الاحتفالات تعم سوريا في أول جمعة بعد هروب الأسد

تواصلت تداعيات سقوط بشار الأسد الذي حكم البلاد طيلة أكثر من نصف قرن خلال حقبة دموية، راح ضحيتها مئات الآلاف من السوريين. وعمت الفرحة طيفا واسعا من الشعب السوري في مختلف مدن البلاد بما فيها العاصمة دمشق.

ودعا القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع السوريين للنزول للميادين اليوم الجمعة احتفالا بانتصار الثورة، وتابع قائلا: “لنتجه بعد الاحتفال إلى بناء هذا البلد”.

ويأتي ذلك عقب تأكيد مصدر بالإدارة السورية الجديدة أنه سيتم تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية التي ستمتد 3 أشهر. وفي حين تعهد رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير بضمان حقوق جميع الطوائف في البلاد قال القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع إن كل من تورط في تعذيب وقتل المعتقلين في السجون السورية لن ينال العفو.

آلاف السوريين يتوافدون على الميادين احتفاء بانتصار الثورة

توافد آلاف السوريين اليوم الجمعة على الميادين والساحات العامة بمختلف المدن، ومنها العاصمة دمشق ومدن الساحل، احتفاء بانتصار الثورة وسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وجاءت الاحتفالات بعد أن وجه القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في وقت سابق اليوم دعوة للسوريين للنزول للميادين “احتفالا بانتصار الثورة” ثم الاتجاه بعد ذلك لبناء بلدهم.

وقال الشرع -في كلمة مصورة- “أود أن أبارك للشعب السوري العظيم انتصار الثورة المباركة وأدعوهم للنزول إلى الميادين للتعبير عن فرحتهم بذلك من دون إطلاق الرصاص وترويع الناس”. وأضاف “بعد ذلك لنتجه إلى بناء هذا البلد. وكما قلناها منذ البداية: منصورة بعون الله.

وقالت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، إن عناصر الأمن العام التابع لها ستنفذ انتشارا مكثفا أثناء المظاهرات الاحتفالية المتوقعة وفي محيطها بهدف تأمينها وضمان سلامة المشاركين فيها.

كما أكدت أن الأمن العام سيتعامل بحزم مع أي شخص يثبت تورطه في إطلاق النار، وسيتم اعتقاله فورا ومحاسبته وفق القانون، داعية الجميع إلى الالتزام بالسلوك السلمي حفاظا على سلامة الجميع.

تجميد الدستور والبرلمان وفتح الأجواء 

أعلن المتحدث باسم إدارة الشؤون السياسية التابعة للحكومة المؤقتة السورية عبيدة أرناؤوط أمس الخميس أنه سيتم تجميد الدستور والبرلمان خلال الفترة الانتقالية التي ستمتد 3 أشهر.

وفي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية قال أرناؤوط إنه سيتم “تشكيل لجنة قانونية وحقوقية من أجل النظر في الدستور وإجراء التعديلات”، مشيرا إلى أولويات مرتبطة بـ”حماية المؤسسات والوثائق والثبوتيات” فضلا عن مواجهة التحديات على صعيد الخدمات.

وقال أرناؤوط “لدينا الآن أولويات مرتبطة بالحفاظ وحماية المؤسسات”، مؤكدا أن “هذه المرحلة عنوانها دولة القانون والمؤسسات (…) وكل مواطن سوري سيستعيد كرامته ويستعيد حريته المسلوبة”.

وفيما يتعلق برموز نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد الذي أسقطته الثورة، أشار أرناؤوط إلى أنه “لا بد أن يكون هناك محاسبة وفق القانون لأنه لا عدالة بلا محاسبة”.

في غضون ذلك، تعود الحياة في سوريا إلى طبيعتها تدريجيا، وقد قررت الحكومة الانتقالية فتح الأجواء أمام حركة الطيران خلال ساعات واستئناف الدراسة بدءا من الأحد المقبل.

وأعلن وزير النقل بالحكومة الانتقالية في سوريا عن فتح الأجواء السورية أمام حركة الطيران خلال الساعات القادمة.

وأكد أن الحكومة الانتقالية ستعمل على تجهيز المطارات المدنية لاستقبال وإقلاع الطائرات، وتم تجهيز مطار حلب الدولي وسيعلن عن موعد تشغيل مطاري دمشق وحلب خلال أيام. وأضاف أن العمل مستمر لتجهيز وترتيب إجراءات عمل المعابر الحدودية مع دول الجوار.

دعم غربي للانتقال السياسي وتحركات دولية

بعدو سقوط النظام البعثي، تواصلت رسائل الطمأنة التي توجهها السلطات الجديدة في سوريا إلى الداخل والخارج، حيث أعربت إدارة الشؤون السياسية في سوريا عن أملها بعلاقات طيبة مع الدول التي تحترم إرادة الشعب السوري وسيادة سوريا ووحدة أراضيها.

وأعربت الولايات المتحدة بدورها عن دعمها الكامل لعملية انتقال السلطة السياسية في سوريا. وأكدت واشنطن عبر سفارتها في دمشق أن العملية الانتقالية في سوريا يجب أن تفضي إلى حكم موثوق وغير طائفي يشمل الأطياف كافة.

كما أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان أمس الخميس أنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وجامع وغير طائفي في سوريا.

وأضاف البيان “ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل”. كما دعا القادة “كل الأطراف” إلى “الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها”.

في السياق السياسي أيضا، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن الوزير جان نويل بارو أجرى محادثات مع اللجنة السورية للتفاوض وممثلين عن المجتمع السوري المدني

وأشاد الوزير بالتزام محاوريه بالسعي نحو سوريا حرة وديمقراطية ومتعددة الأطياف، وبالالتزام بدعم انتقال سياسي سلمي وممثل للجميع، كما شدد الجانبان على ضرورة استمرار الكفاح ضد الإفلات من العقاب بعد سقوط النظام.

ورحب بيان بريطاني سعودي مشترك أمس الخميس بأي خطوات لضمان سلامة الشعب السوري ووقف إراقة الدماء والمحافظة على مؤسسات الدولة، ودعت المجتمع الدولي إلى الوقوف بجانب الشعب السوري والتعاون معه.

كما دعا البيان إلى دعم سوريا في هذه المرحلة المحورية لمساعدتها في تجاوز معاناة شعبها المستمرة منذ سنوات، مؤكدا أنه حان الوقت ليحظى الشعب السوري بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

في جانب آخر، جمعت صباح اليوم الجمعة مباحثات تركية أميركية بشأن الوضع السوري، كشف فيها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أنها ناقشت مع نظيره بلينكن الوضع في سوريا وغزة والدور التركي والأميركي المحتمل في مستقبل سوريا والذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار والسلام في سوريا ومحو المنظمات الإرهابية في المنطقة.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “هناك اتفاق واسع النطاق بشأن ما نود رؤيته في سوريا، وناقشت مع نظيري التركي ضرورة مواصلة الجهود لإبقاء تنظيم الدولة تحت السيطرة”.

وأضاف “ركزنا على الشأن السوري والفرصة المتاحة أمامنا وأمام الشعب السوري لتخطّي فظائع نظام الأسد وبناء البلد، نحتاج إلى حكومة سورية تعزز الاستقرار وتفكك الأسلحة الكيميائية ولا تشكل أي تهديد لجيران سوريا. ناقشنا أهمية متابعة الجهود الحثيثة للقضاء على تنظيم الدولة”.

وقالت الخارجية الأردنية إن الأردن سيستضيف السبت اجتماعا بشأن سوريا بمشاركة وزراء خارجية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وقطر والسعودية والعراق ولبنان ومصر والإمارات والبحرين، إضافة إلى ممثل الأمم المتحدة.

لاجئون سوريون يعودون إلى بلادهم

 توافد الآلاف من اللاجئين السوريين عبر عواصم العالم وخصوصا عبر الحدود التركية السورية بالعودة إلى بلادهم فور سقوط نظام بشار الأسد، بداية من يوم الأحد الماضي، حيث يعيش أزيد من 6 ملايين لاجئ سوريا في عدة دول أوروبية وعربية، ضمنهم أزيد من 5 آلاف يتواجدون بالمغرب.

وكان أول اللاجئين العائدين إلى سوريا هم أولئك الذين فروا من النظام إلى لبنان والأردن وتركيا والعراق، حيث تجمهر الآلاف منهم على حدود هذه الدول في الساعات الأولى لسقوط الرئيس السابق، محاولين العودة إلى ديارهم بعد سنوات من اللجوء والنزوح.

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يوجد حاليا حوالي 6.2 مليون لاجئ سوري، ما يعادل نحو ثلث سكان سوريا الذين يعيشون خارج بلادهم.

وتستضيف الدول المجاورة معظم هؤلاء اللاجئين، حيث يقيم 76% منهم في تركيا (حوالي 3 ملايين لاجئ)، و775 ألفا في لبنان، وأكثر من 600 ألف في الأردن، وحوالي 300 ألف في العراق، وأكثر من 150 ألفاً في مصر.

إدانات أممية ودولية لاحتلال جبل الشيخ

تُشرف قمة جبل الشيخ على العديد من مناطق سوريا كدمشق وبادية الشام وسهل حوران، كما يمكن مشاهدة جزء من الحدود الشمالية الأردنية والفلسطينية خاصة جبال الخليل ومحافظة إربد وبحيرة طبرية، بالإضافة إلى كل من جنوب لبنان وسلسلة جبال لبنان الغربية وسهل البقاع.

وأقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد على الاستيلاء على جبل الشيخ وعدة مواقع في الجولان السوري المحتل.

وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش يدين جميع الإجراءات التي تتعارض مع اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 بين سوريا والاحتلال الإسرائيلي، وإن الاتفاقية لا تزال سارية المفعول.

وأفاد دوجاريك بأن غوتيريش يدعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها وإنهاء جميع أشكال الوجود غير المصرح به في منطقة الفصل بين البلدين.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه البالغ” حيال “الانتهاكات الكبيرة” لسيادة سوريا ووحدة أراضيها والضربات “الإسرائيلية” في هذا البلد.

ودعا كافة الأطراف إلى الامتثال لمسؤولياتهم بموجب الاتفاقية. كما طالب غوتيريش بوقف إطلاق النار وتجنب الخطوات التي من شأنها زعزعة الاستقرار في مرتفعات الجولان.

ونددت دول -منها فرنسا والإمارات- بالخطوة التي اتخذها الاحتلال الإسرائيلي لدخول المنطقة العازلة، لكن سوليفان قال إن الولايات المتحدة تتوقع بدرجة كبيرة أن تكون هذه الخطوة مؤقتة.

وتعدّ منطقة جبل الشيخ أو ما يعرف بجبل حرمون، التي تقع في الجزء الغربي من سوريا بالقرب من الحدود اللبنانية، منطقة عازلة بين سوريا وإسرائيل منذ سبعينيات القرن الماضي وما قبلها، إذ جرى تحديد هذه المنطقة العازلة بين الطرفين وفق اتفاق فض الاشتباك، وظلت نحو 50 عاما خاضعة للاتفاق الذي أبرم حينئذ، لفصل القوات التي حاربت في أكتوبر 1973.

البعثات الدبلوماسية الدولية تستأنف عملها بعد سنوات من القطيعة

بعثت إدارة الشؤون السياسية في سوريا برسالة لعدد من الدول العربية لاستئناف عمل بعثاتها الدبلوماسية في دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد.

وتوجهت الإدارة برسالة شكر إلى كل من مصر والعراق والسعودية والإمارات والأردن والبحرين وسلطنة عمان إضافة إلى إيطاليا على استئناف بعثاتها العمل في سوريا.

وقالت إنها تلقت “وعودا مباشرة” من قطر وتركيا “لإعادة افتتاح سفارتيهما في سوريا” آملة في “بناء علاقات طيبة مع كل الدول التي تحترم إرادة الشعب وسيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها”.

 وقطعت دول خليجية عدة علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها في دمشق اعتبارا من العام 2012، احتجاجا على قمع دمشق التظاهرات السلمية التي شهدتها البلاد آنذاك، قبل أن تستأنفها تباعا بدءا من العام 2018 باستثناء قطر.

وبعيد إسقاط الأسد، أعلنت قطر الأربعاء أنها ستعيد قريبا فتح سفارتها في سوريا، في خطوة قالت إنها تعكس “دعم دولة قطر الثابت للشعب السوري الشقيق، الذي يتطلع لبناء دولته على أسس العدالة والسلام والاستقرار والازدهار”.

وبقيت قطر التي قدمت دعما مبكرا للفصائل المعارضة التي انتفضت ضد نظام الأسد عام 2011، منتقدة شرسة للرئيس السوري في موازاة دعواتها إلى حل دبلوماسي للنزاع.

وتعد تركيا كذلك من أبرز داعمي الفصائل المعارضة، وقدمت دعما سياسيا للمعارضة السياسية في سنوات النزاع الأولى.

وكانت روما أعلنت الشهر الماضي وصول سفيرها إلى دمشق بعد 12 عاما من اغلاق سفارتها على غرار دول أوروبية كثيرة. وقال وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني الأحد إن جماعة مسلحة دخلت حديقة مقر إقامة السفير الإيطالي في دمشق وسرقت ثلاث سيارات منها، “لكنّ أحدا لم يمس السفير أو عناصر الشرطة (الإيطالية) الذين كانوا في المقر”.

وتستعيد دمشق تباعا حركتها الاعتيادية مع إعادة فتح المحال التجارية والأسواق والمؤسسات، بعد توقف وجيز إثر سيطرة الفصائل المعارضة على العاصمة.

أخبار / مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى