في دفاعها عن القضية الفلسطينية، التوحيد والإصلاح مسار من النضال، ومواقف الأمس للحاضر والمستقبل
ظلت قضية فلسطين إحدى القضايا المركزية والجوهرية والحاضرة في اهتمامات حركة التوحيد والإصلاح، منذ نشأتها وإلى الآن. بحيث عرف مسار التوحيد والإصلاح، وطيلة 24 عاما، مسيرة من الوفاء للقضية الفلسطينية، وفداء لتضحيات من ينوب عن الأمة الإسلامية في الدفاع عن الأقصى، ذلك أنها كانت ولازالت تأخذ الصدارة في الاهتمام والتوجيه، مثل ما تأخذه، تماما، قضيتنا الترابية الوطنية، قضية الصحراء المغربية…
إن الحديث عن مكانة القضية الفلسطينية في اهتمام حركة التوحيد والإصلاح، مرده المساحة المشتركة التي تشغلها هذه القضية في وجدان وعقل كل عربي ومسلم، وحر في العالم، الرافض لأكبر مظلمة في تاريخ البشرية في العصر الحديث.
كثيره هي المواقف التي اتخذتها التوحيد والإصلاح منذ تأسيسها، وهي تخرج من مشكاة واحدة، وشكلت مسار من النضال؛ لا يكاد يتميز سابقه عن لاحقه إلا بقدر تميز الأحداث وتطورها؛ لأن القضية في العمق هي قضية “حق وباطل”، و”عدل وظلم”، وعليه فهي لا تقبل التنازل أو التفاوض.
عدالة قضية
إن اهتمام التوحيد والإصلاح بالقضية الفلسطينية، منبعه عدالة القضية، وعدل من يدافع عنها، بحيث حددت الحركة رؤيتها ورسالتها، الانخراط الكلي في الدفاع عن القضايا الإنسانية العادلة، حيثما وجد المظلوم، ومن أي دين كان، وبأي لغة كان يتحدث، فالحركة؛ ببيانها وبلاغها كانت دائما في الموقف ومع التاريخ، فهي حركة إنسانية، قامت بالإنسان، ومن أجل الإنسان.
إن الناظر في التحقيب الزمني للتوحيد والإصلاح منذ نشأتها، يلحظ الكم الهائل والنوعي من البيانات والبلاغات والمواقف النبيلة التي أبانت عليها الحركة لفائدة القضية الفلسطينية، وهذا له تفسيران، أولهما: كثرة الأحداث والأسباب الموجبة لهذه المواقف، والتي يفتعلها الكيان الصهيوني ظلما وتجبرا وطغيانا في حق الإنسان الفلسطيني، والأرض الفلسطينية، والشجرة الفلسطينية، والتاريخ الفلسطيني، والحلم الجماعي الفلسطيني.. والتفسير الثاني يتجلى في أن حرص الحركة على أن تبقى القضية الفلسطينية حية في الأجيال الحالية والمستقبلية، من خلال استحضار تاريخ الأمجاد والبطولات الفلسطينية، والمناسبات والذكريات الفلسطينية، واستدعاء تاريخ الأقصى ليكون شاهدا على الحاضر العربي والإسلامي.
يقظة أمة
ونظرا لما تعيشه القضية الفلسطينية اليوم، من تطورات كبيرة، وخصوصا بعد إبرام حكام دولة الإمارات العربية المتحدة لاتفاق تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وهو الاتفاق الذي أيقظ الأمة وجمع تلابيب ثيابها للنهوض والوقوف، وهو ما لاحظناه من المواقف والبيانات التي أتخذتها أغلب القوى الحية في العالم العربي والإسلامي، وحركة التوحيد والإصلاح واحدة منها، حيث أدانته، في بيانها الأخير، بشدة واعتبرته خطوة تطبيعية مذلة أقدم عليها مسؤولو دولة الإمارات العربية المتحدة، وتشكل خيانة وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني المقاوم وخذلانا للإجماع العربي في موقفه الموحد ضد الاحتلال الصهيوني، كما أكدت استعدادها للانخراط في كل المبادرات والفعاليات السّلمية المناهضة للتطبيع وحماية المجتمعات العربية والإسلامية من الاختراق الصهيوني.
وأمام هذه الخرجات غير المحسوبة، نجد أنفسنا وكأننا أمام تاريخ توقف، وكأن اليوم مثل الأمس، فكل يوم فلسطيني جديد ينادي في الأمة العربية والإسلامية، أنا لم أعد يوما جديدا،…حتى أصبحت النفوس الحرة تشتاق إلى الماضي التليد، وتتمنى أن تتوقف عقارب الزمن، حتى يستيقظ العرب والمسلمون، وتحيا ضمائرهم من جديد…لأن الأمانة التي تركها الأجداد أوشكت على أن تفقد وتموت، ويصبح الحلم الفلسطيني الذي تدثرنا بلحافه أكثر من 70 عاما، مجرد أحجيات الأجداد إلى الأحفاد.
وحتى إذا كانت الدول محكومة بالبحث عن مصالحها، ولو اقتضى الأمر التضحية بمبادئها، فإن صوت المجتمع سيظل عاليا، ومحررا من القيود والحدود.. ولهذا تشهد 70 عاما التي انقضى أمرها على هذا الصوت الذي ظل عاليا ومازال.
بعد مرور ثلاث سنوات
وللتاريخ حكاية، واستدعاؤه تثبيت للمواقف، وتجديد لها، فبعد مرور ثلاث سنوات على حدث خمسينية احتلال القدس والذكرى المئوية لوعد بلفور البريطاني المشؤوم، أصدرت حركة التوحيد والإصلاح بيانا لهذا الحدث، بالشكل الذي حرصت به هذا الحركة دائما على الحضور في مناشط ومكاره القضية الفلسطينية.
وقد اخترنا هذا البيان الذي أصدرته حركة التوحيد والإصلاح في نهاية شهر يوليوز 2017، وذلك بمناسبة مرور خمسين عاما على احتلال القدس والذكرى المئوية لوعد بلفور البريطاني المشؤوم، حيث تميز البيان بتسعة مواقف مركزة حول الوضع الفلسطيني والمسجد الأقصى خصوصا مع الصمود البطولي للمرابطين المقدسيين بالمسجد الأقصى الذين أخضعوا الاحتلال الصهيوني في فتح أبواب المسجد وإلغاء تحديد الأعمار للصلاة به.
رسائل الأمس للحاضر
حدد بيان التوحيد والاصلاح بمناسبة مرور خمسين عاما على احتلال القدس والذكرى المئوية لوعد بلفور البريطاني المشؤوم، الصادر في نهاية يوليوز2017، المسؤوليات المشتركة بين الشعوب والحكام والمنظمات الإسلامية والدولية وعلى رأسها لجنة القدس ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة وفضح ممارسات الاحتلال الذي يستغل انشغال الأمة بمشاكلها الداخلية لِيُصَعّدَ من وتيرة اقتحامات المسجد الأقصى المبارك، ويكثف من إجراءاته ومخططاته الدنيئة والظالمة، في محاولة لتهويد مدينة القدس وفرض الأمر الواقع فيها وصولا إلى محو معالمها العربية الإسلامية والمسيحية، ليتمكن من تكريسها عاصمة يهودية خالصة، بعد إفراغها من سكانها الأصليين الفلسطينيين المقدسيين.
ونظرا لأهمية هذه الرسائل اليوم، فإننا نعيد قراءتها من جديد، رغم مرور ثلاث سنوات عليها، لأنها تبقى ذات راهنية كبيرة، وجرأة أكبر في توزيع المسؤوليات، وترتيب الخطوات، حتى تسع الجميع، ولا يعفى منها احد، لأن قضية فلسطين هي قضية الجميع، كل انسان حر في العالم له نصيب في الدفاع عن مظلمتها التاريخية في زمن فلسطيني يعرف تطورات غير مسبوقة.
تحية لمقاومة الشعب الفلسطيني والصمود البطولي للمرابطين
كان واضحا في موقف حركة التوحيد والإصلاح استشعارها للدور البطولي الذي لعبه المرابطون في المسجد الأقصى في ظل تخاذل الأنظمة العربية والإسلامية عن الدعم والمؤازرة والخروج بموقف حاسم من أجل الضغط على الاحتلال الصهيوني للتراجع عن الإجراءات الجائرة في حق المقدسيين وانشغالهم بالخلافات البينية، وقد وجهت الحركة في بيانها تحيتها العالية لمقاومة الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم سكان مدينة القدس على صمودهم البطولي واستحقاقهم للانتصار الذي فرضوه على الأرض ضد إجراءات الاحتلال برغم حالة الضعف في المنظومة العربية والإسلامية وحالة التواطؤ الدولي المكشوف.
تثمين ودعم لمطالب المرجعيات الدينية بالقدس
ولم تنسى الحركة نضال المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية على أرض الميدان ومطالبهم التي خطوها على درب الكفاح الفلسطيني وتحرير القدس الشريف بمقدساته من درن العدو الصهيوني، فثمنت ودعمت التوحيد والإصلاح هذه المطالب العادلة للمرجعيات الدينية في القدس ومن بينها إعادة مفاتيح باب المغاربة المغتصب منذ عام 1967 لدائرة الأوقاف الإسلامية ودخول كافة المسلمين من كافة أبواب المسجد بحرية ودون أية إعاقة.
دعوة التعاون الإسلامي لتجاوز مجرد الإدانة
التوحيد والإصلاح عرجت على الدور المهم لمنظمة التعاون الإسلامي والدول الأعضاء فيها والهيئات التابعة لها ودعتها بهذه المناسبة إلى تجاوز مجرد الإدانة للعدوان الصهيوني على المسجد الأقصى ومدينة القدس والسعي لاتخاذ المواقف والمبادرات العملية اللازمة والملائمة للدفاع الحقيقي عن مقدسات الأمة في فلسطين والتعبير عن نبض الشعوب الإسلامية الغاضبة.
مسؤولية المنتظم الدولي عن جرائم العدو الصهيوني
ولن تخفي حركة التوحيد والإصلاح في بيانها عن مسؤولية المنتظم الدولي وعلى رأسها الأمم المتحدة في تأزيم الوضع القائم والجرائم الصهيونية المقترفة بل حملتها المسؤولية في ما يحدث في التغاضي عن جرائم العدو الصهيوني في القدس والمسجد الأقصى كما حثت هذا المنتظم على ضرورة العمل على تمكين الفلسطينيين من أداء شعائرهم الدينية وذلك بردع الكيان الصهيوني وإيقاف اعتداءاته المتلاحقة وانتهاكاته لحرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية من قبل المستوطنين وعناصر الجيش الصهيوني.
الحركة تجدد التأكيد على الانخراط في مختلف الجهود الداعمة للقضية الفلسطينية وتجريم التطبيع |
تثمين الرسالة الملكية إلى الأمين العام للأمم المتحدة
يقوم الملك محمد السادس باعتباره رئيسا للجنة القدس، بدور ريادي ومهم في حماية وصيانة وإعمار معالم القدس الشريف وعلى رأسها المسجد الأقصى، حيث وجه في ظل تكالب العدو الصهيوني على مقدسات المسجد الأقصى بمراسلة الأمين العام للأمم المتحدة، هذا الموقف ثمنته حركة التوحيد والإصلاح في بيانها، كما دعت لجنة القدس للاجتماع العاجل واتخاذ الإجراءات العملية الكفيلة بمواجهة الاحتلال الصهيوني والضغط على المنتظم الأممي في هذا الاتجاه لفرض عقوبات رادعة حقيقية كما هو الحال عندما يتعلق الأمر بدول وشعوب الأمة الإسلامية.. ودعت أيضا لمواصلة الجهود المباركة لإعمار القدس وما تقوم به وكالة بيت المال من أعمال في هذا الإطار.
دعوة الشعوب العربية والإسلامية لمزيد من التفاعل الميداني
رغم بعض التحركات والمظاهرات التضامنية مع الشعب الفلسطيني والاحتجاجية ضد الممارسات الجبانة للعدو الصهيوني من طرف الشعوب العربية والإسلامية خصوصا في بعض البلدان كالمغرب، فإن حركة التوحيد والإصلاح تدعو إلى مزيد من اليقظة والتفاعل الميداني وتلبية نداءات واستغاثات سكان مدينة القدس، والعمل بمختلف الأشكال الممكنة لدعمهم ومؤازرتهم والتضامن معهم ونصرة قضيتهم العادلة، والتحسيس بخطورة الوضع الذي تعيشه مدينة القدس وفلسطين بشكل عام، ودعم انتفاضة القدس بكل الوسائل المتاحة.
دور النخبة والفعاليات في التوعية بالقضية الفلسطينية
ولن تنسى الحركة في بيانها دور العلماء والمفكرين والمثقفين والحركات الإسلامية والأحزاب الوطنية والمنظمات النقابية والهيئات المدنية والحقوقية والشبابية حيث دعتهم إلى مضاعفة التعبئة لنصرة المسجد الأقصى والتنديد بالجرائم المتلاحقة للكيان الصهيوني اتجاه المقدسات والتصدي للتطبيع والاختراق الصهيوني المتكرر على كافة المستويات نظرا لدورهم التأطيري والتوعوي في التحسيس بأهمية ومركزية القضية الفلسطينية لدى الشعوب العربية والإسلامية.
ولأعضاء حركة التوحيد والإصلاح ومتعاطفيها دعوة
كما دعا بيان التوحيد والإصلاح أعضاء الحركة والمتعاطفين معها وعموم الشعب المغربي إلى اغتنام كل الفرص والمناسبات الممكنة مثل ذكرى إحراق المسجد الأقصى (21 غشت 1969) وذكرى وعد بلفور المشؤوم (02 نونبر 1917)، لتنظيم الفعاليات والإبداع في أشكال التضامن مع القضية الفلسطينية، والتنديد بالاعتداءات الصهيونية المتكررة على المسجد الأقصى والانتهاكات المتتالية لحقوق وكرامة الفلسطينيين شعبا وأرضا ومقدسات، وللقيام برفع مستوى الوعي التاريخي والثقافي بالقضية وزيادة منسوب التعبئة والتحسيس بخطورة الوضع المتفاقم والتعاون في ذلك مع مختلف الفاعلين والداعين لنصرة ودعم هذا الشعب المظلوم.
وحدة الصف الفلسطيني وقطع علاقات التنسيق الأمني مع الاحتلال
كما دعت حركة التوحيد والإصلاح في نهاية بيانها مختلف مكونات الصف الفلسطيني إلى كلمة سواء والتوحد في مواجهة الكيان الغاصب باعتباره تهديدا حقيقيا للقضية الفلسطينية، كما دعت أيضا السلطة الفلسطينية إلى قطع علاقات التنسيق الأمني مع هذا الكيان الذي يعمل على تنزيل مخططاته عبر العمل على تفريق الصف الفلسطيني بمختلف مكوناته.
التوحيد والإصلاح تثمن توحيد الجهود بين فتح وحماس ضد مخطط الضم الصهيوني |
تسعة مواقف ميزت بيان حركة التوحيد والإصلاح لامست فيه مجموعة من الدعوات والإجراءات المطلوبة وتثمين بعض الإجراءات والأهم هو تحية صمود المرابطين المقدسيين وانتصارهم على العدو الصهيوني في الدفاع عن المقدسات بالمسجد الأقصى والذود عن المحارم الإسلامية.
الإصلاح