هذه أهم مضامين أشغال الندوة الصحفية لمنتدى الزهراء حول تقنين العمل عن بعد
تحت شعار “تقنين العمل عن بعد مدخل لإنصاف المرأة وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والحياة الخاصة” نظم منتدى الزهراء للمرأة المغربية يوم الجمعة 26 يونيو على الساعة الثامنة والنصف مساءا ندوة صحفية عن بعد لتقديم مذكرته الاقتراحية التي وجهها للسيد رئيس الحكومة بخصوص تقنين العمل عن بعد، بثها بالمباشر عبر صفحته على الفايسبوك.
انطلقت أشغال الندوة الصحفية التي أدارها الأستاذ عبد الحفيظ اليونسي الخبير القانوني المواكب لمذكرة المنتدى، بكلمة افتتاحية للسيدة رئيسة المنتدى رحبت فيها بالسادة الصحفيين الحاضرين، وكانت مناسبة لتوضيح السياق الزماني والموضوعي للندوة. حيث أشارت إلى المقتضيات الدستورية التي تم الارتكاز عليها والمتعلقة بالحقوق والحريات ولاسيما الفصلين 19 و31، وتدابير الحماية الحقوقية والاجتماعية للأسرة الواردة في الفصل 32 من الدستور؛ كما ذكرت بالتجربة العملية للعمل عن بعد التي خاضتها الإدارة العمومية وعدد من الشركات والمؤسسات خلال فترة الطوارئ الصحية الناجمة عن أزمة كوفيد-19، معتبرة أنها تشكل مستندا مهما لإعادة النظر في أساليب إنجاز المهام والأعمال والواجبات الوظيفية خارج مقرات العمل الرسمية باستثمار وسائل الاتصال الحديثة وتكنولوجيا المعلومات.
وقد حرصت السيدة عزيزة البقالي بهذه المناسبة على التنويه بالدينامية التي عرفتها أشغال الإعداد لهذا العمل، بعد انضمام مجموعة من الموظفات المناضلات واللواتي شكلن لجنة تقديم العريضة وساهمن في تطوير مقترحاتها انطلاقا من تجاربهن في العمل، كما كشفت على أنهن وبدعم من المنتدى استطعن بلورة ملف مطلبي متكامل للرقي بوضعية المرأة في القطاع العام سيكون موضوع عريضة وطنية سيتم إطلاقها لاحقا وفق القانون التنظيمي 14- 44 بتحديد شروط و كيفيات تقديم العرائض إلى السلطات العمومية وذلك بعد تجاوز بلادنا بإذن الله لتداعيات أزمة كوفيد,19 .
وفي سياق تدخلها من أجل تقديم أهم مضامين المذكرة الاقتراحية، التي ستعرض بعد الندوة الصحفية على العموم للتوقيع على شكل عريضة إلكترونية، ركزت وكيلة العريضة على أهم الدواعي والأسباب والمنطلقات لهذه المبادرة، لتنتقل بعد ذلك للحديث بشكل تفصيلي عن المطالب الثمانية للمذكرة والعريضة، والتي تندرج في إطار محورين رئيسيين.
وهكذا وفي محورها الأول، أوضحت السيدة آسية بلعروي أن العريضة تطالب بضرورة الإسراع بالتنصيص بقانون على العمل عن بعد في القطاع العمومي والشبه العمومي، واعتماد كل الأنواع المتعارف عليها دوليا. مع تدقيق شروط العمل عن بعد ووضع قواعد واضحة للتقييم، إضافة إلى ضمان المساواة في الحقوق والامتيازات بينه وبين العمل في المقرات الرسمية.
وفي نفس السياق شددت على ضرورة جعل العمل عن بعد اختيارا للموظف والإدارة وفق شروط يوضحها القانون، مبينة أن العريضة تدعو إلى إعطاء الأولوية للحالات التي تقتضيها بعض الظروف الاجتماعية للمرأة الموظفة من قبيل فترة الرضاع، ووجود أبناء توائم أو في حالة أبناء في وضعية إعاقة أو مرض مزمن.
وفي محورها الثاني، ركزت المذكرة على المطالب المتعلقة بتفعيل وتحصين مقتضيات العمل في القطاع الخاص، وذلك باقتراح مقتضيات تحمي الأجير من قبيل تثبيت العلاقة الشغلية في حالة تنكر المشغل لها، مع تحديد كيفية توقيف أو إنهاء العلاقة الشغلية، بالإضافة إلى إقرار مقتضيات تضمن حقوق مساعد الأجير، وكذا حماية زوجة الأجير وأبناءه في حالة تعرضهم لحادث مرتبط بعمل الأجير. وفي نهاية مداخلتها عرضت السيدة آسية بلعروي العريضة الإلكترونية التي سيتم إطلاقها مباشرة بعد الندوة على صفحة المنتدى و تقاسمها بكل وسائل التواصل المتاحة، كما دعت المشاركين لمتابعة الشريط التحسيسي الذي أعده شباب المنتدى لدعم الحملة الإلكترونية لترويج العريضة على نطاق واسع.
إقرأ أيضا: منتدى الزهراء يدعو لتقنين العمل عن بعد بصفة دائمة مع نوع من التمييز الإيجابي لصالح المرأة |
هذا وقد عرفت الندوة الصحفية التي تتبع أشغالها صحافيون من عدة منابر إعلامية وكذا الإعلاميين الحقوقيين الشباب الذين يتم تكوينهم بإشراف من المنتدى ضمن مشروع إشراك، تدخلات مهمة من طرف الصحافيين و كذا متتبعي الصفحة تفاعل معها كل من وكيلة العريضة ورئيسة المنتدى وبعض أطره وكذا الخبير القانوني، تناولت في مجملها مطلب تقنين العمل عن بعد من زوايا مختلفة.
فمن جهة، تساءل بعض المتدخلين عن مدى واقعية مطلب التقنين دون تقييم تجربة بلادنا في العمل عن بعد في سياق الجائحة، والتي كان يعوزها الاستعداد والإمكانيات، و لم تكن في مستوى الجودة المطلوبة خصوصا إذا استحضرنا الإشكالات التي طرحت في تدبير قطاعات حيوية كالتعليم والصحة، كما أشارت إلى أهمية التكوين والتأهيل في هذا المجال.
وبالمقابل أكدت تدخلات أخرى على أن تقنين العمل عن بعد أصبح ضرورة ملحة في ظل الفراغ التشريعي الذي تشهده الترسانة القانونية المغربية، من أجل الرجوع إلى مقتضياته في حالة النزاع بين المشغل والأجير. واعتبرت أن نجاح هذا الشكل رهين بوضوح ودقة التعاقد بين الموظف و الإدارة التي ينتمي إليها خصوصا في مجال المهام و الالتزامات و أيضا الحقوق والإمكانات التقنية الموضوعة تحت تصرف الموظف لضمان حسن الأداء التي ينبغي أن يؤطرها القانون. كما اعتبرته شكلا من أشكال العمل التي تتيح التوازن بين المسؤولية الأسرية من جهة بوصفها وظيفة تخدم التنمية، و بين المسؤولية المهنية من جهة أخرى والتي تعتبر فيها المرأة إلى جانب أخيها الرجل مسؤولة على تحقيق التنمية .
غير أن المشاركين والمشاركات أجمعوا على اعتبار مذكرة المنتدى والعريضة التي تم إطلاقها في هذه الندوة خطوة مهمة و ذات راهنية ينبغي دعمها، متمنين وضعية أفضل للمرأة والأسرة المغربية في إطار مراجعة القوانين ذات الصلة بالعمل لتحقيق استقرار الأسرة وتمكين المرأة.
وتجدر الإشارة أن هذه المذكرة الاقتراحية والعريضة التي أعدها منتدى الزهراء للمرأة المغربية تأتي كحلقة في مسار طويل من الترافع لدى الجهات الحكومية الوصية من أجل تحقيق الإنصاف و الكرامة للمرأة في العمل وتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والحياة الخاصة،حيث سبق للمنتدى أن أطلق دراسة ميدانية حول المرأة الموظفة والتوزع بين الأدوار منذ 2006، تلتها العديد من الأيام العلمية والدراسية واللقاءات التشاورية الجهوية التي نظمها بتنسيق مع الجمعيات المنضوية في الشبكة والمتواجدة بمختلف جهات المملكة، توجت بمذكرة اقتراحية سنة 2011 ، طالب المنتدى فيها بتعديل قانون الوظيفة العمومية، وقانون المعاشات المدنية لإنصاف المرأة الموظفة وكان تقنين العمل عن بعد من بين مطالبها، كما أنجز سنة 2017 دراسة قانونية حول المرأة والعمل بين القانون الوطني ومعايير العمل الدولية خلصت إلى توصيات مهمة لتحسين وضعية المرأة في القطاعين العام والخاص، ستكون موضوع ترافعات قادمة لمنتدى الزهراء للمرأة المغربية في أفق تحقيق الإنصاف للمرأة و الاستقرار للأسرة .
الإصلاح