محنة المذهب المالكي اليوم في بلده – محمد السائح
هو اليوم في محنة بين تيارين:
الأول: المتأثرون بالنهج السلفي القائل بدعوى الاستقلال عن المذاهب في فهم الدليل، فيزعمون أن التمذهب بمذهب مالك أو غيره، تقليد وتنكب عن السنة. يتمسكون بفروع ويشيعون أنها هي السنة، كالقول بتحية المسجد في وقت الكراهة، وبجلسة الاستراحة، وبأن قراءة الحزب جماعة بدعة، ويشككون في سلامة منهج تحديد أوقات الصلاة، ومنهج رؤية الهلال في رمضان … إلخ
الثاني: المصرحون بالتمسك بمذهب مالك، من بعض الفقهاء الرسميين المفتين وغيرهم، ينتصرون للمذهب بشدة إذا تعلق الأمر ببعض فروع العبادات في الصلاة والصيام وغيرها، فإذا تعلق الأمر بأحكام بعض المعاملات في الزواج والطلاق والربويات وغيرها، يلينون للقول بما هو خارج المذهب المالكي، وأحيانا بما هو خارج عن المذاهب الفقهية كلها، وخير مثال على ذلك جملة من أحكام مدونة الأسرة في الزواج والطلاق والنسب وغيرها، ومن نماذجها القول بعدم نفاذ الطلاق الشفهي، وهو خلاف المذهب المالكي وسائر المذاهب الأربعة.
فأحاطت المحنة بهذا المذهب من جهتين:
من قوم يرفضونه ويجعلونه خلاف السنة والدليل، ومن قوم يطوعونه لكل جديد مريب، بحجة مراعاة الخلاف وما جرى به العمل (عمل الناس لا عمل العلماء كما هو العهد بهذا الأصل).
فكيف سيكون حاله في نفوس المتدينين؟
إن المذهب المالكي، هو صورة من الفقه الإسلامي الذي يضبط حياة الناس وفق أحكام شريعة الإسلام،
فنقول لأعداء المذهب: إنكم بفعلكم هذا تمنعون الفقه الإسلامي الأصيل أن يتدين به المغاربة في خاصة أمورهم وعامها، كأسلافهم في هذا البلد.
ونقول للمتساهلين: إنكم بهذا النهج تجعلون هذا المذهب الشريف الأصيل ألعوبة طيعة في أيدي المغرضين. وكان الواجب عليكم أن تتمسكوا بمشهوره أشد التمسك، لا أن تخرقوه كل مرة بشواذ الفتيا.
والله المستعان.