انقسام أصوات المسلمين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية
يرتقب أن يلعب المسلمون دورا حاسما في تحديد نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية، وقُدِّر عدد المسلمين المؤهلين للتصويت بنحو مليوني ناخب وفق مؤسسة “Targetsmart national verifier” المعروفة بقيامها بتزويد الأحزاب والمؤسسات المعنية بإحصائيات الناخبين.
ويعدّ المسلمون في الولايات المتحدة مجموعة سكانية صغيرة نسبيا، حيث يبلغ عددهم نحو 3.5 إلى 4 ملايين، من بين 336 مليونا من سكان البلاد. ورغم ذلك يتوقع أن يكون تأثيرهم في الانتخابات الرئاسية كبيرا، وخاصة في ولايات الحسم المتمثلة في: بنسلفانيا، ميشيغان، أريزونا، نيفادا، جورجيا، كارولينا الشمالية، وويسكونسن، وهي الولايات التي تتقارب نسبة تأييد الحزبين الرئيسيين: الجمهوري والديمقراطي فيها بشكل كبير جدا.
ووفقا لتقرير صدر عن مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، فإنه يتواجد أكبر تجمع للناخبين المسلمين في ولاية ميتشيغان، حيث يشكلون نحو 2.75% من السكان، ما يجعلهم قوة لا يستهان بها في تحديد مسار التصويت.
وتشير بيانات المعهد العربي الأمريكي إلى أن عدد الناخبين العرب يبلغ نحو 3.7 مليون ناخب، يتمركز معظمهم في ولايات مثل كاليفورنيا وميتشيغان وأوهايو، حيث تؤكد الأبحاث أن نسبة التصويت في هذه الفئة تزداد بصورة ملحوظة في الانتخابات الرئاسية؛ ففي انتخابات 2020، صوت نحو 69% من المسلمين والعرب لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن، ما يعكس أهمية دعمهم في تحقيق الفوز.
قضايا مؤثرة
تشير استطلاعات الرأي، مثل استطلاع مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية لعام 2023 إلى أن الناخبين العرب والمسلمين يولون اهتماما كبيرا لقضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الأقليات، خاصة في ظل تزايد الاعتداءات العنصرية والتحديات التي تواجههم في سوق العمل والتعليم والإسكان.
ويعد التعليم والرعاية الصحية من الأولويات، حيث يصوتون بناء على المرشحين الذين يعززون فرص تحسين التعليم والرعاية الطبية المجانية.
على الصعيد الدولي، يبقى ملف قضية فلسطين ورفض دعم الاحتلال الإسرائيلي في حربه على غزة والتي دخلت عاملها الثاني في مقدمة الاهتمامات، حيث أشار 82% من الناخبين المسلمين في استطلاع “Zogby” إلى أن موقف المرشح من القضية الفلسطينية يؤثر على تصويتهم.
وعلى سبيل المثال، فقد شهدت انتخابات 2020 تضامنا مع الفلسطينيين من خلال جهود المنظمات مثل “مركز الحقوق الإسلامية” التي دعت المرشحين لدعم حل عادل، إذ لعبت هذه الجهود دورًا في توجه أصوات المسلمين نحو المرشح الديمقراطي.
من جهة أخرى، يهتم الناخبون العرب والمسلمون بالسياسات المتعلقة باللاجئين والمهاجرين، خاصة في ظل تصاعد التحديات الإنسانية في الشرق الأوسط، حيث يشكل دعم حقوق المهاجرين واللاجئين محركاً قوياً لتوجهاتهم الانتخابية.
الحرب على غزة
أثرت الحرب على غزة بشكل ملحوظ على توجه الناخبين في الانتخابات الأمريكية، حيث يتوقع أن يخسر المرشحان العديد من الأصوات بسبب مواقفهما من القضية الفلسطينية.
على وجه الخصوص، تحظى مرشحة حزب الخضر، جيل ستاين، بدعم متزايد من الناخبين الذين يساندون حقوق الفلسطينيين، رغم صعوبة صعودها إلى البيت الأبيض، لكن الدعم قد يمنح الحزب فرصة للظهور كبديل يركز على العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
في الوقت نفسه، شهدت الولايات المتحدة نشاطا متزايدا من قبل الجاليات العربية والمسلمة التي نظمت فعاليات ومظاهرات ضد العدوان الإسرائيلي، ما أظهر تحولا في مواقف جزء كبير من المجتمع الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، وهذه الفعاليات، التي تمتد عبر مختلف المدن الأمريكية، لم تجذب الجالية العربية فحسب، بل أيضا الأمريكيين من ذوي الأصول الأفريقية واللاتينية، ما يشير إلى وجود تحالفات جديدة تدعم حقوق الفلسطينيين.
مع تزايد عدد المشاركين في هذه الاحتجاجات، أصبح هناك وعي أكبر داخل المجتمع الأمريكي حول ضرورة تحقيق العدالة في الشرق الأوسط، مما قد يضغط على المرشحين للانتقال من دعم السياسات التقليدية إلى التوجه نحو مواقف أكثر إنصافا، هذه التحولات تعكس تأثيرا مباشرا للجاليات العربية على الرأي العام، ما قد يعزز من فرصهم في التأثير على نتائج الانتخابات المقبلة.
بين هاريس وترامب
وفي محاولة لتعزيز موقفها، أعلن عدد من الأئمة تأييدهم لهاريس في رسالة مفتوحة نشرت عبر وسائل إعلام أمريكية وأشار الأئمة وعددهم 25 في رسالتهم إلى “أهمية التفكير المنطقي في قرارات التصويت”، معتبرين أن دعم هاريس “يعد الخيار الأفضل” لإنهاء النزاع الدموي في غزة ولبنان مقارنة بالبدائل الأخرى.
وتسعى حملات مثل “مسلمون من أجل أمريكا” و”صوتي هو قوتي” إلى زيادة التوعية الانتخابية وتشجيع التصويت، حيث يُتوقع أن تبلغ نسبة إقبال الناخبين العرب والمسلمين أعلى مستوياتها في انتخابات 2024، بزيادة قدرها 10% بحسب مؤسسة “Pew Research Center”.
و أعلنت حملة المرشح الجمهوري ترامب خلال تجمع انتخابي عن تأييد بعض أئمة المساجد والمراكز الإسلامية في ولاية ميتشيغان ذات التجمع العربي والإسلامي الأكبر في أمريكا.
وكان أبرز هؤلاء الأئمة الذين عبروا عن دعمهم لترامب إمام الجامع الكبير بمدينة هامترامك بلال الزهيري، وهو يمني الأصل والذي ظهر متحدثا ومعلنا دعمه للمرشح الجمهوري ترامب خلال التجمع بعد أن وعدهم الأخير بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا.