“طوفان الأقصى” فضح مخططات الاحتلال الإسرائيلي وأعاد الروح للقضية الفلسطينية

 بعد غد الأحد تكون جرائم الاحتلال الإسرائيلي وإبادته الجماعية لأهل غزة  قد استمرت لسنة كاملة، ووسع الاحتلال  دائرة جرائمه لتطال الضفة الغربية والقدس و الشعب اللبناني، بعدما عجز المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية الأممية عن إيقاف تغول كيان الاحتلال على المنطقة بكاملها.

وبهذا اتضحت الصورة لكثير ممن غلَّف الوهم نظرتهم وقراءتهم لمايجري، وزالت الغشاوة عن أعينهم -أو هكذا يفترض- وظهر جليا أن جرائم الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني، لم يكن مجرد رد فعل على عملية طوفان الأقصى يوم 7أكتوبر 2023، بل إن الكيان كان بصدد وضع اللمسات الأخيرة على استراتيجية تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها بدعم وضغط غربي، وضعف وتخاذل من النظام العربي والإسلامي.

حكومة الكيان الإسرائيلي الحالية أكثر تطرفا وصهيونية من سابقاتها؛ لا تؤمن بحل الدولتين ولا بحق الفلسطينيين في أي شيء، وتخطط لرتحيلهم وتهجيرهم على دفعات خارج وطنهم إلى مصر والأردن كمرحلة أولية، وما عدا هذا فهو مجرد هراء وضحك على الدقون، وأبرز مؤشر على ذلك تصويت برلمان الكيان (الكنيسيت) بالإجماع قبل شهرين على رفض حل الدوليتن، والاعتداءات التي طالت القدس والمسجد الأقصى خلال هذه السنة بزعامة وزير في الحكومة المدعو ابن غفير، وغيرها من المؤشرات التي لا تخطئها عين المراقب والمتابع.

ومما شجع الكيان على المضي في مخططه؛ الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي من عدد من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تبيع للعالم العربي والإسلامي الكلام الدبلوماسي، وتقدم للكيان الدعم المادي والعسكري والبشري، ولايهمهم شلال الدماء الذي يهرق في فلسطين بدليل الترحيب الكبير الذي قوبل به المجرم نتنياهو في الكونغريس، وإعطائه فرصة الخطاب والتصفيق له عشرات المرات.. لقد كانت التصفيقات مباركة لإبادة الشعب الفلسطيني واغتصاب حقوقه.

كيان الاحتلال الإسرائيلي واصل جرائمه استنادا إلى ذلك الدعم، الذي عطَّل قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، ومارس ضغوطا على محكمة العدل الدولية والجنائية الدولية بطرق مختلفة. أما الدول العربية والإسلامية فلم تترجم إداناتها واستنكاراتها لقرارات حقيقية يمكن أن تردع الاحتلال وتزجره.

 أصوات الشعوب العربية والإسلامية واحتجاجاتها ومظاهراتها لم تكن بنفس الزخم والقوة، فهناك شعوب واصلت الاحتجاجات والوقفات ضد مايجري من عدوان على غزة كالشعب المغربي، وهناك شعوب منعت من التظاهر وضيق فيها على فعاليات الاحتجاج بالزخم الذي تقتضيه إبادة جماعية ضد شعب عربي مسلم على أرض فيها مقدسات إسلامية.

وبالمقابل رأينا حركة احتجاجات مستمرة في عدد من الدول الغربية، فضلا عن الحراك الكبير الذي عرفته وماتزال جامعات غربية في الولايات المتحدة وأوروبا؛ فانتفضت  قلوب تنبض بالرحمة و رفض الظلم، وتحرك الأحرار من ربقة الصهينة في الغرب  بكل آلياتها السياسية والإعلامية.

لقد دفعت بشاعة الإبادة الجماعية، وصمود الشعب الفلسطيني في غزة، ورفض أهلها مغادرة أرضهم رغم بشاعة إجرام الاحتلال كثيرين لمراجعة موقفهم من الصراع في الشرق الأوسط، ومساءلة السردية الصهيونية بعدما رأوا بأم عينهم سردية الشعب الفلسطيني يكتبها بالدم ويرويها بتضحيات جسام.

كما عبّر عدد من الإعلاميين والمفكرين والمثقفين والسياسيين في الغرب، وكثير من النشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك فنانين  عن مواقف داعمة للشعب الفلسطيني وسعيه للتحرر من الاحتلال، ومنهم من كلفه ذلك فقدان وظيفته وتضييق على مصدر رزقه وتعرض للتهديد وغير ذلك، والمحصلة باختصار أن السردية الصهيونية باتت محل نقد وشك.

لقد كشف كيان الاحتلال عن وجهه الإجرامي الحقيقي، وانكشفت حقيقة أسطوانة “الدولة” الديمقراطية، الحريصة على حقوق الإنسان والسلام و”الدولة” التي يراد لها أن تكون “نموذج” في الشرق الأوسط، والحال أنها حصان طروادة للغرب داخل العالم العربي والإسلامي..

و بات واضحا اليوم بعد عام من مجازر كيان الاحتلال في غزة والعداون على الضفة الغربية وانتهاكات الصهاينة للأقصى، أن غزة ما هي إلا بداية وأن القادم أسوأ بكثير، فعين الكيان على الضفة الغربية، ثم القدس وطرد وترحيل الفلسطينيين إلى مصر والأردن كمرحلة من مراحل استراتيجية “إسرائيل الكبرى” وتنصيبها سيدة على الشرق الأوسط ووكيل أعمال الغرب فيه.

وفي هذا السياق، اتضح  أن كيان الاحتلال ماهو إلا مجرد “دولة وظيفية” – وصف عبد الوهاب مسيري وغيره- و رأس حربة الغرب في قلب العالم الإسلامي، وهو مايفسر ذلك الفزع الذي حصل في بعد السابع من أكتوبر 2023، ومسارعة رؤساء دول لزيارة الكيان، وإعلان الدعم الكامل الشامل لعدوانه على الشعب الفلسطيني بدعوى الدفاع عن نفسها ضدا على كل الشرائع السماوية والقوانين والمواثيق الدولية التي تعتبر المقاومة الاحتلال حق شرعي للشعوب، خاصة ضد كيان لا يحترم عهودا ولا اتفاقات بل يمزقها في عقر دارها كما فعل وزير خارجيتها بمقر الأمم المتحدة وأمام العالم.

وبناء على ما سبق فكل العالم العربي والإسلامي معني بمايجري في غزة، ووضع حد لجرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي.. فلدى الكيان مشروع لا يقتصر فقط على التهام قطاع غزة وكل أرض فلسطين، بل التهام دول في محيطها لتحقيق حلم “إسرائيل الكبرى”.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى