل سنة، واختارت وزارة الصحة المغربية إطلاق حملة وطنية لتشجيع الإقلاع عن التدخين وللتحسيس بمخاطره في انسجام تام مع الحملة العالمية الواسعة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية منذ 8 دجنبر 2020.
وأجرى موقع “الإصلاح” بهذه المناسبة حوارا مع الدكتور محمد ابراهمي؛ مسؤول قسم الدعوة لحركة التوحيد والإصلاح، وجه من خلالها عددا من الرسائل سواء بالنسبة للمدمنين على هذه المادة الفتاكة ودور الأسرة في مساعدتهم على الإقلاع وأدوار الفاعل المدني لحماية المجتمع من الإدمان.
كما كان الحوار فرصة لتسليط الضوء على الدور الذي تضطلع به الحركة في التحسيس بضرورة الوقاية من الإدمان خاصة مع حملة أطلقتها سابقا للوقاية من الإدمان ودور هذه المبادرات وغيرها في في تخليق الحياة العامة وأثرها في المجتمع.
أجرى الحوار لموقع الإصلاح: ي.ف.
بمناسبة اليوم العالمي بدون تدخين، ما هي الرسالة التي توجهونها للمدمنين على هذه المادة الفتاكة؟
بسم الله الرحمان الرحيم، أولا شكرا لموقع الحركة على هذه الفرصة للحديث في الموضوع، وكما يقول الفقهاء المناسبة شرط، وقد مر بنا هذه الأيام اليوم العالمي لمحاربة التدخين ( 31 ماي)، وهي مناسبة حددتها منظمة الصحة العالمية للتحسيس بأخطار هذه الآفة، فقد أكدت المنظمة أن التدخين وباء يسهم في وفاة ما يقارب ستة ملايين شخص سنوياً، منهم أكثر من 000 600 شخص من غير المدخنين الذين يموتون بسبب استنشاق الدخان بشكل غير مباشر. وإن لم تتخذ التدابير اللازمة كما تؤكد المنظمة فسيزهق هذا الوباء أرواح أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً حتى عام 2030. وأكدت المنظمة انه سيسجل حوالي 80% من هذه الوفيات في صفوف الأشخاص الذين يعيشون في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
وفي المغرب حسب مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، يقدر انتشار التدخين بنسبة 18%لدى المغاربة البالغين 15 سنة فما فوق، وبنسبة 41%تقريبا لدى الساكنة التي تتعرض للتدخين السلبي، ويعد المغرب أحد أكبر مستهلكي الدخان في المنطقة المتوسطية، حيث يستهلك ما يزيد عن 15 مليار سيجارة في العام.
ويدخن في بلدنا 31.5%من الرجال و3.3%من النساء، وأن 90 %من حالات سرطان الرئة ناجمة عن التدخين. كما أن التدخين يعد “مسؤولا عن 25%من حالات القصور التاجي، من ضمنها الجلطات القلبية.
فالرسالة واضحة لكل مدخن، رسالة تتحدث بها الأرقام التي تعلنها منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الرسمية الوطنية، ويكشف عنها الواقع الذي يعيشه المدخن ومحيطه، فالتدخين جريمة في حق النفس وفي حق أقارب المدخن، وفي حق المجتمع، بل وفي حق البيئة التي يعيش فيه المدخن، والإسلام حرم الإضرار بالنفس لقوله تعالى ” وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ” وقوله تعالى ” ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”
في نظركم ما هو الدور الذي يجب أن تضطلع به الأسرة لمساعدة المدمنين على الإقلاع عن التدخين؟
الأسرة المحضن الذي يتلقى فيه النشأ قيمهم الأولى، وهي مدرسة للتنشئة والتربية على القيم والعادات الصحية والأخلاقية السليمة، فالأبوان والمحيط الأسري مصدر أساس للوقاية من الآفات التي قد يتعرض لها الأطفال والشباب، ووعي الأسر بالمخاطر التي تحيط بأبنائهم من إدمان وغيره ضروري للوقاية منها، ومطلوب من الأسر ترسيخ الوعي بمخاطر الإدمان بشتى أشكاله لدى أبنائهم، واعتماد الحوار والتحسيس والمصاحبة وغيرها من الطرق التربوية المختلفة لبناء مناعة وممانعة ذاتية لدى أبنائهم تحميهم وتقيهم مخاطر الإدمان وتبعاته.
ما هي في نظركم الأدوار التي يمكن أن يلعبها الفاعل المدني لحماية المجتمع من هذه الآفة؟
المجتمع المدني بمختلف مكوناته شريك أساس للأسرة وباقي مؤسسات التنشئة في التحسيس بمخاطر التدخين وفي وقاية الشباب منه، وفي الحد من انتشاره، وفي مدافعة أسبابه، وفي الترافع للتقليل من مخاطره أو الحد منها، إذ له إمكانات تواصلية وتأطيرية وترافعية متنوعة، وهي مهمة من مهامه التي قد تنعدم أو تتعذر عند الأسر وباقي الفاعلين في المجتمع، فدوره لا يقل أهمية عن دور الأسرة في التربية والتنشئة على القيم والعادات الصحية والأخلاقية السليمة، سواء من خلال الحملات التحسيسية، أو الدورات التكوينية، أو المصاحبة والإنصات والتوسط، أو التظاهرات الثقافية والرياضية.. أو الترافع القانوني للضغط على أصحاب القرار لتفعيل القوانين المنصوص عليها في تجريم التدخين بالأماكن العمومية، وتجريم الإشهار له بطرق مباشرة وغير مباشرة من خلال وسائل الإعلام العمومي وغيره، فضلا عن تشريع المزيد من القوانين الوقائية التي تحمي الأطفال والشباب من التعرض لهذه الآفة في محيطهم المدرسي والأسري والمجتمعي عموما.
سبق لحركة التوحيد والإصلاح أن أطلقت في وقت سابق حملة للوقاية من الإدمان، ما هو انطباعكم حول هذه المبادرة وباقي المبادرات في تخليق الحياة العامة وأثرها في المجتمع؟
الحركة مكون من مكونات الحقل الدعوي والمدني في المغرب، قامت بعدد من المبادرات التحسيسية للحد من مخاطر الإدمان على المخدرات عموما والتدخين جزء منها، وقد اعتمدت آليات تواصلية متنوعة، رقمية ومباشرة، في مختلف جهات المملكة، ونادت بضرورة تحمل الجهات المسؤولة مسؤوليتها في متابعة من يسهم في انتشار هذه الآفة ويروج لها، خاصة وأن المعطيات تؤكد انتشار ظاهرة الإدمان على المخدرات عموما وخصوصا في صفوف الشباب الذي أصبح المستهدف الأول لمروجي المخدرات بكل أنواعها، فقد جاء في تقرير سابق للمرصد الوطني للمخدرات والإدمان، أن نسبة مستعملي المخدرات باستثناء التبغ تتراوح ما بين 4 و 5 % في صفوف الساكنة الراشدة، أي ما لا يقل عن 800 ألف شخص. و95% من هؤلاء أي حوالي 750 ألف شخص يتعاطون مادة القنب الهندي، وتلميذ بالثانوي من أصل خمسة سبق له تدخين سجارة، وأن واحد من أصل عشرة تعاطى القنب الهندي، ونصف تلاميذ الثانويات يعتبرون تعاطي المخدرات أمرا عاديا، وأن تلميذا من أصل ثلاث بالثانوي تلقى عرضا بتناول مخدر قرب المؤسسة التعليمية..،
فالحركة انطلاقا من دورها في الإسهام في ترسيخ قيم الصلاح والإصلاح، ومدافعة القيم السلبية الغريبة عن هوية المجتمع المغربي وأخلاقه، والمدمرة لمؤسساته وقيم شبابه، والمهددة لمستقبل الوطن وتنميته مقوماته، أطلقت هذه الحملات والمبادرات للتحسيس بخطورة الظاهرة، وذلك للمساهمة في التأسيس لرأي عام ممانع ومناهض لهذه الظاهرة المعطلة لقدرات شبابنا وطاقته، والمدمرة لعناصر القوة في المجتمع، والمهددة لسلامته واستقراره ونهضته وتنميته، وقد حققت في ذلك إنجازات مقدرة بمعية شركائها، لكنها تبقى محدودة مقارنة بامتدادات الظاهرة والمخاطر الناتجة عنها.