أكاديميون يطالبون بالدفاع عن قضية الصحراء المغربية بمنطق علمي

دعا أكاديميون ومتخصصون إلى الدفاع عن قضية الصحراء المغربية بمنطق علمي مسنود بالحقائق التاريخية والعلمية، مشددين على ضرورة إرساء سياسية عمومية في التعليم والإعلام للتعريف بالقضية الوطنية.
جاء ذلك خلال مشاركتهم في ندوة وطنية نظمتها منظمة التجديد الطلابي بشراكة مع المبادرة الطلابية لنصرة قضايا الوطن والأمة، اليوم السبت 26 فبراير 2025، في موضوع “قضية الصحراء المغربية على ضوء التحولات الدبلوماسية والجيوسياسية”، بمدرج عبد الله العروي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، وسيرها الصحفي يونس مسكين.
ونبه أحمد نور الدين، متخصص في العلاقات الدولية، إلى عدم توفر المغرب على سياسات عمومية، ولا على مقررات دراسية تخص التعريف بقضية الصحراء المغربية، داعيا إلى إخراج هذه القضية من التناول الموسمي لها في الإعلام إلى زاوية التناول الدائم والمستجد.
دعا نور الدين الأحزاب السياسية إلى جل موضوع الصحراء من ضمن الأجندة اليومية لها، منبها إلى أن الأخطاء التي ارتكبها المغرب في هذا الملف، عن حسن نية أو سوء نية، هي التي جعلت هذا النزاع يعمر نصف قرن وليس فقط الجزائر والبوليساريو.
واستعرض نور الدين سبع حقب جيوسياسية مهدت لهذا النزاع منذ وضع بذرة تقسيم الإمبراطورية الشريفة في سنة 1860 بعد نهاية معركة تطوان، وطلب إسبانيا من المغرب السماح بإنشاء منصات تجارية بالصحراء جنوب واد نون، وعرج على سنة 1973 كحقبة تدخل فيها القذافي وبومدين في هذا الملف.
واعتبر المتحدث سنة 1983 بمثابة ذروة الجبهة الانفصالية بفعل تغذيتها من الجزائر وليبيا من مجاري البترودولار حيث اعتراف بها 70 دولة، لفتا إلى أن الحقبة ما بين 1983 و1991 كانت بداية الأفول مع انهيار أسعار البترول، وانهيار نظام الحزب الواحد بالجزائر، وظهور حبهة الإنقاذ، وانسحاب القذافي من دعم الجبهة، واندلاع انتفاضة في داخل مخيم تندوف 1988 ، وانهيار المعسكر الشرقي وانهيار الاتحاد السوفياتي، ومغادرة قادة الجبهة للمخيم أمثال عمر حضرمي والحبيب نيوو.
وطالب عبد الكبير الطبيح، محامي بهيئة الدار البيضاء، بمعالجة قضية الصحراء المغربية بمقاربة جديدة على ضوء التحولات الجديدة، مشددا على ضرورة التوفر على المعلومة من أجل في هذه القضية وفي قضايا السياسة الخارجية، موضحا أنه لا يمكن المجازفة بالتطرق إليها دون وجود المعلومة وحتى استحضار كيفية توجيه المعلومة بشكل يخدم مصلحة الوطن.
ورأى الطبيح أن هناك تحولا كبيرا حول قضية الصحراء المغربية نتيجة مواقف كل من فرنسا وإسبانيا، موضحا أن كلا من فرنسا وإسبانيا يمتلكنا من الوثائق ومن المعلومات الدقيقة ما يثبت لديهما بما لا يدع مجالا لشك أن قضية الصحراء هي قضية مغربية، مضيفا أن فرنسا ستمكن المغرب من 2 مليوني من الوثائق حول القضية.
وشدد الطبيح على ضرورة إخراج ملف قضية الصحراء من اللجنة الرابعة في منظمة الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن ممثل المغرب هو الذي تقدم في 1960 لتسجيل دعوى ضد إسبانيا في اللجنة الرابعة وهو أمر تم قبل استقلال الجزائر.
وقال نور الدين بلحداد، أستاذ جامعي متخصص في تاريخ الصحراء المغربية، “قضية الصحراء تحتاج إلى العلم وليس بالعاطفة فقط”، منقدا جهل الكثير من المغاربة لتاريخ قضية الصحراء المغربية ومنعطفاتها الكبرى، متسائلا عن وجود أفلام تتناول تاريخ القضية الصحراوية أو المعارك الكبرى للمملكة مثل معركة الزلاقة ووادي المخازن وغيرها، متسائلا كذلك عن وجود درس الصحراء المغربية في داخل الجامعات المغربية.
دعا بلحداد إلى الحديث عن قضية الصحراء المغربية بالمنطق العلمي عبر الاطلاع على التاريخ، قائلا “قضية الصحراء قضية وجود وليست قضية حدود”، منقدا غياب القضية في الإعلام إلا بشكل مناسباتي، موضحا أنه لا يمكن الدفاع عن قضية الصحراء عبر آليات الطرب التي يخصص لها الإعلام تغطية نهاية كل أسبوع.
وقال المحجوب السالك، أحد مؤسسي الجبهة سابق، يجب أن يكون المغرب شجاعا في تطبيق الحكم الذاتي، موضحا أن هذا الملف سيحسم يوم ينتهي نقاش الصحراء المغربية في اللجنة الرابعة، وينتهي النقاش في مجلس الأمن الدولي، وتخرج بعثة المينورسو من الصحراء، وتنتهي المخيمات في ما وراء الجدار الرملي.
وأكد السالك أن هناك دولا أوروبية وغربية تؤيد استدامة هذا النزاع إلى الأبد، مضيفا أن هذا النزاع سبب إجهاض فكرة المغرب العربي، مشيرا إلى أن الجزائر ومعها الجبهة تيقنتا أنه يستحيل إقامة دولة في الصحراء بعد موجة الاعترافات التي أكدت مغربية الصحراء، مستعرضا تاريخ تحركهم لإخراج إسبانيا من الصحراء المغربية ليجدوا أنفسهم في متاهة قوى كبرى حولت هذا المطلب إلى مطلب إقامة دولة في الصحراء، قائلا “لقد خرجنا وأسسنا الجبهة من أجل إخراج الإسبان من الصحراء وليس لتأسيس دولة في الصحراء”.
ورجع مصطفى الخلفي، وزير سابق للإتصال و العلاقة مع البرلمان، و ناطق رسمي للحكومة (2012-2019) إلى عهد الملكة إليزابيث ليؤكد قدم فكرة مشروع تقسيم المغرب، موضحا أن قضية الصحراء المغربية قضية تقسيم من أجل الاستنزاف للمغرب وللمنطقة، قائلا “لا يمكن المراهنة عن الحلول المستوردة ويجب التعويل على قدراتنا وإمكاناتنا”.
لاحظ الخلفي حضور البعد الأمريكي – الإسرائيلي في قضية الصحراء المغربية، مشيرا إلى الدول الذي لعبه ستفن سولس الداعم للوبي الصهيوني في هذا الملف، مشددا على المسؤولية الذاتية لجميع المغاربة في سبيل الدفاع عن هذه القضية في جميع المحافل والمنصاب بعد الارتكاز على أساس صلب.
وسرد الخلفي 5 تحديات في هذا الملف وهي التحدي الأول طرد بوليساريو من الاتحاد الأفريقي، التحدي الثاني إخراج القضية من اللجنة الرابعة، التحدي الثالث مواكبة التجدد في المنظومة الحزبية في أوروبا وتأثيرها على البينة البرلمانية الأوروبي، التحدي الرابع متابعة التطور في المنطقة المغاربية، ومن ذلك سباق التسلح في الجزائر، التحدي الخامس إكساب الأجيال الجديدة من الشباب والطلاب المهارات واستثمار المعرفة.
موقع الإصلاح