الحرب على الثوابت في ذكرى انتفاضة الأقصى – إياد القرا
شكل المسجد الأقصى على مدار التاريخ الفلسطيني بؤرة الأحداث، ومنبع الثورات، خاصة خلال القرن الماضي، وبؤرة الصراع في وجه المحاولات الصهيونية للسيطرة عليه، وتهويده، عبر حملات متوالية من التدنيس والاعتداء، وخلالها قاوم الفلسطيني المحاولات الصهيونية، فكانت ثورة البراق والثورة الكبرى، وهبة الأقصى، وانتفاضة الأقصى، وانتفاضة القدس، ومعركة البوابات ومعركة باب الرحمة وباب السلسلة، وأشهرها حديثًا، معركة سيف القدس، وبينهم الكثير من المواجهات التي تصدى فيها الفلسطينيون لمخططات الاحتلال لتهويد المدينة المقدسة.
ففي مثل هذه الأيام اندلعت الانتفاضة، الأكثر شهرة منذ احتلال المدينة المقدسة، بتاريخ 28/9/2000، كانت الشرارة للانتفاضة الشعبية الفلسطينية في وجه الاحتلال احتجاجا ومقاومة زيارة الوزير المتطرف في حينه ارئيل شارون، الذي اقتحم المسجد الأقصى، بحماية من جيش الاحتلال، فكانت الهبة التي لم يتوقعها الاحتلال في حينه، وأشعلت الأراضي الفلسطينية جميًعا لهيب في وجه الاحتلال، فكانت الانتفاضة الشعبية التي جمعت بين استخدام المقاومة السلمية عبر الحجارة والتظاهرات وبين المقاومة المسلحة التي استخدم فيها الفلسطينيون الأسلحة والعبوات، ثم القذائف والصواريخ، والعمليات الاستشهادية في وجه الاحتلال ومستوطنيه، وبفضلها تمكنت المقاومة من إجبار الاحتلال على الانسحاب من غزة، وبعض المستوطنات من شمال الضفة الغربية.
المسجد الأقصى محور تلك الانتفاضة، وأسس بعد سنوات لاندلاع انتفاضة القدس التي شهدت تنفيذ مئات العمليات الفردية ضد الاحتلال الإسرائيلي، في عام 2015، بعد أن اعتقد الاحتلال أنه استفرد بالمسجد الأقصى، وبالقدس، ووقع مجددأً في الحسابات الخاطئة، ليجد نفسه في ورطة أكبر، وأن انتفاضة الأقصى لا زالت حاضرة، لكن طور الفلسطيني من أدواته، وأصبح لديه في قطاع غزة مقاومة مسلحة، بكامل قوتها العسكرية، تدافع عن الأقصى، باعتباره أساس الثوابت الفلسطينية، وأن انتفاضة الأقصى، والقدس، هي محطة في النضال الفلسطيني، ولن تتوقف، طالما الاحتلال يواصل تدنيسه للمقدسات، والمس بالثوابت الوطنية والدينية.
لذلك جاءت معركة سيف القدس في سياق النضال الفلسطيني الذي شكل نقلة نوعية في وضع القدس على رأس الأولويات، وأن المواجهات والمعارك مع الاحتلال، يكون محورها الدفاع عن القدس وعن المسجد الأقصى، مهما كان الثمن.
اليوم يدرك الصديق والعدو أن المساس بالأقصى سيقود لمواجهات جديدة، على غرار انتفاضة الأقصى، ومعركة سيف القدس، بل أكثر اتساعًا، وأكثر ضراوة، ولن تكون حدودها فلسطين التاريخية، بل يمكن أن تمتد أكثر من ذلك، وأن المواجهة الشاملة، أو الحرب القادمة ستكون في وجه الحرب الدينية التي يشنها الاحتلال ضد المسجد الأقصى، والمقدسات في القدس، والوجود الفلسطيني، خاصة في ظل حكومة التطرف الصهيونية التي تضم المتطرف “بن غفير” الذي يحمل عود الثقاب ويتجول فيه حول المسجد الأقصى، والذي سيشعل المواجهة القادمة.