الأردن.. ماذا وراء انتقاد “العمل الإسلامي” لتشكيلة حكومة حسان؟
أثار انتقاد حزب جبهة العمل الإسلامي لتشكيلة حكومة الأردن الجديدة برئاسة جعفر حسان، جملة من التساؤلات فيما إذا كان استعجالا بالحكم أم محاولة لفرض دور، لا سيما مع حصول الحزب على أعلى المقاعد في برلمانيات 2024، بـ 31 من أصل 138.
واعتبر الحزب أن تشكيلة حكومة حسان، واحتفاظه بـ14 وزيرا من حكومة سابقه أقرب ما يكون إلى “تعديل وزاري”، يكرس استمرار نهج تشكيل الحكومات السابقة، و” لا يتوافق مع الحديث عن التحديث السياسي ولا يتلاءم مع المزاج العام الشعبي الذي كان يتطلع لمرحلة جديدة من تشكيل الحكومات على أساس الكفاءة والقدرة على معالجة ما تسببت به الحكومات السابقة من أزمات في مختلف القطاعات”.
وأشار الحزب في بيانه إلى أنه “كان من المأمول أن تصل الرسالة التي عبر عنها الشارع الأردني من خلال نتائج الانتخابات النيابية بضرورة تغيير النهج القائم في إدارة مؤسسات الدولة، والتأسيس الحقيقي لمرحلة التحديث السياسي عبر إجراء مشاورات نيابية حول شخص رئيس الوزراء ابتداءً ووصولاً للتشكيلة الحكومية، وأن لا تكون المشاورات التي قام بها رئيس الوزراء المكلف شكلية”.
ويرى مراقبون أن انتقاد الحزب لتشكيلة الحكومة الجديدة يدلل على “استعجال” المواجهة، ومؤشر على خلافات قادمة، وتحديدا تجاه القضايا التي يعتبرها الإسلاميون مساسا بالأمن الوطني من قبيل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل ومطالباتهم المستمرة بإلغائها، وبخاصة اتفاقتي السلام عام 1994، والغاز عام 2016.
بيئة تتوافق ودور المعارضة
يرى الخبير في الشؤون البرلمانية، هايل ودعان الدعجة أ، “الاعتراض على تشكيلة الحكومة لم يقتصر على نواب حزب جبهة العمل الاسلامي في مجلس النواب العشرين وكما هو متوقع، إنما شمل مختلف مكونات المجتمع الأردني، بما في ذلك بعض نواب الأحزاب الأخرى في المجلس”.
وأشار إلى أن ذلك “ترافق مع قرار حكومة بشر الخصاونة السابقة قبل رحيلها بأيام، برفع الضريبة على السيارات الكهربائية بنسب تصاعدية ورفع أسعار السجائر”، مضيفا ” أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الأردن، كارتفاع نسب الفقر والبطالة والمديونية وتراجع نسبة النمو الاقتصادي وارتفاع الأسعار ومستوى معيشة المواطن”.
واعتبر الدعجة أن كل المعطيات السابقة “تشكل بيئة تتوافق ودور المعارضة الذي اعتادت الجبهة (العمل الإسلامي) على ممارسته حتى خارج البرلمان، بما يمثل فرصة مناسبة بالنسبة لنوابها لمخاطبة قواعدها الشعبية بتماهيها مع توجهاتهم التي انتخبوا على أساسها، والتي تعكس حالة من عدم الرضا عن السياسات والقرارات الرسمية والحكومية كما هي العادة”.
وأوضح أن ذلك “يأتي ذلك مع اقتراب موعد انعقاد الدورة العادية الأولى للمجلس الجديد، التي دائما ما يغلف مواقف النواب الجدد فيها وكلماتهم الخطابات والشعارات الحماسية ذات النبرة العالية، كوسيلة للتعريف بأنفسهم ومخاطبتهم لقواعدهم الانتخابية بأنهم أهلاً لثقتهم، الأمر الذي يمكن أن يستغله نواب جبهة العمل الإسلامي أكثر من غيرهم من النواب في هذا المجال”.
وقال الدعجة : “رغم هذه الأجواء التي تتوافق وخطاب المعارضة الذي اعتاد عليه نواب العمل الإسلامي، ورغم النتائج اللافتة التي حققها في الانتخابات الأخيرة (…) إلا أن هذا لا يعني أن تأثيرهم سيصل إلى المستوى الذي يجعلهم قادرين على تعطيل سياسات الحكومة وقراراتها والقوانين والتشريعات التي تسعى لتمريرها “.
وأرجع ذلك إلى أن “غالبية الأحزاب الأخرى التي فازت بمقاعد نيابية بعدد لافت أيضا، تنتمي إلى تيار الوسط وتوجد بينها الكثير من الأفكار والتوجهات والقواسم المشتركة التي غالبا ما تصب أو تميل لصالح الحكومات، التي تعتمد عليها في تمرير برامجها وسياساتها، بما فيها الحكومة الحالية، بطريقة ستضعف من تأثير جبهة العمل الإسلامي تحت قبة البرلمان” .
تكتيك سياسي
ويعتقد مدير مركز “راصد” غير الحكومي المعني بالرقابة على الانتخابات وأداء الحكومة والبرلمان، عامر بني عامر، أن انتقاد حزب جبهة العمل الإسلامي لتشكيلة جعفر “فرضا للأدوار وتكتيكا سياسي”.
و قال بني عامر: “باعتقادي أن الحركة الإسلامية تريد إرسال رسالة أنها لم تكن جزءاً من التحضير لهذه الحكومة أو الإعداد لها، وأنها ليست مسؤولة عن مخرجاتها”، معتبرا أنها “رسالة مبكرة للشارع وللقواعد الشعبية التي حصلت على أصواتها خلال البرلمانيات، بأنها لن تمنح ثقة وتؤيد وتعطي شيء بالمجان”.
وزاد بأن “الحركة الإسلامية تريد أيضا أن تظهر بالصوت المعارض؛ لأنها وصلت إلى البرلمان على هذا الأساس”، مشيرا إلى أن”الحكومة لن تكون قادرة على إرضاء الجميع، ويتضح ذلك من خلال شكل التشكيلة الوزارية التي اختارت من خلالها إمكانية تحقيق تحالفات في البرلمان تحقق لها ثقة مريحة”.
وتوقع بني عامر أن “تظهر أصوات معارضة أخرى إلى جانب الحركة الإسلامية في البرلمان”، مستبعدا المواجهة بين الحكومة والإسلاميين فيما يتعلق باتفاقيات بلادهم مع إسرائيل، لأن الإسلاميين يعلمون أن بدائل الأردن محدودة.
عن وكالة الأناضول بتصرف