الإصلاح الإداري بين النظرية والتطبيق – نورالدين قربال
وجه جلالة الملك رسالة إلى المشاركات والمشاركين في الملتقى الوطني للوظيفة العمومية العليا المنظم من قبل وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية بالصخيرات بتاريخ 27 فبراير2018.
ومن المضامين التي ركزت عليها الرسالة الملكية مايلي:
-الإدارة في خدمة الوطن والمواطنين، ومواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
-إصلاح الإدارة العمومية وتثمين مواردها البشرية.
-إعادة هيكلة منظومة الوظيفة العمومية العليا.
-تدارس الإجراءات التشريعية والتنظيمية، الكفيلة بالارتقاء بعمل مرافق ومؤسسات الدولة.
-وضع مفهوم الخدمة العمومية في صلب النموذج التنموي الجديد.
-إصلاح شامل وعميق للإدارة العمومية.
-الرفع من أداء الإدارة العمومية، وتوجيهها للتكيف مع المتغيرات الوطنية، واستيعاب التطورات العالمية، والمساهمة في رفع التحديات التنموية التي تواجه بلادنا.
-ضرورة إصلاح الإدارة، وتأهيل مواردها البشرية، باعتباره خيارا استراتيجيا.
-ارتباط وظيفة الإدارة العمومية بخدمة المواطنين، في إطار مبادئ المساواة والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات.
-ضرورة التزام موظفي الوظيفة العمومية بمعايير الجودة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة لضمان القرب من المواطنين والاصغاء لمطالبهم والعمل على تلبية حاجياتهم المشروعة.
الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة
شملت الخطة الوطنية لإصلاح الإدارة، الفترة الزمنية 2018-2021، وتضمنت 24 مشروعا. معتمدة على التحولات التنظيمية، والتدبيرية، والرقمية، والتخليقية. ومن خلال هذه التوطئة، ركزت الخطة على تحولات هيكلية، ودعامات رئيسية، ومشاريع أساسية، وآليات تنفيذية، مستهدفين النجاعة الإدارية في خدمة المواطن والتنمية.
وقد اعتمدت الخطة من حيث المرجعيات على التوجهات الملكية، والمقتضيات الدستورية، والالتزامات الحكومية. محددة الرؤية في: إدارة في خدمة المواطن والمقاولة، وراعية للمرفق العمومي، والمصلحة العامة.
ومن الدعامات الرئيسية لهذه الخطة الجوانب التالية: التشريع، والتواصل، والتقييم، والتعاون.
ومن الآليات التنفيذية المتبناة الشبكات التنسيقية على مستوى الكتاب العامين، ومدراء الموارد البشرية، وتعبئة اللجنة الوطنية لمحاربة الفساد، ولجنة الإشراف المتعلقة بمبادرة الشراكة من أجل الحكومة المنفتحة.
الجماعات الترابية والإصلاح الإداري
كيف يمكن تقوية الجانب التدبيري على المستوى الترابي؟ يمكن استحضار في هذا المجال تطوير اللامركزية، واللاتمركز الإداري، والجهوية المتقدمة. وتشكل الحكامة الإدارية هدفا استراتيجيا من أجل إرساء منظومة تنموية شاملة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. ومن أجل ممارسة هذا الهدف الاستراتيجي يلزم عنصري الثقة والالتقائية بين كل الفاعلين الترابيين نحو السلطات العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص.
وقد صدر بتاريخ 6 مارس 2020، بالجريدة الرسمية ظهير شريف رقم 1.20.06 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية. ويحدد هذا القانون المبادئ والقواعد التي تنظم المساطر والإجراءات الإدارية العمومية والجماعات الترابية ومجموعاتها وهيآتها والمؤسسات العمومية وكل شخص اعتباري آخر خاضع للقانون العام والهيآت المكلفة بمهام المرفق العام. وبعد تناول الأحكام العامة ركز القانون على العناوين التالية:
-إعداد مصنفات القرارات الإدارية.
-إيداع الطلبات المتعلقة بالقرارات الإدارية.
-آجال معالجة الطلبات وتسليم القرارات الإدارية.
-اعتبار سكوت الإدارة بمثابة موافقة.
-طرق الطعن الإداري.
-تبادل الوثائق والمستندات بين الإدارات.
وفي هذا الإطار، أرسل وزير الداخلية دورية جديدة إلى الولاة والعمال يدعو فيها إلى تنزيل مقتضيات القانون رقم 55. 19. وقد أحصت الوزارة ما يقرب من 146 قرارا إداريا يهم الجماعات الترابية. والتي تهم الصحة والحالة المدنية والجبايات المحلية والملك العمومي، والجانب الحرفي والاقتصادي، والنقل. ثم إن هناك ضرورة تشريعية للنشر بالبوابة الوطنية المساطر والإجراءات الإدارية تطبيقا لمقتضيات المادة 26 من القانون 55.19.
كما دعت المذكرة إلى إحداث منصات رقمية مع تطوير الخدمات الإلكترونية. وفي هذا الإطار لابد من عقد لقاءات تواصلية مع كل الفاعلين من قبل الإدارة الترابية قصد التعريف بمقتضيات القانون رقم 55.19. والقيام بالتحسيس والتكوين. والانخراط الكليفي هذا المشروع.
وأهم من هذا كله تتبع مؤشرات تنزيل هذه المقتضيات، وعلى رأسها معالجة وتسليم القرارات الإدارية، في علاقتها بالمنصات الرقمية. خاصة على مستوى الآجلات.مع تطبيق القانون على من كان سببا في تجاوزها. والانخراط بحماس في هذه المنظومة الإصلاحية الإدارية. والتفاعل مع بوابة www.idarati.ma.
وسيكون العمل مستقبلا على المستوى الترابي على إحداث محطات تفاعلية، لفائدة المرتفقين، خاصة على مستوى إيداع الطلبات، المتعلقة بالقرارات الإدارية، وتسليمه وتتبعه، وربط المنصات الالكترونية بالنظام المعلوماتي ذي الصلح بالحالة المدنية. والرخص، ووثيقة، والشكايات، وكتابة الضبط، مع توفير لغات أخرى إلى ماهومعمول به.
وبالمناسبة لقد تم إعفاء المواطنين من عدة وثائق تقدر بحوالي 30 وثيقة.
نخلص مما سبق أن قانون 55.19 منظومة متجددة للعلاقة الوجودية بين الإدارة والمرتفقين. التي يجب أن تبنى على الثقة. بناء على الشفافية والوضوح. مما يهيئ مناخ الأعمال والاستثمار. وهذايستوجب الاستفادة من تجارب دولية رائدة كما يؤكد على ذلك جلالة الملك. انطلاقا من التناسبية بين المشروع المرتقب والوثائق المطلوبة، مع التعليل الموضوعي للقرارات المرفوضة.
كما أن مطالبة المرتفق بنسخ مطابقة الأصل لم يبق ذا جدوى، وبالمناسبة تكونت لجنة وطنية تهتم بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية. ويترأسها رئيس الحكومة ومكونة من وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر الرقمي والكتاب والمدراء العامين وممثلين عن القطاعات الوزارية العضوة باللجنة.
وبقدر ما نحن في حاجة إلى توفير الشروط المالية واللوجستيكية لحسن تنزيل القانون رقم 55. 19 فإنه من الضروري أن نعمل على تهيئ الموارد البشرية الكفأة واعتماد التشاركية بين المؤسسات العمومية والمؤسسات المنتخبة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، في مناخ عال من المسؤولية الوطنية. لان كل هذا يساهم في تحسين معدل تنقيط المغرب في مؤشر إدراك الفساد.