أخبار عامةالرئيسية-فلسطين

“القدس الدولية” ترصد توظيف عيد “الحانوكاه” في تهويد القدس والأقصى

يمرّ عيد “الأنوار/الحانوكاه” ثقيلا على القدس والأقصى، إذ تشهد المدينة خلاله سلسلة اعتداءات تهدف إلى فرض الهوية اليهودية عليهما. ومن خلال متابعة هذه الاعتداءات ما بين عامي 2014 و2024، يظهر أن الاحتلال يتبع استراتيجية منظمة في استهداف القدس والمسجد الأقصى، يمكن تلخيص أبرز محاورها فيما يأتي:

أولا: دور “منظمات المعبد” المحوري في حشد المستوطنين في الأقصى

تولّت “منظمات المعبد” – بوصفها المحرّك الأساسي لاقتحامات الأقصى – مسؤولية حشد المستوطنين، من خلال شنّ حملات تعبئة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، واستقطاب شخصيات مؤثرة في دولة الكيان، للمشاركة في هذه الاقتحامات وإشراك المزيد من المستوطنين في اقتحامات المسجد الأقصى، وتثبيت الرواية اليهودية من خلال تقديم شروحات عن “المعبد”. ولم يقتصر دور هذه المنظمات على دعوة جمهور المستوطنين فقط، بل لجأت إلى ممارسة ضغوط سياسية على شرطة الاحتلال، عبر أنصارها الذين أطلقوا تصريحات تطالب بتسهيل الاقتحامات وضمان الحماية الكاملة للمستوطنين في أثناء اقتحامهم الأقصى.

ثانيا: مشاركة المستوى السياسي الإسرائيلي في اقتحامات “الحانوكاه”

شارك العديد من السياسيين الإسرائيليين في اقتحامات المسجد الأقصى في “عيد الحانوكاه”، وأدلى بعضهم بتصريحات صريحة تُظهر ادعاء السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى. وقد شكّل هذا الانخراط السياسي غطاءً رسميًا لانتهاك المستوطنون في الأقصى.

ثالثا: إجراءات شرطة الاحتلال القمعية

منذ عام 2014 وحتى عام 2020 سعت شرطة الاحتلال إلى فرض جملة من الإجراءات الأمنية، التي هدفت إلى تحييد المصلّين والمرابطين، الذين كان لهم دور بارز في التصدي لاقتحامات المستوطنين، ومنعهم من أداء الطقوس اليهودية بأريحية، ومن أبرز هذه الإجراءات:

  • مرافقة أذرع الاحتلال الأمنية للمستوطنين في أثناء اقتحامهم للمسجد الأقصى.
  • تقييد دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، والاكتفاء بكبار السن، الذين لا يستطيعون التصدي للمستوطنين.
  • تحديد أعداد الموجودين في الأقصى من الحراس والمرابطين.
  • تحييد المصلين عن طريق اقتحام المستوطنين في الأقصى.
  • غض الطرف عن أداء المستوطنين للطقوس اليهودية العلنية. 

ونتيجة هذه الإجراءات، نجحت شرطة الاحتلال ابتداءً من عام 2021 وحتى عام 2024 في ترسيخ هذه السياسات القمعية، ففرضت وقائع جديدة مكّنت المستوطنين من تنفيذ اقتحامات أوسع، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في أعدادهم، وبات المسجد الأقصى مكشوف الظهر أمام انتهاكات المستوطنين.

رابعا: المستوطنون بوصفهم الأداة التنفيذية

يُعدّ المستوطنون العنصر الميداني الحاسم في محاولات تقويض هوية المسجد الأقصى، ويتجلى دورهم في عدد من الممارسات الخطيرة، من أبرزها:

  • تنفيذ الاقتحامات بأعداد كبيرة يعجز المصلّين عن صدّها أو الحدّ من آثارها.
  • إشعال الشموع داخل المسجد الأقصى، وفي حال تعذّر ذلك، يلجؤون إلى إشعال قدّاحات ولاعات داخل الساحات كتعبير رمزي عن الطقس الديني.
  • أداء الطقوس اليهودية داخل المسجد، ولا سيما تلك المرتبطة بـ عيد “الحانوكاه”، في محاولة لإظهار المسجد الأقصى وكأنه “معبد” قائم بالفعل، بما يمنح المستوطنين وفق روايتهم “حقًا” في أداء هذه الطقوس داخله.

خامسا: مساهمة سلطات الاحتلال في تهويد البيئة الثقافية لمدينة القدس

أسهمت سلطات الاحتلال بشكل مباشر في تعزيز الطابع التهويدي للبيئة الثقافية في مدينة القدس، وذلك عبر تزيين أسوار المدينة وشوارعها بلوحات ضوئية، وعروض ضوئية ضخمة تحمل دلالات دينية يهودية، وتستعرض الأساطير الدينية لديهم. وقد تضمنت هذه اللوحات رموز “عيد الحانوكاه” مثل الشموع والشمعدان، إلى جانب صور وشعارات تدعو إلى الاحتفال بما يسمّى بـ “الخلاص من السلوقيين”، وأخرى تُمجّد “المكابيين”.

وقد جاءت هذه المظاهر في سياق متكامل يهدف إلى فرض حضور ثقافي يهودي على المشهد العام في القدس، وتكريس رواية الاحتلال في فضاء المدينة.

وفي سياق متصل، حذّر رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري من أن المدينة المقدسة تمر بمرحلة بالغة الخطورة، في ظل غياب أي رادع للحكومة “الإسرائيلية” المتطرفة، وما يرافق ذلك من تصاعد مخططات تستهدف المسجد الأقصى عبر الهدم والتقسيم.

وأكد صبري أن القدس تعيش مرحلة مؤلمة نتيجة السياسات “الإسرائيلية” المتطرفة، مشيرا إلى أن أبناء المدينة يدفعون ثمن دفاعهم عن المسجد الأقصى، ويُتركون وحدهم دون سند أو دعم، في ظل صمت دولي مطبق.

وأوضح أن المقدسيين يواجهون أوضاعا قاسية من التنكيل والمعاناة المستمرة، مع تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية بشكل متصاعد، لافتا إلى أن هذه المعاناة لم تزدهم إلا تمسكا بأرضهم وصمودا في وجه المخططات التهويدية.

أخبار / مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى