مقاصد رسالة المسجد ودوره في تفعيل خطة تسديد التبليغ

نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمدرج الكبير التابع لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات حفلا دينيا بمناسبة الدورة السابعة عشرة ليوم المساجد، وذلك يوم الثلاثاء 23 ربيع الأول 1447 موافق 16 شتنبر 2025.
وقد افتتح الحفل بتلاوة آيات بينات من كتاب الله عز وجل، بعده كان الحضور على موعد مع شريط وثائقي حول ” تطور عمارة المساجد المغربية عبر العصور …إبداع متجدد ومتواصل في أساليب البناء والزخرفة”، و”المساجد المتميزة التي شيدت خلال السنة 2025″ تم فيه تقديم أشكال الهندسة المعمارية للمساجد المغربية بدءاً بمسجد القرويين بفاس مع فاطمة الفهرية على عهد الأدارسة وصولا إلى مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، ومرورا بالتحسينات والاضافات مع المرابطين، الموحدبن، المرينيين ثم السعديبن ثم العلويين.
وتقدم الدكتور أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بكلمة بين يدي الحفل، شكر فيها المحسنين والمهندسين والصناع والحرفيين ونوه بكرمهم وإتقانهم، كما بشّر بمواكبة الوزارة لما قطعته على نفسها من إعادة تأهيل مساجد الحوز وزواياه التي تعرضت للتصدع خلال الزلزال.
وعاد الوزير للتأكيد على مشروع تسديد التبليغ وأن من مقاصده عمارة المساجد وجعلها مركزا ليس فقط للصلاة وتلاوة القرآن، بل لتخريج المواطن الصالح الذي يمشي بأخلاق الدين في مدينته وداخل متجره أو مصنعه أو إدارته.
وركز الوزير على استيعاب الشباب وتحصينهم ضد الأخطار الجارفة، وأكد أن المفروض انخراط العلماء والمرشدين والأئمة وعامة الناس في هذا العمل الجليل، والذي يأمل أن يكون من ثمراته تخفيف الكلفة المادية للحياة على الأفراد والأسر وعلى الدولة أيضا.
إن مبادرة الاحتفال بيوم المساجد سنة حميدة وحسنة، وسيزيدها حسنا ألا يقتصر فيها على الجانب المعماري والهندسي الذي هو من قبيل التحسينيات؛ بل يتم فيها عرض منجزات المساجد في تحقيق ما بشر به السيد الوزير حول خطة تسديد التبليغ، وآفاق مزيد من التفعيل لرسالة المسجد.
لقد مضى ما يقارب السنتين على بداية تنزيل الخطة، وعرضت وثائقها للعموم، وتم فيها التأكيد على إعمال الوسائل العلمية في متابعة التنفيذ من خلال التقارير الأسبوعية والشهرية التي ترفع إلى المجلس العلمي الأعلى. ومن ثم يحق لنا أن نتساءل بعد الشروع في التنزيل وربطا برسالة المسجد عن أسئلة من قبيل:
– يلاحظ من خلال التقارير حول المساجد التي تم بناءها قلة من يتوفر منها على كتاب قرآني، فهل من خطة قصد تحفيز المحسنين عند وضع هندسة المسجد على إرفاقه بكتاب قرآني يتضمن فصولا دراسية مجهزة بطاولات عصرية، وربما ببعض وسائل الترفيه قصد تحفيز الأبناء على حضور حصص حفظ القرآن الكريم وتعلم قواعد تجويده؟
– هل من معطيات حول دروس الوعظ والإرشاد في المساجد؟ كم يحضرها من الرجال ومن النساء؟ هل هناك جاذبية لها ؟ وهل حققت مجالس الوعظ التي تخصص لشرح خطب الجمعة الموحدة بعض مقاصدها في بسط مضامين الخطبة وتفعيل الإلتزام بمقتضياتها؟
– هل فعلا هناك تجاوب كبير من طرف المصلين مع الخطب الموحدة؟ وهل بالتوحيد الصارم يمكن فعلا تحقيق مقصد الإرتقاء بتدين الناس وأخلاقهم؟ وكيف يتأتى ذلك لخطيب لا يتاح له ملامسة واقع حيه، ولا التفاعل مع مستجداته، و لا تبسيط خطبته بمنا سناسب الواقع اللغوي والثقافي لرواد مسجده؟
– أليس تطبيق ما قرّره المجلس العلمي الأعلى بشأن اختيارية الخطبة أدعى لدعم الضعيف دون التحجير على الخطيب المتمكن من الإبداع. وبذلك يتمكن الخطيب من حسن التواصل مع جمهور المؤمنين الذين يحضرون الجمعة استجابة للنداء القرآني الذي أوجبها، على خلاف مجالس الوعظ التي تبقى اختيارية ولا إلزام فيها.
– هل من خطة لجعل مساجد المملكة عامرة بالقرآن الكريم تلاوة ومدارسة وتدبرا، فالناظر في كثير من مساجد المملكة يجد حضورا باهتا في تلاوة الحزب بعد المغرب وبعد الصبح، فهل من مكافآت للأمة قصد تحفيزهم على المواظبة عليها؟ وهل من أنشطة موازية تحبب حضور مجالسها للصغار، من مثل حفل الختم نهاية الشهر وتزينه ببعض المفاجآت.
– مشروع محو الأمية بالمساجد حقق إنجازا هاما في صفوف النساء، لكن يلاحظ إقبال ضعيف من طرف الرجال، فهلا قامت المجالس العلمية والمندوبيات بخطة يتواصل فيها الأئمة مع الرجال الأميين ويحفزونهم على الإلتزام بحضور دروس محو الأمية.
– من أهداف خطة تسديد معالجة بعض الظواهر الاجتماعية المرتبطة بالأسرة، فأين هي الخطط لتنزيل ذلك؟ وهل من هامش للخطباء والأئمة قصد معالجة ما يرونه في واقعهم والذي قد يختلف مع واقع مدينة أخرى؟
– لا يخلو حي ولا دوار من مسجد جامع بمرافقه، ألا يمكن التفكير في تيسير فتح المساجد لدروس الدعم الموجهة للتلاميذ المعوزين، وإشراك بعض الأساتذة في تقديمها مجانية لهم؟
هذه أسئلة ضمن أسئلة كثيرة أرجو من خلالها الانتباه إلى الأبعاد المقاصدية لرسالة المسجد، وتيسير تحصيلها، لما فيه من حفظ للأوطان وتحقيق الحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده المؤمنين.
حسن المدغري