الصحراء المغربية.. محطات تاريخية منذ افتعال النزاع إلى استشراف الحل

شهدت قضية الصحراء المغربية محطات تاريخية منذ نشأة النزاع المفتعل بشأنها إلى اليوم حيث يتلمس المغرب حلا يطوي هذه الصفحة في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي كرسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 كأساس تفاوضي.
وتعد هذه القضية من ضمن قضايا مخلفات الفترة الاستعمارية التي شهدتها القارة الأفريقية والآسيوية. ويكشف الرجوع إلى تاريخ سابق على هذه الفترة الاستعمارية أن الصحراء المغربية كانت دوما محط أطماع متجددة من القوى الاستعمارية الأوروبية لموقعها الهام.
أطماع قديمة
على سبيل المثال؛ في 1476 قامت إسبانيا ببناء قلعة باسم «مار دي بيكينيا” وعلى الفور أمر سلطان المغربي آنذاك بإرسال 10000 جندي لتدميرها، وفي عام 1767، رفض السلطان محمد بن عبد الله طلبا إسبانيا بالاستقرار على سواحل جنوب المحيط الأطلسي بالمغرب.
ولم تتوقف الأطماع يوما عن تكشير أنيابها خلال فترة الضعف أيام الاستعمار، لذلك كان أول عمل للمغرب مباشرة بعد أيام من انضمامه لمنظمة الأمم المتحدة هو المطالبة باسترجاع أقاليمه الجنوبية في عام 1957 أي بعد سنة فقط من استقلاله.
وفي هذا السياق جاء خطاب محاميد الغزلان ليكون أولى لبنات مسار استكمال الوحدة الترابية، إذ أكد الملك محمد الخامس يوم 25 فبراير 1958 أمام الوفود الصحراوية اللآتية لتجديد البيعة والولاء، أنه: “سنواصل العمل بكل ما في وسعنا لاسترجاع صحرائنا، وكل ما هو ثابت لمملكتنا بحكم التاريخ ورغبات السكان”.
المسيرة الخضراء
وفي 1963، أدرجت الأمم المتحدة قضية الصحراء المغربية في جدول أعمال اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار بطلب من المغرب، فأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 2072 والذي طالب إسبانيا بصفتها الدولة القائمة بالإدارة، بالقيام فورا باتخاذ التدابير اللازمة والدخول في مفاوضات من أجل تحرير إقليمي سيدي إفني والصحراء من السيطرة الاستعمارية في عام 1965.
وقد أفضى هذا المسار الأمم في 1975 إلى صدور الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية معتبرا أن الصحراء لم تكن أرضا خلاء أو بدون سيد، ومقرة بوجود روابط تاريخية وولاء وبيعة بين سلاطين المغرب والقبائل المقيمة بالصحراء.
وفتحت الشرعة الدولية أمام المغرب باب المبادرة بتأكيد سيادته فنظم المغاربة بتاريخ 6 نونبر 1975 المسيرة الخضراء، وهذا ما لم يرق البعض فأعلنوا عن قيام الكيان الوهمي في 27 فبراير 1976، وهو الكيان الذي هاجم في 9 يونيو 1976 عاصمة موريتانيا، وقتل على إثره المؤسس الوالي مصطفى السيد.
ومن المحطات البارزة في هذا المسار ترسيم الحدود بين المغرب وموريتانيا في 14 أبريل 1976، وبعدها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979، لكن الدسائس أدت إلى انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية بسبب قبول عضوية البوليساريو رغم عدم قانونيتها في 22 نونبر 1984.
مبادرات قوية
ومنذ ذلك التاريخ اتخذ المغرب نهجا جديدا عقب إصدار مجلس الأمن لقراره رقم 690 يقضي بإقرار مخطط للتسوية في 29 أبريل 1991 ويتعلق هذا النهج بالمبادرة، حيث أحدث المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية في 2006.
وبتاريخ 1 أبريل 2007، قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية في منظمة الأمم المتحدة كأساس تفاوضي، وفي سنة 2017، أعلن المغرب إنهاء سياسة الكرسي الفارغ بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي، من أجل التعريف بقضيته لدى دول المنظمة فأفضى ذلك إلى كسب تأييد الكثير من الدول.
ونتج عن حضور المغرب القوي صدور القرار رقم 693 عن قمة نواكشوط للاتحاد الإفريقي في يوليوز 2018 يؤكد على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء وإحداث آلية اللجنة الثلاثية (الترويكا) وذلك لدعم الجهود الأممية في الموضوع.
دينامية دبلوماسية
وما هي إلا أيام قليلة حتى بدأت دينامية دبلوماسية لافتتاح القنصليات العامة الأجنبية بالأقاليم في الجنوبية في سنة 2019، لتبلغ عدد القنصليات إلى حدود 31 غشت 2021 حوالي 25 قنصلية، وتعزز هذا المسار باعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء في 10 دجنبر 2020.
وتوجه هذا المسار باعتماد مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025 القرار رقم 2797 يشدد على تيسير وإجراء المفاوضات استنادا إلى المقترح المغربي للحكم الذاتي المغربي، بهدف التوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من الأطراف، ومتوافق مع ميثاق منظمة الأمم المتحدة.
قد يكون هذا السرد طوى مجموعة من المحطات لكنه توقف عند أكثرها بغرض تذكير الأجيال بما ينطوي عليه هذا النزاع المفتعل من خلفيات تاريخية ودسائس استهدفت المغرب في وحدة أراضيه وأشغلته عن تحقيق أماله في التنمية.




