حين يكشف العدوان الإسرائيلي على غزة جديد قدرات المقاومة – عدنان أبو عامر
أظهر العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة جملة من المؤشرات الجديدة، لاسيما ذات البعد الميداني، والتي ساهمت بصورة أو بأخرى بوقف العدوان، الذي لم ينته كلياً بعد، لأن جولة التصعيد المقبلة قد تكون أقرب مما نتصور، على الأقل في ضوء التقييم الإسرائيلي.
أدركت المستويات السياسية والعسكرية والأمنية في “إسرائيل” ما تمتلكه المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وخطورة الاستمرار في جولة التصعيد الحالية، وتطورها إلى حرب واسعة، ولذلك ربما تكون قد تجاوبت مع جهود التهدئة، خشية من ظهور المزيد من الأدوات والوسائل القتالية التي قد تفتح الباب على مصراعيه أمام حرب مدمرة لا تبقي ولا تذر، فجاء خيار وقف إطلاق النار، الذي يرجَّح أنه لن يطول كثيراً.
أكد العدوان الأخير أن “إسرائيل” ليست الوحيدة في ميدان المعركة، وأن لدى فصائل المقاومة الفلسطينية قدرات من حيث “الكم والنوع”، ما يؤهلها إلى إيلام “إسرائيل”، وتوجيه ضربات موجعة لها، وقد رأينا بعضا من مؤشراتها بصورة لا تخطئها العين.
لقد تبدّى التطور النوعي الملحوظ لدى المقاومة في غزة، من خلال نقاط محددة، من أهمها: القذائف الصاروخية التي استخدمتها خلال يومي التصعيد، حيث ثبت أنها أكثر قوة تدميرية، وأطول من حيث المدى والمسافة التي تصلها، بخلاف جولات التصعيد الماضية، وهو ما ثبت من خلال النتائج المترتبة عليها، ولم تستطع “إسرائيل” إخفاءها من حيث الأثر التدميري وسقوط القتلى في مدن مهمة كالمجدل وأسدود.
كما أظهرت المقاومة في غزة امتلاكها قوة ردع مؤثرة باستخدامها صواريخ “الكورنيت”، وتحديد أهدافها بدقة، وإيقاع القتلى في تلك الأهداف دون غيرها، كما تجلى ذلك في التسجيل المصور الذي بثته غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة، ويظهر الصاروخ وهو يستهدف سيارة عسكرية إسرائيلية، فيما كان قادرا على استهداف قطار وسيارات نقل كانت تمر في المكان لحظة الاستهداف.
لعلها المرة الثانية التي تبث فيها غرفة العمليات المشتركة مقطعا لصاروخ كورنيت، وكانت المرة الأولى عند استهدافها في نوفمبر عدداً من جنود الاحتلال شرق مخيم جباليا، وإيقاع قتلى وجرحى، مع العلم أن هذه العمليات التي تستخدم فيها المقاومة صواريخ موجهة بدقة عالية تبث الرعب في الأوساط الإسرائيلية حول ما أصبحت تمتلكه من إمكانات قادرة على استهداف الآليات العسكرية على الحدود مع غزة في كل وقت.
تختتم هذه السطور حديثها بالإشارة إلى المسار الإلكتروني للمقاومة في غزة، وهو ما أظهره الإعلان الإسرائيلي عن إحباط هجمات إلكترونية كانت تعد لها المقاومة، وهذه شهادة بأن “إسرائيل” بكل ما تملكه من قدرات استخباراتية وعسكرية لم تنجح تماماً في ملاحقة المقاومة، وتحجيم قدراتها، وسعيها لتطوير إمكاناتها.