تقرير يحذر من الإجهاد المائي بفعل نموذج الري في مخطط الجيل الأخضر

حذّر تقرير جديد من نموذج الري المكثف بمخطط “الجيل الأخضر” الذي يضغط بقوة على المخزون المائي، في وقت تعرف فيه البلاد تراجعا حادا في التساقطات المطرية مقارنة بالمعدل التاريخي.
جاء ذلك في تقرير صادر عن “المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة” رصد التحولات التي أحدثها مخطط “المغرب الأخضر”، وقيّم آفاق مخطط “الجيل الأخضر” في مواجهة تحديات جديدة، تتقدمها الندرة المائية، والعدالة الاجتماعية، وضرورة إعادة تشكيل نموذج الإنتاج الفلاحي.
وانطلق تقرير المركز على وجوب قيام قراءة السياسات الزراعية بالمغرب على ثلاثة مستويات أساسية: الأثر الاقتصادي، والأثر الاجتماعي، ثم الأثر البيئي والمائي.
واعتبر التقرير أن مخطط المغرب الأخضر على الرغم من أنه حقّق مكاسب على مستوى تحديث القطاع، فإنه خلّف، في المقابل، اختلالات هيكلية تستدعي تصحيحا عاجلا لضمان الاستدامة.
ويرى المركز أن الإشكال لا يقتصر على نقص المياه، بل يمتد إلى اختيارات الإنتاج التي فضّلت محاصيل ذات مردودية اقتصادية مرتفعة لكنها كثيفة الاستهلاك للماء، مثل الأفوكادو والبطيخ الأحمر والحوامض. وهو ما وضع المغرب، حسب التقرير، أمام معادلة صعبة تجمع بين ازدهار الصادرات الفلاحية من جهة، وتراجع متواصل للموارد المائية من جهة أخرى.
وتطرق التقرير إلى ما سماه “تصدير الماء الافتراضي”، أي تصدير منتجات تتطلب كميات كبيرة من المياه لإنتاجها، بما يعني انتقالا فعليا للثروة المائية نحو الأسواق الخارجية دون ضمانات كافية للاستدامة.
وأوضح المركز أنه رغم النجاحات المسجلة في سلاسل التصدير، لم يستفد الأمن الغذائي المحلي بالقدر نفسه، حيث ظل المغرب معتمدا بشكل كبير على استيراد الحبوب والمواد الأساسية.
وينبه التقرير إلى أن التركيز على الزراعات التصديرية جاء على حساب الزراعات المعيشية، مما حدّ من قدرة السوق الداخلي على التكيف مع الأزمات الدولية.
وأكد أن ارتفاع الأسعار خلال فترات الجفاف أو الاضطرابات اللوجستية العالمية كشف هشاشة النموذج الغذائي، وأن إعادة التوازن بين الإنتاج الموجه للتصدير وذلك الموجه للاستهلاك الداخلي أصبحت ضرورة استراتيجية وليست مجرد خيار تقني.
ويعتبر المركز أن مخطط “الجيل الأخضر” يشكل فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، في ظل رغبة معلنة لإعادة بناء السياسة الزراعية على أسس أكثر اجتماعية وارتباطا بالاستدامة، من خلال وضع المزارع في قلب السياسة العمومية، وتشجيع إدماج الشباب، وتعزيز الاقتصاد التضامني، وتطوير سلاسل القيمة.
ويرى أن الاستثمار في تحلية مياه البحر يمكن أن يشكل حلا تخفيفيا في مناطق الضغط المائي، شريطة ربطه بدراسات جدوى اقتصادية وبيئية دقيقة، حتى لا يتحول إلى خيار مكلف وغير فعّال.




