بمشاركة الدكتور لهنا.. جهة الوسط تنظم فعاليات النسخة الأولى من “منتدى شفاء”

نظم قسم الطفولة والشباب بجهة الوسط لحركة التوحيد والإصلاح يوم الأحد 21 دجنبر 2025، فعاليات النسخة الأولى من “منتدى شفاء” بالمركب الثقافي “محمد عصفور” بالدار البيضاء تحت شعار: “ممارسة طبية.. نحيي بها القيم، ونحفظ الإنسان”.

وانطلقت فعاليات المنتدى بآيات بينات من الذكر الحكيم، تلتها كلمة تأطيرية رسمت معالم الطريق ألقتها مديرة المنتدى، طالبة الطب الأخت جهاد الدختاري عضو قسم الشباب الجهوي، وضعت خلالها الأصبع على الجرح، متحدثة عن “فراغ روحي ونفسي” يواجهه طالب الطب وسط زحام المقررات الدراسية.
وأكدت أن “منتدى شفاء” جاء ليكون الحضن الذي يجمع بين التكوين العلمي الرصين والبناء القيمي المتين، ممهدة بذلك الطريق لندوة صباحية تفاعلية حملت عنوان “إطار صحة الغد: من الدراسة إلى الممارسة”.
و تميزت الجلسة الصباحية بتنوع فريد في “البروفايلات” المؤطرة، مما خلق تكاملا معرفياً أثرى نقاشات الطلبة؛ حيث قدم الدكتور بوخرواعة، أخصائي تقويم الأسنان، نموذجا حيا للطبيب الذي لا تشغله عيادته عن رسالته، متحدثا بإسهاب عن تجربته في الموازنة بين دقة “تقويم الأسنان” التي تتطلب مهارة عالية، وبين تطوعه الدائم في خدمة علوم القراءات القرآنية.
وكانت رسالته واضحة بأن “الطبيب الحافظ لكتاب الله والمتقن لعمله هو الأقدر على استشعار مراقبة الله في مرضاه”، مقدماً بذلك وصفة عملية للجمع بين النجاح المهني والصفاء الروحي.
من جانبها، نقلت الدكتورة مريم العقار النقاش إلى زاوية تخصصية واجتماعية بالغة الأهمية، بصفتها حاصلة على دبلوم التخصص في الصيدلة السريرية (Pharmacie Clinicienne)، باسطة تجربتها الملهمة التي لم تقتصر على الشق العلمي، بل تطرقت بصدق إلى كيفية تحقيق التوازن الأسري كأم مع الحفاظ على التفوق المهني، موضحة في الآن ذاته أن دور الصيدلي لم يعد مقتصرا على صرف الدواء، بل هو شريك أساسي في الخطة العلاجية.
واكتمل عقد التميز بمشاركة الأستاذة الجامعية مريم بلكرام، التي مثلت قطاع علوم الصحة والتمريض بكفاءة عالية، ناقلة من موقعها كإطار مسؤول داخل مستشفى جامعي خاص واقعا حقيقيا عن “التحديات الإدارية والميدانية”، وتجربتها الخاصة في قيادة فرق العمل في بيئات ضاغطة.
وتجسيدا لاهتمام المنتدى بالصحة النفسية والجسدية للممارس الصحي، تخللت الندوة فقرة “استراحة صحية نشيطة” (Active Break) أشرف عليها أخصائي الترويض الشاب حمزة شنيدر.

وقد شهدت هذه المحطة تفاعلا لافتا من طرف الحاضرين، الذين انخرطوا بشكل جماعي وحماسي في التمارين المقترحة، مما خلق أجواء من المرح والحيوية نجحت بامتياز في إعادة شحن الطاقات، ترسيخا لمبدأ أن “فاقد الصحة لا يعطيها”.
ومع انتصاف النهار، حبست القاعة أنفاسها وتوحدت القلوب مع اعتلاء ضيف الدورة الاستثنائي، “طبيب المستغيثين” وجراح الأمل الدكتور زهير لهنا، المنصة في مداخلة لم تكن مجرد سرد لأحداث، بل كانت درسا بليغاً في الإنسانية تحت عنوان “تجربة ميدانية في العمل الطبي الإنساني”.
غاص الدكتور لهنا في تفاصيل رحلته الطويلة، مشددا في البداية على أن العمل الإنساني في مناطق النزاع لا يحتمل الهواية، مؤكدا أن “التأسيس العلمي المتين” هو السلاح الوحيد للطبيب لإنقاذ الأرواح حين تنعدم الإمكانيات.
ثم طاف بالحضور عبر “جغرافية العطاء”، ساردا قصصا من أدغال إفريقيا، وجبال أفغانستان، ومدن سوريا، كما لم يفتْه التوقف عند محطة المغرب، مشددا على أن خدمة الوطن والمناطق النائية هي المنطلق الحقيقي لأي عمل إنساني عالمي، حيث يصبح الطبيب هو آخر خيط للأمل.
وكانت الشهادة الأبرز حديثه عن غزة، حيث روى تفاصيل “طب الحروب” وكيف يمارس الطبيب مهامه تحت القصف والحصار، مقدما شهادة حية عن شجاعة الكوادر الطبية هناك التي تداوي الجراح وهي تنزف.
واختتم حديثه بالإشارة إلى اختياره ضمن نخبة “Aurora Humanitarians 2025″، معتبرا أن هذا التكريم ليس لشخصه، بل هو اعتراف عالمي بـ”عدالة القضية” ورسالة بأن صوت الإنسانية يصل مهما علا صوت المدافع.

وعقب انتهاء مداخلته، تم تكريم الدكتور زهير لهنا، إذ تسلم درع العرفان من يد الأخت جهاد الدختاري، نيابة عن قسم الشباب الجهوي، في مشهد جسد تلاحم الأجيال وتقدير “أطباء الغد” لرواد العمل الإنساني.
بعد ذلك، انطلق الشطر الثاني من المنتدى الذي شكل “العمق الحقيقي” للنشاط؛ وتحول المركز السوسيو ثقافي محمد عصفور إلى ورشات مصغرة وحلقات حوارية كسرت الحواجز الرسمية، إذ وجد الطلبة والخريجون الجدد فضاء للمكاشفة والبوح بهواجسهم، ومشاركة مخاوفهم حول المستقبل المهني والضغوط النفسية وتحديات الالتزام الأخلاقي في بيئة العمل، كما كانت جلسات “تفريغ وبناء” بامتياز، حيث تحول المؤطرون إلى موجهين ينصتون بقلوبهم قبل عقولهم، مقدمين خلاصات تجاربهم لتبديد مخاوف الجيل الجديد.
عن اللجنة الإعلامية لـ “منتدى شفاء”



