الإعلام وفقه الأولويات – عبد الحق لمهى

أصبح غير خاف على أحد من العقلاء ما للإعلام من دور هام في حياة الإنسان اليوم، حتى أنه صار يؤدي كل وظيفة محمودة كانت أو مذمومة، نافعة أو ضارة، بحسب توظيف الانسان لهذه الوسيلة الإعلامية.

ويعتبر فقه الأولويات أحد العلوم النابعة من نصوص الشريعة الإسلامية قرآنا وسنة، كما تجسد عملا في سيرة النبي عليه السلام، وما من شك في أن أصحاب الرسول عليه السلام عملوا به تأسيا به عليه السلام، ويبقى التأسي به عليه السلام مطلوبا إلى يوم الدين.

في هذا الصدد كتب وألف علماء في هذا المجال في هذا الفقه، من هؤلاء العلامة يوسف القرضاوي في كتابه فقه الأولويات[1]، تناول فيه هذا الموضوع بشكل أوسع ,اكثر تفصيلا، ومما ذكره في هذا الباب، أولوية العمل المتعدي النفع ، على العمل القاصر النفع ، وغيرها من أبواب فقه الأولويات التي توقف عندها المؤلف.

لست أقصد تفصيل الكلام في المفهومين الأساسيينوهما: الإعلام وفقه الأولويات، وإنما الغرض الوقوف على كيفية استثمار فقه الأولويات لترشيد الاعلام، وكيف يمكن تنزيل فقه الأولويات في السياق الإعلامي، وكل ذلك ممكن وواقعي ومطلوب محتاج إليه في واقعنا الحالي.

لابد من التنبيه على قصديبالإعلام هنا، هو تلك الوسائل التي توظف في الإخبار والتوعية والتحسيس مما هو في أيدي المسلمين بالتحديد، فهم المخاطبون بهذا المقال، ذلك أن فقه الأولويات إنما هو من الدين والكلام هنا مع من كان مرجعه في عمله الإعلامي الدين الإسلامي الحنيف.

لفهم دواعي الحديث عن الموضوع، تجدر الإشارة إلى أن جزء من  الإعلام يشتغل وفق قواعد معينة  ـ لا أجزم  ـ فيما إذا كانت تستند إلى هذه الفقه او لا تستند، ولكن الواقع ينبأ عن وجود منابر واتجاهات إعلامية تسير وفق منحى واحد ، وهو تتبع “الفضائح” في كل ميدان ونشرها ، كأنما القصد من ذلك  “النهي عن المنكر”، وهذا مؤشر من المؤشرات الدالة على غياب فقه الأولويات عند هذه الاتجاهات، إذا على الأقل يطلب منها إحداث موازنة بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك أن ثمة اتجاهات أخرى تسير وفق منهجية تقوم على ” الامر بالمعروف ” والتعريف به.

إذا فُهمت بعض تلك الدواعي، أمكن الانتقال إلى بيت القصيد من هذا المقال، وهو الدعوة إلى الانتباه والوقوف عند فقه الأولويات وتبيُّن محاوره، بما هو علم يحاول إحداث حالة من التوازن بين مختلف المطالب الشرعية، والغاية من ذلك كله الاستفادة منه من أجل إحداث تغيير نوعي وتسديد في العمل الإعلامي حتى يكون أكثر نفعا وفائدة فيما يقدمه من المنتجات.

تأسيسا على ما سبق يمكن استخلاص مجموعة من القواعد:

ـ حاجة الإعلام إلى فقه الأولويات خاصة في وقتنا الحالي، الذي غاب فيه عن البعض كل ارتباط بقيم الدين وتعاليمه في نقل الأخبار، وإنتاج المادة الإعلامية.

ـ فقه الأولويات من الوثائق المرجعية التي يحتاج إليها الإعلام اليوم، فهو وثيقة مهمة تؤطر وتوجه البرامج والمخططات الإعلامية.

ـ مادة فقه الأولويات من المواد الرئيسية التي يمكن إدراجها ضمن البرامج التكوينية الإعلامية، الموجهة للمؤسسات الإعلامية بجميع مكوناتها، ومنهاالأطر الإعلامية التي تعد عنصرا أساسا في تفعيل العمل الإعلامي.

 

***

[1]ـ ينظر كتاب في فقه الأولويات دراسة جديدة في ضوء القرآن والسنة، للدكتور يوسف القرضاوي.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى