خطوات عملية للاستعداد لشهر رمضان
إنّ الله عزّ وجلّ مَيّز المسلمين بمجموعة من العبادات تجعلهم يتّصفون بالأخلاق العالية والحميدة، فوجب عليهم الصلاة التي تُعلّمهم الالتزام والدقة في المواعيد والابتعاد عن الفحشاء، وكذلك أُمروا بالصيام الذي يُعتبر من أفضل الطرق للتربية النفسيّة والشعور بالآخرين من الفقراء، وهو أيضاً ذو فائدة صحيّة على الجسم؛ إذ إنّ له دورٌ في حرق الدهون المتراكمة، وتنظيم مستوى السكّر، وتنشيط الغدد والدماغ.
يبدأ الصيام في شهر رمضان المبارك، الذي يأتي بعد شهر شعبان من الأشهر الهجرية، وزادت عظمة هذا الشهر؛ لأنّ أول ما أنزل القرآن أنزل فيه، وقال الله تعالى في كتابه الكريم: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، لذلك يجب على المسلمين الاستعداد بالشكل المناسب والصحيح انتظاراً للشهر الكريم، ليقوموا بالعبادات على أكمل وجه.
والمتتبع لأحوال الناجحين والفائزين في مسارات الحياة الدنيا المختلفة يجدهم يجتهدون في الإعداد والاستعداد؛ فالطالب المتفوق تجده يعد للسنة الدراسية قبل بدايتها والعدَّاء الماهر يعد للسباق قبل حينه والأمثلة في واقعنا على هذا كثيرة متنوعة. والمشاهد أن ليس كل من يُعد ينجح في الإعداد ولا كل من أّعَدَّ واستعد يصل للقمة فحتى الإعداد يختلف من شخص لآخر، وكل بحسب ما بذله من جهد وتعب تجد حصيلته تشير عليه، فما بالك بمن لم يستعد بل لم يفكر بذلك بتاتا فأنى له الفوز؟!
وشهر شعبان هو آخر محطات الاستعداد لدخول شهر العتق من النيران، شهر رمضان شهر القرآن فانظر وتأمل في طالبي الفوز بالمسابقات الدنيوية وما يبذلونـه… فما بالك بطلاب الآخرة -ولا يقارن الثرى بالثريا-… ألست أولى منهم؟!
ويمكن تقسيم الاستعدادات لرمضان إلى عدّة أقسام، أهمّها: استعدادات نفسيّة عمليّة، واستعدادات دَعَويّة، واستعدادات الأسرة المسلمة.
ونضع بين أيديكم خطوات هامة تشمل كل هذه الأنواع من الاستعدادات المحمودة التي تناسب عظمة هذا الشهر الفضيل :
1 – ابدأ بضبط فرائضك، وكن وقاّفًا عند حدود الله تعالى، وحاسب نفسك على ما اقترفته من ذنوب خلال الـ 11 شهر منذ رمضان الماضي.. فلا تدخل رمضان الجديد إلا وقد تبت من ذنوب العام
2 – لا تبدأ أي عمل إلا وقد أصلحت نيتك، فلن يقبل عملك إلا إن كان خالصا صوابًا موافقًا للشرع، فتعلم أحكام الصيام وعلمها أهل بيتك ومعارفك من الآن.
3 – هذّب نفسك وألزمها التقوى منذ الآن، فرمضان مدرسة للمتقين.
4 – بادر بصلة رحمك، واحذر أشد الحذر من قطعها
5 – ادخل رمضان وقد فرّغت قلبك للانشغال به دون سواه.
6 – ابدأ من الآن -إن كنت من مدمني النت- بتقليل ساعات جلوسك عليه، واعلم أن رمضان لن ينتظرك.
7 – ابدأ في شعبان أن تكثف من وقت التلاوة فإن كانت عادتك أن تتلو جزءا يوميا فلتجعلها جزئين أو ثلاثـــا
8 – خصص للقيام وقتا أطول بدءا من شعبان وليكن مثلا ساعة فمضاعفاتها، وعود نفسك من الآن على طول الركوع والسجود.
9 – عوِّد نفسك من الآن المكوث في المسجد فترات أطول بعد الصلاة تحضيرا للاعتكاف في رمضان إن شاء الله أو على الأقل تحضيرا للمكث في المسجد ساعات طوال فيه هذا أيضا اعتكاف
10 – استعد لإطعام المساكين وتفطير الصائمين
11 – تصدق بشكل يومي في شعبان حتى تعتاد على التصدق يوميا في رمضان
12 – ابتعد عن السهر وجرب من الآن النوم مبكرا والاستيقاظ قبل الفجر بساعة أو أكثر تدربا على القيام ومناجاة السحر.
13 – إبدأ بتنظيم وقتك ومتابعته واجعل لك جدولا تقيم فيه متابعة أهدافك وعبادتك
14 – من الآن عود لسانك أن يكون حقا رطبا بذكر الله فلا تفتر عن الذكر والاستغفار والتسبيح والتهليل فما أيسرها من عبادة وما أعظم وأكبر أجرها عند الله.
إننا نحتاج لوقفة، وقفة للفوز برمضان بإذن الرحمن فلا تدع أيامه تمر عليك كأي أيام عادية؛ فهي أيام غاليات إن ذهبت الآن قد لا تعود أبدًا؛ فكم من أناس لم يكتب لهم إدراك رمضان، وكم من أناس لم يكتب لهم أن يدركوه هذا العام، فلذلك ضع من الآن خطة وهدفا وأصلح النية وأعدها للاستعداد لرمضان، فإن كتب الله عليك المنية قبيل رمضان مت على نية صالحة وعمل صالح إن شاء الله. هذا ولنر سويا بعضًــا من خطط الإعداد لرمضان في أيام شعبان، ولكن قبيل البدء نَمِّ في ذهنك حساسية الوقت وأهميته؛ فلا تدع دقيقة تفوتك في شعبان إلا وقد اكتسبت بها ما يفيدك في دورة الإعداد لرمضان وبإذن الله نسير على هذا الديدن طوال العام فتصبح أيامنا جلها كثيرة الحسنات جميلة النفحات.
الإصلاح