طبيعة الفعل الدعوي للحركة في منظومتها الدعوية
تبنت حركة التوحيد والإصلاح منذ تأسيسها خيار الدعوة والإصلاح والإسهام في تعزيز مرجعية المجتمع المغربي وقيمه، وجعلت من المرجعية الإسلامية أساسا في مشروعها الإصلاحي الهادف إلى الإسهام في إقامة التدين وإصلاح المجتمع.
وفي هذا الإطار، أصدرت الحركة الكتاب الأول من المنظومة الدعوية للحركة “سبيل الاستقامة” سنة 2019، وهو نتاج جهد مقدر بدأ منذ المرحلة الدعوية 2010 / 2014، كما يعتبر إضافة نوعية لوثائق الحركة التصورية المُسَدِّدة لعملها الإصلاحي في المجتمع، فهي وثيقة مرجعية توجه فعل الحركة الدعوي، على مستوى التصور والخطاب، وواقع الاشتغال والفاعلين فيه، وعلى مستوى أدوات العمل ووسائله، وطبيعة الموارد البشرية وكيفية إعدادها وتأهيلها.
وفي الفصل الثاني من منظمة الدعوة نجد الحديث عن أولويات وطبيعة الفعل الدعوي للحركة، حيث تنطلق هاته الأخيرة في صياغة هويتها الدعوية من خلال وثائقها الرسمية وهي “الميثاق”، و”الرؤية الدعوية” وورقة “توجهات واختيارات” وورقة ” من نحن وماذا نريد؟”، وقد ساهم المسار الدعوي للحركة في تحديد معالم وسمات واضحة للفعل الدعوي الحركي وإبراز أهم مكوناته ومقاصده ووسائطه، ونحت المفاهيم الأساسية في قاموسه التصوري.
وقد تم الانطلاق من العديد من الأمور لتحديد الفعل الدعوي للحركة يمكن تلخيصها في : تقليب النظر في الوثائق الرسمية للحركة، وإعمال منهج الرصد والملاحظة للمسار الدعوي، ومتابعة مقالات ومحاضرات القيادات الدعوية للحركة والأشرطة التوجيهية وبيانات المكتب التنفيذي، مع متابعة لشهادات المتتبعين والمختصين من داخل المغرب وخارجه، والاطلاع على التحولات التي عرفها الواقع وما صاحب ذلك من تجديد الخطاب وتنوع في وسائل التأطير والتأثير واتساع مساحات التواصل والتفاعل.
وتضمنت طبيعة الفعل الدعوي للحركة 3 ركائز أساسية هي :
1 – الدعوة الى الله تعالى فريضة، فالحركة تعتبر نفسها حركة دعوة إلى الله تعالى، قال تعالى: “قل هذه سبيلي أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحن الله وما أنا من المشركين”، وقال سبحانه :”ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين”، وبالتالي فالدعوة في منظور الحركة ليس مجرد عمل عابر أو مجال تطوعي أو نشاط ثقافي، بل فريضة على المسلمين وجب عليهم القيام بها أفرادا وجماعات ومؤسسات ودولا.
2 – تثبيت طابع الانفتاح والرسالية، من خلال مجموعة من المراجعات الفكرية والمنهجية العامة التي قامت بها الحركة، شملت المنطلقات والمبادئ والوسائل والمقاصد والتصورات ومجالات العمل الإسلامي، مما جعلها تتبنى أسسا مهمة تتجلى في: التخلي عن السرية والاصطدام مع الآخر، وتبني الخيار السلمي في التعاطي مع الواقع، والحرص على العمل في ظل المشروعية القانونية والدستورية للبلاد، ونهج الحوار في التعامل مع الاخرين. وهنا سطرت الحركة خصيصة مهمة من خصائصها في العمل الدعوي وهي : “التعاون على الخير مع الغير”، بغية الإسهام مع الفاعلين الآخرين في القيام بهذه المهمة استجابة لقوله تعالى :”وتعاونوا على البر والتقوى”.
3 – اعتماد منهج التخطيط الاستراتيجي، من خلال انتقالها في مجالات اشتغالها وخاصة في مجال الدعوة من طابع الموسمية وردود الأفعال إلى طابع البرمجة والتخطيط القريب والبعيد المدى، وهكذا انتقل منهج التخطيط لدى الحركة من التخطيط بالأهداف والمشاكل، إلى مرحلة التخطيط بالأولويات، ثم التخطيط الاستراتيجي التي تم من خلاله صياغة رؤية الحركة ورسالتها ومجالات اشتغالها وأولويات كل مرحلة، كما تم الانتقال من تنظيم أنشطة دعوية مفتوحة ومتنوعة، إلى اعتماد أسلوب الحملات والمشاريع الدعوية التي تستهدف قضايا تصورية وقيمية لتصحيح التصور وتقويم السلوك.
ويمكن القول أن الحركة تسعى باستمرار حسب رؤيتها الدعوية إلى إعادة الاعتبار للدعوة أفرادا ومؤسسات وجعل رسالتها في المجتمع الإسهام في إقامة الدين فرديا وجماعيا، حيث يعد العمل الدعوي أحد الأركان الأساسية اللازمة للقيام بهذه الرسالة، وهو ما دفعها إلى جعل الدعوة إحدى وظائفها الأساسية إلى جانب التربية والتكوين.
الإصلاح