التواضع في طلب العلم/ ذ. عبد الحق لمهى
بعض الطباع البشرية تستعلي عن طلب العلم، وتستنكف أن تتعلم ممن هو أدنى أو أعلى منها درجة، استحكم في طبعها التكبر، واستفحل فيها العُجب فمنعها فضل التعلم وحجب عنها أنواره، فسيطر عليها وسواس النفس المتكبرة، يقول لها: هل أنت بمقامك وجاهك العظيم تنزل لتسأل أولائك الأراذل أن يعلموك وهم أحوج ما يكونون لمالك وصولتك في الحياة؟
ولعمري إن هذا لمن أسوإ أخلاق الإنسان وطباعه. والإنسان المؤمن، الأصل فيه مخالفة أصحاب هذه الطباع السيئة، وعصيان نفسه المتكبرة، فهو حريص على نيل العلم من أي وعاء صدر، شعاره في ذلك الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، ولنا في سيدنا موسى عليه السلام خير قدوة في هذا المضمار، وهو النبي الموحى إليه من الله العليم الحكيم، حين أوحى اليه تعالى بوجود عالم شد موسى الرحال إليه ورغب في تحصيل العلم منه ولم يستنكف من مقام المتعلم المستزيد.
قال تعالى حكاية عن قصة موسى مع الرجل الصالح ” قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ” الكهف ،66. جاء في تفسير ابن كثير ” يخبر تعالى عن قول موسى ، عليه السلام لذلك[الرجل ] العالم، وهو الخضر، الذي خصه الله بعلم لم يطلع عليه موسى، كما أنه أعطى موسى من العلم ما لم يعطه الخضر،” قال له موسى هل أتبعك” سؤال بتلطف، لا على وجه الإلزام والإجبار. وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم. وقوله: ( أتبعك ) أي : أصحبك وأرافقك، (على أن تعلمني مما علمت رشدا) أي: مما علمك الله شيئا، أسترشد به في أمري، من علم نافع وعمل صالح “. فهلا تأملنا القصة ووعينا ما فيها من الحكم، فعملنا بها لعلنا نحصل شيئا من بركة العلم ممن هم أعلم منا.
بقلم عبد الحق لمهى