التوجه الإفريقي للمغرب-1- نور الدين قربال
رغم مغادرة المغرب لمنظمة الوحدة الافريقية منذ الثمانينات لأسباب سياسية مست وحدتنا الوطنية، فإن علاقة المغرب بالدول الإفريقية لم تتوقف، والمؤشر هو أن المغرب وقع مع الدول الإفريقية منذ 2000 إلى سنة 2016 حوالي 1000 اتفاقية وبروتوكول.
وفي 30 يناير 2017 عاد المغرب رسميا إلى الاتحاد الإفريقي في قمة أديس أبابا بعدما صادق البرلمان المغربي على ميثاق الاتحاد الإفريقي، وألقى جلالة الملك آنذاك خطابا مؤثرا وهذه بعض مضامينه:”إفريقيا قارتي وهي أيضا بيتي”. “مدى حاجة المغرب لإفريقيا، ومدى حاجة إفريقيا للمغرب”. “اخترنا العودة للقاء أسرتنا”. “إن منظورنا للتعاون جنوب-جنوب واضح وثابت فبلدي يتقاسم ما لديه ، دون مباهاة أو تفاخر”. “إن المملكة المغربية تسعى أن تكون الريادة للقارة الإفريقية”. “ستنكب المملكة المغربية على لم الشمل، والدفع به إلى الأمام”.”لقد اختار المغرب سبيل التضامن والسلم والوحدة، وإننا نؤكد التزامنا من أجل تحقيق التنمية والرخاء للمواطن الإفريقي”…
كانت هذه بعض المضامين من الخطاب السامي الذي ألقاه جلالة الملك بأديس أبابا أمام المشاركين في القمة 28 للاتحاد الإفريقي، وقد حدد جلالته التوجهات العامة لعودة المغرب إلى حظيرة الاتحاد الإفريقي. ومن تم ارتأيت أن أدلي بدلوي في الامتدادات الأفقية والعمودية للتوجه الإفريقي للمغرب انطلاقا من مواضيع متنوعة تصب في هذه العلاقات الإستراتيجية، المبنية على علاقات جنوب-جنوب ورابح-رابح انطلاقا من عنصري التضامن والتعاون.
على المستوى السياسي، يؤكد المغرب على ضرورة استقلال القرار الإفريقي على جميع المستويات حتى يكون فاعلا ولاعبا استراتيجيا على المستوى الدولي، ومحققا على مستوى القارة مزيدا من النجاحات والنمو الاقتصادي والاجتماعي، واستثمار الفرص من أجل بناء القدرات والكفاءات خاصة الشباب الذي تزخر به القارة، مع إعطاء دينامية جديدة للشراكات الثنائية والمتعددة بناء على الأخوة الإفريقية والتضامن والتعاون، والذي في حاجة إلى إعطائه دينامية نموذجية على مستوى القارة وتقويته لصالح الشعوب والأفراد التي تعاني من عدة مشاكل، كل هذا يساهم في بسط معالم من الأمن والاستقرار، القاعدة الأساسية لكل تنمية مستدامة.
ويؤكد اليوم السيد الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الأخير المحال على مجلس الأمن على انتهاك جبهة البولساريو الحقوق والحريات الواردة في القرارات الأممية الصادرة عن مجلس الأمن خاصة القرار 2240، وخاصة على مستوى القيام بأنشطة داخل المنطقة الموجودة شرق جهاز الدفاع، وتحريف الجبهة مفهوم المناطق العازلة وتحويلها إلى “محررة”، والحديث عن إفريقيا يحتم الإشارة إلى النزاع المفبرك من قبل الجيران من أجل تحقيق مآرب ذاتية مما عطل النمو داخل مجموعة شمال إفريقيا وانعكاساته الإفريقية. لذلك دعا جلالة المغرب إلى ضرورة تصحيح هذا الخطأ التاريخي ونتمنى أن يكون التغيير الذي يقوده الشعب الجزائري اليوم قادرا على تجاوز الأخطاء التاريخية والانخراط في البناء المغاربي، الذي للأسف أصبح في المؤخرة بالمقارنة بالمجموعات الخمس التي تكون القارة الإفريقية.
إذن هل إرادة الآخر متوفرة من أجل إيجاد حل لهذا النزاع الذي دام أكثر من 40 سنة؟ في إطار المصداقية والجدية والواقعية المتمثلة في مشروع الحكم الذاتي حسب تقويم الأمم المتحدة؟ وقد أشاد نفس التقرير بمستوى الاستثمار الحاصل في المناطق الجنوبية وهذا نموذج تنموي يقتدى به رغم بعض الإشكالات لأن المنطقة تعرف تطورا ملحوظا، واعترافا بهذا المستوى صادق مؤخرا البرلمان الأوربي على اتفاقيتين همتا الصيد البحري والفلاحة شاملة كل السيادة المغربية من طنجة إلى الكويرة، وهذا موقف ناضج أفرزته الدبلوماسية المغربية خاصة إشراك أبناء المنطقة السياسيين والمدنيين…ولذلك كل المؤشرات تبرز التقدم المغربي في هذا النزاع دوليا وإفريقيا، وقد انعقد لقاءان مؤخرا الأول بجنوب إفريقيا عبأت فيه الجزائر وجنوب إفريقيا حوالي 14 دولة من أجل دعم الجمهورية الوهمية، في حين عبأ المغرب حوالي 37 دولة من أجل دعم قرار قمة الاتحاد الإفريقي بنواكشوط بموريتانيا بشأن قضية الصحراء المغربية والذي ينص على أن قضية الصحراء من اختصاص الأمم المتحدة. –يتبع-
نور الدين قربال