مسيرة مكناس الشعبية.. مواقف أصيلة وآمال عريضة – عبدالهادي باباخويا

تشرفت يوم الأحد 5 ماي 2024 مدينة مكناس المجاهدة، باحتضان مسيرة وطنية حاشدة، للتضامن والدعم والمساندة لإخواننا في غزة وكل فلسطين، ضد العدوان الهمجي والحصار الصليبي والخذلان العربي..

وعرفت المسيرة حضورا حاشدا من الساكنة المكناسية بانتماءاتها المدنية المتنوعة، ووفود من مواطنين حجوا من مدن مغربية مختلفة. كما حضرت شخصيات وطنية وازنة، وفعاليات نضالية ورموز تاريخية، جعلت من هذه المحطة التضامنية فرصة للتعبير عن مواقف الشعب المغربي الأصيلة من القضية الفلسطينية ومن معركة طوفان الأقصى، ومناسبة للتأكيد على خطورة بعض الاختيارات اللاشعبية التي اتخذتها الدولة المغربية، من قبيل التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، الذي أصبح وصمة عار في جبين الأنظمة المطبعة، وذكرى بئيسة في تاريخ المهرولين نحو الكيان الصهيوني..

مسيرة مكناس الشعبية لها ما بعدها، بما حققته من نتائج إيجابية على الحس النضالي للشعب المغربي عامة وللساكنة المكناسية بشكل خاص، ومن تجديد لرصيد الوعي الجمعي بهذه القضية الوطنية والدينية والإنسانية، والأهم هو الأمل الذي وفرته لنخبة العمل الوطني والإسلامي، من زخم فكري واستعداد نفسي وتوافق ثقافي على مشروع مقاومة الهيمنة الصهيونية وحليفها المعسكر الصليبي، وتوق عميق للإنخراط في مشاريع نهضوية أصيلة..

إشارات دالة في الحضور والتنظيم والشعارات وكلمات اللجنة المنظمة لهذه المسيرة الشعبية، على أن موجة جديدة تسري في شرايين الأمة، هي في حاجة إلى احتضان وتوجيه وترشيد.. وتلقي على نخبة المجتمع المغربي، مسؤولية مواكبة التغيرات التي تحدث في العالم منذ أكثر من ستة أشهر، خاصة الإنتفاضة الطلابية في بعض الجامعات الغربية، وانتصارها للحق الفلسطيني ورفضها للسردية الصهيونية، التي ترى “إسرائيل دولة ضحية ومظلومة في محيط من الأعداء”، ومن ثم مقاومتها للدعم الغربي للكيان الغاصب.

هذه التحولات العميقة التي أفرزتها “معركة طوفان الأقصى”، تفتح للقوى الحية في المجتمع المغربي، إمكانية “إحياء فكر تحرير الإنسان”، سواء من الغزو الغربي بثقافته الدخيلة ومرجعيته المادية المدمرة للإنسان والطبيعة، أو من الهيمنة الصليبية بقيادة الصهيونية العالمية وترتيباتها الإستعمارية الجديدة للعالم ولمنطقتنا العربية والإسلامية.. فتحرير الإنسان يساهم بقوة في تحرير الأرض، ويسرع من وتيرة استعادة الحق وتدشين معركة البناء الحضاري بطابعها العمراني الإسلامي..