تأملات في حضرة عائلة الشهيد – بلال أكروح

منّ الله علي وأكرمني بالمشاركة في الزيارة التي نظمها منظمة التجديد الطلابي فرع فاس لبيت عائلة الشهيد عبد الرحيم حسناوي بمناسبة الذكرى 11 لاستشهاده. وهي الزيارة التي أردنا أن نؤكد فيها استمرارنا في المنظمة بالتمسك بالمنهج الذي استشهد عليه أخونا عبد الرحيم حسناوي والقيم التي ضحى من أجلها والهدف الذي من أجله سلم روحه إلى باريها.
لكنني أثناء الزيارة سجلت ملاحظات لم تغب عن ذهني وزادت من حيرتي ومن سؤالي، أول هاته المشاهدات كانت عندما قررنا القيام بالزيارة وكانت أول خطوة هي الاتصال بعائلة الشهيد عبر الأخ عبد الحق حسناوي أخ الشهيد، فكان الرد سريعا وبدون تفكير، وهو أن العائلة ترحب بنا وستكون سعيدة جددا بزيارتنا، فكان عجبي أن هاته العائلة المعطاءة بقيت وفية دائما لأصدقاء وإخوة الشهيد ولم تحمل عليهم ضغينة ولا كرها.
وأيضا مما أثار انتباهي هو متابعة العائلة لنا منذ انطلاقنا من مدينة فاس صوب مدينة الجرف وسؤالهم عن أحوالنا أثناء السفر وعن أماكن وصولنا. وعندما وصلنا إلى المكان المقصود كانت العائلة في انتظارنا حتى أننا قررنا النزول في بيت أحد إخوتنا كي لا نرهق كاهل العائلة لكنهم أصروا على أن نتناول وجبة الفطور عندهم وأن يستقبلونا في منزلهم.
لا أخفيكم سرا أنه بمجرد رؤية وجه أم الشهيد ووجه أبيه تحس بجبل عظيم من الصبر، استقبلونا بالبهجة والسرور والفرح باد عليهم بحضورنا حتى نحن والله خجلنا من أنفسنا لأننا لم نكن نتوقع هذا الكم الكبير من الحب، استقبلونا كأننا أبنائهم وقد عبروا بالفعل أنهم يعتبروننا أبناء لهم ونحن والله لنتشرف أن نكون لهم أبناء فهم نعم الأبوين.
فلا زالت أم الشهيد تخبرنا كما أخبرتنا في 2014 أن الله عز وجل اصطفى عبد الرحيم إليه وأخذه منها وعوضها بالمئات من أعضاء منظمة التجديد الطلابي، فهي تفخر بأن نكون أبناء لها. أما الأب ففي كل كلام كان يذكرنا بقيمة العمل الذي نقوم به ويوصينا بالصبر والثبات على الحق ويفتخر بأن ابنه كان منا ومعنا ونحن أشدا فخرا واعتزاز.
إن صبر والدي الشهيد لهو صبر تنوء به الجبال، صبر على الفراق، فراق ابن وفلذة كبد قتل ظلما وعدوانا، صبرا على فلذة كبد بدأت تزهر بعد ما سقيت بقيم الإيمان وبخصال القرآن واغتيلت أحلامها، ولم يفت أب الشهيد بين ثنايا كلماته بين الفينة والأخرى الاستشهاد بالقرآن الكريم، فعرفنا ان الله اصطفى أخانا عبد الرحيم وهو خيرنا وأفضلنا لأنه يحمل في صدره كلام الله سبحانه وتعالى.
مما لاحظت بين ما تعيشه عائلة الشهيد عبد الرحيم حسناوي وما يعيشه أهلنا في غزة من صبر وجلد ورباطة جأش وتسليم لله سبحانه وتعالى هو القرآن الكريم، فالارتباط بالقرآن هو ارتباط بحبل موصول من الله تعالى إلى قلوب عباده فبالله عليكم كيف سيكون هذا الإنسان الذي قلبه مربوط بحبل مباشر من الله. فالله لا تحرمنا من حمل كلامك في صدورنا ولا تحرمنا من شفاعة شهدائك واجعلنا على درب الحق والصدق وانصر إخواننا في فلسطين واجعلنا ممن يصنعون ويشهدون نصرك المبين.