محكمة العدل الأوربية تصدر قرارا بحظر ارتداء الحجاب في أماكن العمل العامة
قضت محكمة العدل الأوربية الثلاثاء الماضي بأنه من الممكن أن تقوم المكاتب الحكومية داخل الاتحاد الأوربي بمنع الموظفات من ارتداء الحجاب في ظل ظروف معينة بمنع الموظفين من ارتداء علامات تشير إلى المعتقد الديني مثل الحجاب الإسلامي في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ويعد الحجاب قضية مثيرة للجدل في أوروبا لسنوات، و عادت القضية إلى المحاكم مرة أخرى في بلجيكا، بعد أن أبلغت موظفة في بلدية آنس الشرقية أنها لا تستطيع ارتداء الحجاب أثناء العمل. وقال محامو المرأة، التي تؤدي واجباتها كرئيسة للمكتب في المقام الأول دون أن تكون على اتصال بمستخدمي الخدمة العامة، إن حقها في حرية الدين قد انتهك.
وغيرت بلدية آنس شروط التوظيف لتشترط على العاملين فيها مراعاة الحياد التام من خلال عدم ارتداء أي علامات واضحة تدل على معتقد ديني أو أيديولوجي بعد أن طلب من المرأة عدم ارتداء الحجاب.
وقالت محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي (CJEU) إن السلطات في الدول الأعضاء لديها هامش من السلطة التقديرية في تصميم حياد الخدمة العامة التي تعتزم تعزيزها. ومع ذلك، يجب متابعة هذا الهدف “بطريقة متسقة و منهجية” و يجب أن تقتصر التدابير على ما هو ضروري للغاية. و يتعين على المحكمة الوطنية التحقق من استيفاء هذه المتطلبات.
وحكمت محكمة العدل الأوروبية لأول مرة بشأن ارتداء النساء للحجاب في عام 2017، عندما وجدت محكمة لوكسمبورغ أنه يمكن حظر هذه الملابس، و لكن فقط كجزء من سياسة عامة تحظر جميع الرموز الدينية و السياسية. كما نص الحكم على أنه لا يمكن للعملاء ببساطة أن يطلبوا من العاملات إزالة الحجاب إذا لم يكن لدى الشركة التي يعملون بها سياسة تحظر الرموز الدينية.
ورحب الساسة اليمينيون في مختلف أنحاء أوروبا بالحكم الذي طال انتظاره، و الذي ظهرت عواقبه في الانتخابات التي جرت في هولندا و فرنسا، أثناء السباق لخلافة الرئيس السابق فرانسوا هولاند. تم حظر الحجاب في المدارس التي تديرها الدولة في فرنسا منذ عام 2004. كما يحظر أيضا ارتداء أغطية الوجه مثل البرقع.
وحكمت المحكمة لصالح حظر الحجاب في عدد من المناسبات منذ ذلك الحين. و في عام 2021، أسقطت قضايا رفعتها امرأتان ألمانيتان مسلمتان، و عاملة رعاية أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة و مساعدة مبيعات في صيدلية، و طلب منهما خلع الحجاب بعد أن قررتا ارتداء الملابس عند عودتهما إلى العمل بعد إجازة الأبوة.
و قالت المحكمة في قرارها إن الحظر على الرموز الدينية و السياسية يمكن تبريره “برغبة صاحب العمل في اتباع سياسة الحياد السياسي و الفلسفي و الديني تجاه عملائه أو مستخدميه، من أجل مراعاة رغباتهم المشروعة”.
و وصف النقاد الحظر بأنه اعتداء على الحريات الدينية التي تؤثر في الغالب على النساء. و قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، و هي منظمة غير حكومية، إن الحظر على الملابس و الرموز الدينية للمدرسين و غيرهم من موظفي الخدمة المدنية في ألمانيا دفع بعض النساء المسلمات إلى التخلي عن مهنة التدريس.
و في الوقت نفسه، أدى الحظر على تغطية الوجه في فرنسا إلى فرض غرامات على ما يقرب من 600 امرأة مسلمة في أقل من ثلاث سنوات، كما أدى القانون الفرنسي لعام 2004 الذي يحظر ارتداء الحجاب في المدارس إلى منع بعض الفتيات المسلمات من إكمال دراستهن.
وعلى عكس باقي البلدان في الاتحاد الأوربي، تختط المملكة المتحدة -التي سحبت عضويتها من منطقة اليورو- لنفسها مسارا متفردا في التعامل مع الأقلية المسلمة بصفة عامة والمرأة المحجبة بوجه خاص، ما يجعل أي مقارنة بين وضع المرأة المسلمة في بريطانيا ووضعها في دول أخرى مثل فرنسا على سبيل المثال، تقود لاعتبار بريطانيا نموذجا متقدما في التعامل مع مسألة الحجاب.
وحققت المرأة المحجبة في بريطانيا خطوات مهمة في الوصول لمراكز ووظائف سامية، كان آخرها نجاح المواطنة البريطانية المسلمة رافيا أرشد في تقلد منصب قاضية كأول سيدة محجبة تصل لهذا المنصب، لتضاف مهنة القضاء لقائمة من المهن التي نجحت المرأة المحجبة في الوصول إليها، كما هي الحال بالنسبة لمنصب عمدة مدينة، والعمل في جهاز الشرطة والأمن.
مواقع إعلامية