خبراء مغاربة: عوامل طبيعية وبشرية تزيد مخاطر حرائق غابات الشمال

رغم إطلاق السلطات المغربية خطة عمل مبكرة لمكافحة حرائق الغابات خلال الصيف منذ منتصف ماي  الماضي، فإن الأرقام تبين أن شمال المملكة سجل معدلا كبيرا من الحرائق.

وسجلت غابات الشمال الكثير من الحرائق خلال شهري يوليو الماضي وغشت الجاري، خاصة بالقرب من مدينتي شفشاون وتطوان بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة وبلوغها مستويات قياسية.

وفي 16 ماي الماضي، أعلنت الحكومة المغربية تخصيص نحو 17 مليون دولار لتعزيز جهود مكافحة حرائق الغابات خلال صيف 2025. ويرى مسؤولون وخبراء مغاربة أن أسباب تسجيل شمال البلاد لعدد حرائق أكبر مقارنة بالمناطق الأخرى ترجع إلى كثافة الغابات وعدد السكان بمناطق الشمال.

ويوضح الخبراء أن صعوبة تضاريس المنطقة وسرعة الرياح تصعب أعمال الفرق الميدانية في مواجهة الحرائق. ويشيرون إلى أن العوامل الطبيعية تساهم في اندلاع حرائق الغابات وانتشارها إلا أن “الشرارة الأولى” غالبا ما تكون العنصر البشري.

وفي يوليو الماضي، حذرت السلطات السكان القاطنين قرب الغابات من خطر اندلاع حرائق خلال الأيام المقبلة، داعية إلى توخي الحيطة والحذر واتخاذ أقصى درجات اليقظة.

حرائق الشمال

في تصريحات لوسائل إعلام، من بينها الأناضول قال المدير الجهوي للوكالة الوطنية للمياه والغابات بجهة طنجة تطوان (شمال)، سعيد بنجيرة، إن حرائق شفشاون، التي اندلعت ما بين 12 و14 أغسطس الجاري هي الأكبر من نوعها في البلاد خلال العام الجاري. وأضاف أن “الرياح وارتفاع درجات الحرارة ساهمت في هذا الحريق”.

بدوره، أوضح المدير العام للوكالة الوطنية للمياه والغابات (رسمية)، عبد الرحيم هومي، أن أسباب تسجيل شمال البلاد عدد حرائق أكبر يرجع إلى كثافة الغابات والغطاء النباتي، بالإضافة إلى الكثافة السكانية أيضا.

وفي حديث مع الأناضول، اعتبر هومي أن كثافة الغابات وعدد السكان عاملين أساسيين في ارتفاع عدد حرائق الغابات بشمال البلاد. وذكر أن السلطات حققت هذا العام “نتائج إيجابية” في إخماد الحرائق والوقاية منها.

وأوضح أن حرائق الدردارة التي اندلعت بضواحي مدينة شفشاون (شمال)، ما بين 12 و14 أغسطس الجاري أتت على 500 هكتار من الغابات (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع)، مشيرا إلى أنها من أكبر الحرائق بالبلاد خلال عام 2025.

ولفت هومي إلى أن صعوبات تضاريس المنطقة وكثافة الغابات وسرعة الرياح تصعب أعمال الفرق الميدانية في مواجهة الحرائق.

من جهته، قال الخبير البيئي، مصطفى بنرامل، إن الأسباب الرئيسية لارتفاع عدد الحرائق شمالي البلاد، تتمثل في الأنشطة البشرية والتوسع العمراني، حيث بلغت نسبة الحرائق الناجمة عن النشاط البشري نحو 99 بالمائة، وغالبا ما تكون لأسباب مجهولة، وفق تقرير صادر عن الوكالة الوطنية للمياه والغابات.

وفي حديث مع الأناضول، أضاف بنرامل، الذي يشغل منصب رئيس “جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ” (غير حكومية) أن جهة طنجة تطوان الحسيمة (شمال)، تشهد بالفعل أعلى معدلات الحرائق في المملكة، بسبب عدة عوامل.

واعتبر أن التقلبات المناخية مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، من بين الأسباب التي تؤدي إلى اندلاع حرائق الغابات. وأضاف: “كما أن الرياح الحارة مثل الشركي (رياح قادمة من الجنوب والشرق) تزيد من خطر انتشار النيران وانتقالها بسرعة، بالإضافة إلى تدهور الغطاء النباتي في الغابات بسبب الجفاف).

وبحسب الباحث المغربي، فإن “النشاط البشري وغياب الرقابة” يساهمان في ارتفاع وتيرة الحرائق، بالإضافة إلى التوسع العمراني غير المنظم. وأشار إلى أن السلطات تمكنت من تقليص حجم الحرائق بشكل ملحوظ خلال العامين الماضيين رغم التحديات.

ولفت إلى الوكالة الوطنية للمياه والغابات نشرت خرائط تنبؤية بالمخاطر في مناطق الشمال، إلى جانب إطلاق حملة توعية ومجهودات مكثفة لإخماد الحرائق في مراحلها المبكرة.

 أسباب بشرية

وأوضح بنرامل أن الطقس والمناخ يزيدان من خطورة الحرائق، لكن الشرارة الأولى غالبا ما تكون العنصر البشري.

وحسب الباحث المغربي، فإن المعطيات الميدانية في شمال البلاد تبين أن العوامل المناخية، مثل الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، تؤدي دورا أساسيا في جعل الغابات أكثر هشاشة وقابلية للاحتراق. وتابع: “هذه الظروف المناخية، رغم خطورتها، نادرا ما تكون السبب المباشر في اندلاع الحريق”.

واستطرد: “المصدر الأول للحرائق يأتي من الأنشطة البشرية، سواء عن طريق الإهمال أو السلوك غير المسؤول، مثل إشعال النار في أماكن التنزه أو التخلص العشوائي من أعقاب السجائر، أو عبر حرق النفايات وبقايا المحاصيل الزراعية بالقرب من مناطق الغابات”. وزاد: “هناك أيضا الحالات العمدية، حيث يتم إشعال بعض الحرائق بهدف استغلال الأراضي لاحقا في أنشطة زراعية أو عمرانية”.

 تحديات وصعوبات

ولفت الباحث المغربي إلى وجود نقص في الموارد البشرية والتقنية المتخصصة في مجال محاربة الحرائق. ودعا إلى تقوية الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة مثل الطائرات بدون طيار والمحطات الذكية.

وأشار إلى أهمية نشر الطائرات بدون طيار، واستخدام الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي لتحديد الحرائق في مراحلها الأولى وتوجيه فرق التدخل. وشدد على ضرورة تجهيز بنية تحتية مناسبة في بعض المناطق المنعزلة.

وتابع: “لا تملك البلاد حتى الآن نظام إنذار جماهيري فوري، مما يقلص قدرة السلطات على إطلاق تحذيرات فورية للسكان المتضررين”. وأوصى الباحث المغربي برفع مستوى التدريب وتوسيع فرق الإطفاء، بالإضافة إلى تأهيل متطوعين محليين للقيام بدور إنذار أولي.

وقدرت السلطات المغربية عدد الحرائق المسجلة خلال عام 2024 بنحو 382 حريقا أتت على نحو 874 هكتارا من الغابات، بانخفاض 82 بالمئة مقارنة بعام 2023.

وتغطي الغابات حوالي 12 بالمئة من مساحة المغرب الذي يشهد سنويا حرائق تتفاوت شدتها باختلاف الظروف المناخية والسلوك البشري.

وكالة الاناضول

 

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى