بنكراد ينقل في إصداره الجديد قصص القرآن من التاريخ إلى عوامل الرمز
ينبش المفكر المغربي الدكتور سعيد بنكراد حكايته مع النص القرآني والحكايات القرآنية وذلك في سياق تقديم كتابه الجديد “السرد الديني والتجربة الوجودية” مساء أمس الأربعاء بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.
وبدأت قصة بنكراد مع قصص القرآن منذ الصغر وأول كتاب رآه في حياته هو القرآن وكان المصحف متداول بشكل كبير في بيته. وبحكم انتمائه لعائلة تعود أصولها للشرفاء الأدارسة عرفت بين أبنائها حفظ القرآن كاملا لغاية أنه كانت هناك كفاية داخلية من القراء والغسالين وكل ما يتطلب.
وأولى الحكايات الأولى التي سمعها في حياته كانت مستوحاة من النص القرآني خاصة في الحياة التي ستأتي فيما بعد الآخرة، قصص الجنة والنار، بحيث كانت الغلبة لقصص الجنة.
وبدأ مع الوقت يفهم أن هذه القصص بالذات تحتاج إلى قراءة أخرى لا تلغي القراءات الموجودة ولا تفقدها ولكنها تنظر إليها من زاوية أخرى.
ويتابع الكاتب والمترجم المغربي سعيد بنكراد في تقديم كتابه الصادر ضمن منشورات المركز الثقافي للكتاب، أن الزاوية هاته انبنت أساسا في تصوره واعتقاده هي أنه يجب أن ننتشل هذه القصص القرآنية من التاريخ لكي نسكنها عوامل الرمز ولأنها ستسكن عوامل الرمز سيكون تأثيرها أقوى وذاكرتها أوسع وربما تصبح مرجعيتها أقوى بكثير.
واستحضر في ذلك مثال قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام التي حاول أن يترك قصة سيدنا إبراهيم التاريخ وأن يبحث في ذاكرة النص القرآني عن سيدنا إبراهيم آخر، ليس إلا جزء من رحلة الكائن البشري على الأرض من خلال فكرة التأمل والمحاولة.
وأكثر من ذلك جعلت من إبراهيم عليه السلام ليس إنسانا يمكن أن نتداول في شأن سيرته ولكنه يمثل كل ما يمكن أن يستوعبه الكائن البشري من قلق هو الذي قاده إلى أن يبحث في المرئي على أشياء لا ترى، اي يبحث في المرئي في الأرض عن إله لا يمكن أن يرى، لأن الذي يتغير ويتعدل لا يمكن أن يكون جديرا بالعبادة.
وفي الوقت ذاته الذي يتساءل هذه الأسئلة الوجودية كان هناك المعادي له في الأرض نمرود الذي يرى أن كل تشكيك له في الاصنام هو تشكيك في عبادة الآلهة المزيفة. حيث لم يكن نمرود إلها ولكن آلهة مزيفة، وفيما تسمى بالمعرفة المزيفة.
ويوضح بنكراد في هذه النقطة ان كلمة مزيف لا توحي بأنه رديء لكنه رمز لتجل آخر يزهر في المحسوس والمقصود بذلك أن ذاكرة الكائن البشري لم تستوعب محيطها باستمرار في شكل مفاهيم مجردة، بل أسقط الكثير من الحكايات لتكون حاضنة لقلقه، فلذلك بول ريكاردو يتحدث عن المعرفة المزيفة فيما يعرف بالحدث المرئي من خلال الحكي والسرد.
ويخلص في هذا الجانب، أن القراءة الحرفية مرتبطة بالحدث أما التأويل فيبحث في الحدث عن ظلاله الرمزية وظلاله الاستعارية وهو ذا السبيل الوحيد الذي يمكننا أن نخلص الحدث الذي تاريخيته فيه نقاش طويل جدا يعني هناك من لا يعترف لا بوجود إبراهيم ولا أي شيء آخر وهؤلاء لا يعنيه على الإطلاق، وما يعنيه أن إبراهيم كان موجودا ليس في التاريخ فقط ولكن في الذاكرة الرمزية للكائن البشري.
موقع الإصلاح