دراسة تحذر: إضعاف خلية الأسرة سيزيد من ظاهرة الأطفال في وضعية صعبة

حذرت دراسة جديدة من تخوف المهتمين بشؤون الأسرة والتربية من أن تؤدي الأوضاع الراهنة اجتماعيا واقتصاديا وتربويا وثقافيا إلى إضعاف خلية الأسرة الأساسية والقديمة قدم التاريخ.

وقالت إن هذا الاضعاف لن ينعكس فقط على الطفل والمراهق فحسب، بل على المجتمع كله ما دامت الأسرة هي ذاكرة المجتمع التي تخزن هويته وقيمه، وتحافظ على بقاء واستمرار هذه القيم وتلك الهوية. كما أن إضعاف الأسرة سيزيد من ظاهرة الأطفال في وضعية صعبة والتي تسفر عن اختلالات لا يعرف مداها أحد.

وجاء هذا التحذير حسب الدراسة الصادرة أمس الأربعاء عن مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، رغم التحول الهام في أساليب التربية الحديثة، خاصة بعد الاضمحلال التدريجي للتربية القمعية والزجرية.

وأرجعت  الدراسة سبب هذا التراجع لتأثير قيم العصر، كما أن التربية الأسطورية وتخويف الطفل لم تعد متداولة بفعل تأثير قدر من العقلانية والروح الواقعية، وتقدم الأفكار التربوية الحديثة القائمة على فكرة الحرية. وأصبح الطفل في التصور العصري كائنا يتمتع بشخصية مستقلة وبقدرة على الفهم وبذكاء كامل.

غالبية الأطفال في وضعية صعبة منقطعون عن الدراسة

وكشفت الدراسة الموسومة بـ “الأطفال في وضعية صعبة بين تحديات الواقع وإمكانيات الإدماج: دراسة سوسيولوجية /مدينة جرسيف”، أن المنقطعون عن الدراسة يشكلون أغلبية المستوى التعليمي للأطفال في وضعية صعبة، بنسبة (43,25%)، في حين شكلت نسبة (%35,13) بالنسبة للأطفال المتمدرسين مع غياب تام لأي مستوى ثانوي، بينما نسبة (%21,62) من الأطفال المبحوثين هم الذين تمكنوا من ولوج السلك الإعدادي.

وأرجع الدكتور عبد الإله دوز سبب كثرة الأطفال المنقطعين عن الدراسة إلى الهدر المدرسي ، مستحضرا في ذلك دراسة المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 التي سجلت أن التلاميذ الذين ينقطعون عن الدراسة بعد أربع سنوات يؤولون إلى الأمية، مما يشكل استنزافا للموارد البشرية والمادية للبلاد، بالإضافة إلى الأسباب الاقتصادية المتمثلة في الفقر وضعف الموارد المالية للتكفل بدراسة الأبناء.

وأرجعت الدراسة ذلك أيضا لسوء الأحوال الاقتصادية للأسرة، والمتمثل في الفقر وعجز تلك الأسر عن تلبية الحاجات الأساسية من مستلزمات التمدرس والمصاريف المتزايدة للتلميذ. فضلا عن العوامل الاجتماعية والثقافية التي تساهم في انقطاع الأطفال عن الدراسة (الزواج المبكر، أمية الآباء، غياب علاقات التواصل مع الأسرة…).

جعل موضوع الأطفال في وضعية صعبة في قلب النقاش العمومي

وسعت الدراسة إلى إبراز واقع الأطفال في وضعية صعبة داخل المنظومة المجتمعية، حيث أصبحت  هاجسا وانشغالا فرض نفسه في خضم التحولات المجتمعية التي عرفها المغرب منذ بداية الألفية الثالثة.

وهدفت  الدراسة إلى محاولة البحث في العوامل الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية لانتشار ظاهرة الأطفال في وضعية صعبة، نظرا لأهمية ومركزية مكون الطفل ضمن باقي مكونات المجتمع، وأيضا لراهنيته بالنسبة لمشروع إصلاح وتطوير النسق المجتمعي.

كما تأتي أهمية الموضوع من كونه شأنا مجتمعيا يهم تنشئة الأجيال الصاعدة، ولأن موضوع الأطفال في وضعية صعبة بات في صلب النقاش العمومي، من أجل تعزيز السياسات العمومية المندمجة لحماية الطفولة.

واعتبرت الدراسة أن ظاهرة الأطفال في وضعية صعبة تعتبر من بين الظواهر الاجتماعية المعقدة التي باتت تؤرق المجتمعات المعاصرة، نظرا لتشعب أسبابها وتعدد أبعادها وتداعياتها العميقة على الفرد والمجتمع.

واستعرضت في ذلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي عرفها المغرب خلال العقود الأخيرة، من بينها بروز فئة من الأطفال تعيش في وضعيات صعبة، وتجيد نفسها في وضعيات تتسم بالهشاشة والحرمان، سواء في الشارع، أو داخل الأسرة خصوصا الأسر التي تعاني من التفكك الأسري أو في مؤسسات الإيواء التي تكون دوما معرضة لمختلف أنواع العنف.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى