العدوني: مذكرة الحركة تسعى إلى ترجمة المقتضيات الدستورية المتعلقة بالأسرة إلى سياسات عمومية لحماية الأسرة والنهوض بها
قدمت حركة التوحيد والإصلاح يوم الجمعة 11 يونيو 2021، مذكرة ترافعية من أجل “سياسة عمومية مندمجة ودامجة للأسرة” لدى المؤسسات الرسمية المعنية.
وبهذه المناسبة أجرى موقع الإصلاح حوارا مع الاستاذ رشيد العدوني مسؤول قسم العمل المدني بالحركة، بسط فيه أهم مطالب الحركة المتعلقة بالسياسات العمومية التي تخص الأسرة، وأسباب تقديم هذه المذكرة الترافعية وأهدافها، بالإضافة لتقييمه للسياسات المتعلقة بالأسرة.
وفيما يلي نص الحوار:
لماذا تعتزم الحركة تقديم هذه المذكرة الترافعية؟
بسم الله الرحمان الرحيم، والحمد لله رب العالمين، هذه المذكرة الترافعية تأتي تفعيلا لدور حركة التوحيد والإصلاح في الترافع المدني لصالح المجتمع المغربي، كما جاءت في إطار المشروع المندمج للأسرة الذي تشتغل عليه الحركة بمعية عدد من الهيئات والمؤسسات المدنية والعلمية، دون أن ننسى أن الدستور المغربي منذ عشر سنوات ارتقى بمؤسسة الأسرة وخصص لها الفصل 32 من الدستور الذي نص على أن ” الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع، تعمل الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها”.
فلهذه الأسباب جاءت هذه المذكرة الترافعية التي حددنا الغرض منها في السعي لحماية مؤسسة الأسرة وتفعيل أدوارها وتعزيز فاعليتها في التماسك الاجتماعي والتلاحم الوطني، على اعتبار أن الأسرة هي نواة المجتمع والإضرار بها يؤدي إلى بروز مخاطر تفكك المجتمع وهدر رأسماله الاجتماعي وآثار ذلك السلبية على استقرار المجتمع وتقدمه وتنميته.
ما هو تقييمكم للسياسات الموجهة للأسرة؟
في المذكرة التي أعدتها حركة التوحيد والإصلاح قدمنا تشخيصا لهذه السياسات بالنظر للتحولات الجارية وتأثيراتها على مؤسسة الأسرة، فإذا كانت الأسرة المغربية مازالت تحافظ على مقوماتها الأساسية وقائمة بأدوارها التربوية، فإن العقود الأخيرة شهدت تسارعا في التحولات التي تؤثر سلبا على هذه المؤسسة التربوية والاجتماعية كما تمس اللحمة الاجتماعية التي توارثها المغاربة والتي أسهمت في حفظ الأسرة. ومن التحديات التي تواجهها ما يتعلق بتصاعد مؤشرات التفكك الأسري والعنف داخل الأسرة سواء العنف تجاه الأصول والفروع أو العنف بين الأزواج، فضلا عن تنامي ظواهر غريبة عن قيم المجتمع المغربي من قبيل أطفال الشوارع ووضعيات دور العجزة والمسنين، وانتشار العلاقات غير الشرعية، وزنا المحارم وغيرها من الظواهر الشاذة، تنضاف إلى باقي المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
صحيح أنه بذلت جهود معتبرة موجهة للأسرة عبر عدد من البرامج والسياسات غير أن أن مختلف هذه الجهود والبرامج تظل قاصرة عن تحقيق المبتغي، وعن تحقيق التكريم الضروري لمؤسسة الأسرة وحمايتها، ما لم تكن هناك سياسة مندمجة تأخذ بعين الاعتبار مختلف مكونات الأسرة ومختلف الأدوار التربوية والتنموية والاجتماعية لمؤسسة الأسرة، وتنفتح على مختلف التجارب الأممية والدولية الفضلى بما لا يتعارض مع الثوابت الجامعة للمجتمع المغربي. وإضافة للقصور البين في هذه السياسات نسجل أيضا غياب الالتقائية في البرامج الحالية في ظل غياب مؤسسة المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة باعتباره مؤسسة منوط بها تتبع وضعية الأسرة وتنشيط النقاش العمومي حول السياسة العمومية في مجال الأسرة.
ما هي أهم المطالب التي عبرتم عنها في هذه المذكرة؟
تتقدم حركة التوحيد والإصلاح بهذه المذكرة من أجل العمل على ترجمة المقتضيات الدستورية إلى تشريعات وقوانين وسياسات، لتعزيز موقع الأسرة في السياسات العمومية بما يضمن المحافظة على استقرار الأسرة وحمايتها باعتبارها الخلية الأساس في المجتمع والمدرسة الأولى للتنشئة الاجتماعية والنهوض بالقيم.
وتقترح حركة التوحيد والإصلاح أن يستند إعداد السياسة العمومية المندمجة لحماية الأسرة والنهوض بأوضاعها، على مرتكزات منهجية ضرورية في مقدمتها تحقيق الالتقائية والنجاعة بين مختلف السياسات العمومية؛ وإدماج المنظور الأسري في مختلف السياسات والبرامج والمشاريع الاجتماعية؛ واعتماد مقاربة لامركزية وإدماج مقاربة الأسرة ضمن مخططات التنمية الجهوية وعلى مستوى الجماعات الترابية. وكذا اعتماد مقاربة تشاركية عبر حوار وطني من أجل الأسرة ينفتح على آراء مختلف الفاعلين من علماء وفقهاء ومفكرين ومنظمات مدنية وسياسية وحقوقية وقطاعات حكومية ومؤسسات عمومية.
كما قدمت المذكرة مقترحات على مستوى مضامين السياسات العمومية الموجهة للأسرة، عبر مداخل متنوعة، أولها المدخل التشريعي من خلال إصلاح ومراجعة مدونة الأسرة بما يسهم في تكريس الحماية القانونية لمؤسسة الأسرة وفاعليتها الاجتماعية والتربوية. وإعادة النظر في شروط ومساطر الاستفادة من صندوق التكافل العائلي من أجل توسيع فئة المستفيدات وتبسيط مساطره، وإخراج قانون الوساطة الأسرية سيرا على نهج عدد من التجارب المقارنة، وتعزيزا للتماسك الاجتماعي وتكريس الحماية لمؤسسة الأسرة.
وأيضا على المستوى المؤسساتي اقترحت المذكرة إخراج المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة إلى أرض الواقع، مع مراعاة التخصص والتكامل والتنوع في تركيبته، وتمكينه من الوسائل التقنية والمالية واللوجستية من أجل القيام بالأدوار المنوطة به دستوريا. كما تقترح إحداث المرصد الوطني للأسرة، لتتبع الحالة الأسرية بالمغرب وتحدياتها والفرص المتاحة أمامها.
وطالبت المذكرة بدعم مشاريع الجمعيات العاملة في مجال الأسرة وإشراكها في إعداد السياسات العمومية وتنفيذها وتقييمها. ودعم مراكز الوساطة الأسرية ومراكز الإرشاد الأسري سواء من خلال برامج التكوين أو الدعم التقني واللوجستيكي والمالي. مع تفعيل وتطوير الشراكة مع المجالس العلمية في مسائل الصلح والوساطة الأسرية.
إقرأ أيضا: التوحيد والإصلاح تقدم مذكرة ترافعية من أجل سياسات عمومية للأسرة لمؤسسات حكومية وبرلمانية |
وعلى مستوى المدخل السياسي طالبت المذكرة بإعداد سياسة عمومية مندمجة لحماية الأسرة، تُسهم في الإجابة على التحديات التي تواجهها الأسرة المغربية، سواء الديمغرافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو التي أنتجتها التكنولوجيا الجديدة، والتي عمّقت عوامل تفكك الأسرة وتراجع دورها. وتعزيز الرعاية الأسرية، والرعاية البديلة لمواجهة التحديات المرتبطة بالطفولة، والأشخاص المسنين والأشخاص في وضعية إعاقة، التي تدخل ضمن اختصاصات القطاع الوصي، حيث أفضل وأنجح أساليب الرعاية لمختلف هذه الفئات تتم في كنف الأسرة وضمن إطاره.
كما قدمت المذكرة مطالب أخرى من بينها تشجيع وتعزيز البحث العلمي في قضايا الأسرة والتماسك الاجتماعي، وإدماج قضايا الأسرة ضمن الاستراتيجية الوطنية للبحث العلمي. و وضع مخطط لتحسين صورة الأسرة في الإعلام، ووضع ميثاق لحماية الأسرة وقيمها في وسائل الإعلام. ودمج القيم الأسرية في برامج ومناهج التعليم، وتعزيز قيمة الأسرة في المقررات الدراسية، وترسيم الاحتفاء باليوم العالمي للأسرة في المؤسسات التعليمية.
هل تعتقدون أن حماية الأسرة وتفعيل أدوارها هي مسؤولية الدولة فقط؟
حينما أعددنا هذه المذكرة لكي نخاطب صانعي السياسات العمومية بها، أدرجنا المذكرة ضمن المشروع المتعلق بالأسرة الذي تعمل به حركة التوحيد والإصلاح، وذلك إيمانا منا بأن قضية الأسرة هي قضية الجميع أفرادا وجماعات ومؤسسات رسمية وشعبية، ولذلك فمن خلال هذا الحوار نناشد الجميع من هيئات مدنية وحقوقية وسياسية وثقافية وإعلامية من أجل دعم هذه المؤسسة وأدوارها الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والقيمية.
لمن توجهون هذه المذكرة الترافعية؟
هذه المذكرة نخاطب بها المؤسسات المسؤولة دستوريا عن إعداد وتنفيذ السياسات العمومية الموجهة للأسرة، وبطبيعة الحال فإن أول المخاطبين هو مؤسسة البرلمان بغرفتيه باعتباره سلطة تشريعية لها من الإمكانات ما يمكنها من إصدار التشريعات اللازمة لحماية الأسرة والنهوض بها، وأيضا مؤسسة الحكومة وخاصة وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، وكذلك مختلف المؤسسات الدستورية التي يجب أن تقوم بدورها سواء الرقابي أو الاقتراحي لدعم هذه المؤسسة باعتبارها قضية الجميع وتهم سائر المواطنين والمواطنات. ونرجو من الله أن تجد أذانا صاغية وتفاعلا إيجابيا من الجميع.
الإصلاح