محكمة تونسية تصدر أحكاما قاسية بالسجن على الغنوشي ومعارضين بارزين

أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس أمس الثلاثاء أحكاما مشددة في قضية “التآمر 2″، تراوحت بين 12 و35 سنة سجنا مع النفاذ العاجل للمتهمين المقيمين خارج البلاد، وقضت بعدم سماع الدعوى بحق أحد المتهمين.
وحكمت المحكمة على رئيس حركة النهضة الأستاذ راشد الغنوشي بالسجن 14 عاما، رغم رفضه المثول أمامها ومواصلته مقاطعة المحاكمات منذ اعتقاله في أبريل 2023. وقد صدرت ضده عدة أحكام في قضايا وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها “ذات طابع سياسي”.
كما أصدرت المحكمة أحكاما بالسجن 12 عاما على كل من محرز الزواري، وعبد الكريم العبيدي، والقيادي الحبيب اللوز، ورئيس بلدية الزهراء سابقا ريان الحمزاوي.
وشملت الأحكام الغيابية بالسجن 35 عاما مع النفاذ العاجل: مديرة الديوان الرئاسي السابقة نادية عكاشة، معاذ الغنوشي نجل رئيس الحركة، وعادل الدعداع، ورفيق عبد السلام، ولطفي زيتون، والصحفي ماهر زيد.
وتضمنت الأحكام إخضاع جميع المحكوم عليهم للمراقبة الإدارية لمدة خمس سنوات، بتهم تتعلق بـ”تكوين والانضمام إلى وفاق إرهابي، استخدام التراب التونسي لارتكاب جرائم إرهابية، وتجنيد وتدريب عناصر، ونشر معلومات تهدد أمن الدولة الداخلي”.
من جهته، لا يزال رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد خارج إطار المحاكمات، بعد طعنه في قرار إحالته على الدائرة الجنائية. وتأتي هذه الأحكام بعد أشهر من صدور أحكام في قضية “التآمر 1” ضد شخصيات سياسية بارزة، منها كمال لطيف (66 سنة)، خيام التركي (48 سنة)، نور الدين البحيري (43 سنة)، وغيرهم.
وأكدت هيئة الدفاع عن الغنوشي أن الحكم صدر “عن بُعد”، ورفض موكلها المشاركة فيه بسبب “غياب شروط المحاكمة العادلة”، مشيرة إلى أن بقية المتهمين “مُنعوا من الحضور والدفاع عن أنفسهم”.
وأضافت الهيئة أن الاتهامات استندت إلى “وشاية كاذبة من شاهد سري محجوب الهوية”، معتبرة أن ما جرى “محاكمة سياسية تهدف إلى تصفية المعارضين لنظام قيس سعيّد”، منذ 25 يوليوز 2021.
وأكدت الهيئة مواصلة معركتها القانونية والحقوقية دفاعا عن حرية الغنوشي وضمان محاكمة عادلة تحترم القانون وقرينة البراءة.
من جانبها، أكدت حركة النهضة التونسية أن هذه المحاكمات السياسية، التي تُدار بمنطق الانتقام لا العدالة، تمثل غطاءً للتغطية على فشل السلطة في إدارة الشأن العام، وتُعمّق الانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتدفع البلاد نحو المجهول.
وأدانت النهضة في بيان لها صدر اليوم الأربعاء أن خرق أبسط معايير المحاكمة العادلة، ومنها المحاكمة عن بعد، وحرمان الموقوفين من حقهم في الدفاع والحضور العلني، كما جددت المطالبة بإجراء محاكمات علنية يحضرها المواطنون و وسائل الإعلام لتُعرض عليهم الوثائق الحقيقية والتهم الملفّقة بما يحقق العدالة ويكشف حجم التهم الكيدية التي كيلت للأحرار الأبرياء.
وأشادت حركة النهضة بصمود الموقوفين وهيئات الدفاع، واستنكرت محاولات خلط الأوراق وربط علاقات تآمرية غير قائمة بين أطراف متباعدة في المرجعيات والمسارات، مما يكشف زيف الرواية الرسمية وانعدام منطقها.
وعبّرت عن استنكارها الشديد للتعاطي غير الإنساني مع الموقوفين، خاصة من كبار السن، على غرار الشيخ الحبيب اللوز الذي يعاني من وضع صحي حرج داخل السجن، وتحمّل السلطة مسؤولية سلامته وسلامة جميع الموقوفين.
كما أدانت النهضة التونسية ما تقوم به بعض الجهات الإعلامية من حملات تشهير ممنهجة ضد المعارضين، بدعم من أطراف استئصالية، وتعلن مباشرتها لإجراءات قانونية ضد كل من تورّط في التشويه والتحريض، حمايةً لحقوقها وكرامة مناضليها.