فضل صيام الست من شوال
لقد أنعم الله تعالى علينا بصيام شهر رمضان المبارك وقيامه، وتلاوة كتابه العظيم، وإخراج صدقة الفطر، وشهود العيد، وغير ذلك من وجوه البِر والإحسان، ومن ذاق حلاوة الصيام، فالبابُ مفتوح أمامه لصيام النوافل التي شرعها الله لنا؛ كصيام الأيام الستة من شهر شوال، وصيام الأيام البيض من كل شهرٍ قمري، وصيام يومي الاثنين والخميس من كل أسبوع، وصيام يوم عرفة، وصيام عاشوراء.
إن صيام ستة أيامٍ من شهر شوال سنةُ ثابتةُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما جاء في حديث أبي أيوب (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال: “من صام رمضان وأتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر”؛ (رواه مسلم وأبو داود، والترمذي والنسائي وابن ماجه)، يعيش فيها المؤمن ذِكرى تلك اللحظات الرائعة القريبة التي كانت في رمضان ويستعيد حلاوتَها وجمالها، وهي درس للنفس أنه وإن كان العيد استراحة إلا أن الأصل أن استراحة المؤمن الكاملة والحقيقية في الجنة، وأنها في هذه الدنيا ما خُلِقت للعب واللهو، وأن عليها أن تستمرَّ في طاعتها لربها خالقها ورازقها.
فبعد شهر مليء بالروضات الحسان واللآلئ والمرجان من مختلف الطاعات وأصلها الصيام، يستمر المسلم في جني الحسنات وإكمال الفراغات والوقوف على أبواب الخيرات، تأتي الست من شوال لتقول له: لم ينتهِ المشوار، ولا استقرار إلا في جنَّة الرِّضوان.
والأفضل في صيام السِّت مِن شوَّال أن تكون بعد العيد مباشرة ومتتابعة؛ كما نص على ذلك أهل العلم؛ لأنَّ ذلك أبلَغ في تحقيق الاتباع الذي جاء في الحديث (ثمَّ أتبعه)؛ ولأَن ذلك من السبق إلى الخير الذي جاءت النصوص بالترغيب فيه والثناء على فاعله.
وتصح صيام الست من شوال بنية من النهار فلا يشترط في صيامها تبييت النية من الليل لأنها من صوم التطوع، وصوم التطوع لا يشترط لصحته تبييت النية.
إن الصيام الست من شوال هو دليل على شكر الصائم لربه عز وجل على توفيقه بطاعة ربه في رمضان، وزيادة في الخير؛ ودليل على حب العبد لطاعات الرب، ورغبته في المواصلة في طريق الأعمال الصالحات.
الإصلاح