جامعيون يطالبون باستحضار الخصوصية المغربية في تعديل مدونة الأسرة
دعا أكاديميون متخصصون في ندوة علمية نظمت مساء اليوم الأربعاء 28 فبراير 2024 بالرباط إلى استحضار الخصوصية المغربية في ورش مراجعة لمدونة الأسرة.
وناقش المتحدثون في الجلسة الأولى من الدورة الثانية من منتدى القانون والاقتصاد الذي تنظمه منظمة التجديد الطلابي فرع الرباط، حصيلة وآفاق مدونة الأسرة المغربية.
وأكد الدكتور فؤاد مسرة أستاذ القانون بجامعة محمد الخامس بالرباط في مداخلته المعنونة “مدونة الأسرة: في حاجة إلى اجتهاد مغربي جديد”، أن حصيلة مدونة الأسرة المغربية على مدى عقود تدل على أهمية هذه المراجعة التي تهم جميع المواطنين حتى قبل ولادتهم.
ويرى مسرة أن مدونة الأسرة في صيغتها الحالية تحتاج إلى اجتهاد مغربي جديد يعبر عن الذكاء المغربي والتنوع والفرادة التي يتميز بها المغرب عبر تاريخه وحضارته، مشيرا إلى أن هذا الاجتهاد يجب أن يعبر عن كل أطياف الشعب المغربي من خلال الوقوف الأعطاب المفترضة لهذه المدونة من خلال حصيلتها.
واستعرض رئيس مركز تناظر للدراسات والأحباث مرتكزات أساسية لهذه المراجعة المعبرة عن الأصالة والتفرد ليحق للمغاربة الدفاع عنه والافتخار به، وتتمثل في المرتكز الدستوري عبر ملاءمة المدونة للمرجعية الدستورية، ومرتكز “دولة مسلمة” انطلاقا من الخطاب الملكي ”وباعتباري أمير المؤمنين فإني لن أحل حراما ولن أحرم حلالا”، والخصوصية المغربية التي يجب أن تحظى المراجعة بمقبولية لدى المجتمع المغربي الذي عرف مجموعة من التحولات التي سيؤكدا الإحصاء الوطني للسكنى والسكان المقبل.
وخلص الدكتور فؤاد مسرة إلى أن المملكة المغربية لها كل المقومات للقيام بمراجعة للمدونة تستجيب لهذه الركائز لذلك لذلك استبق الصدام المجتمعي لأنه هناك شعور بوجود تحولات مجتمعية للقيام باجتهاد أصيل متفرد يحق للمغاربة الافتخار به.
من جانبها، تطرقت الدكتورة بثينة قروري أستاذة القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط لثلاث مقدمات منهجية في مراجعة مدونة الأسرة أولها الخلفية الفلسفية للتشريع والتقنين التي توجد في أي مجتمع تؤطر هذه العملية وأهمية المفهوم وحدود المتغير والثابت.
وأشارت قروري إلى أن نقاش تعديل المدونة ويكون فيهما نوع من التدافع والأخذ الرد بين أولها المرجعية الإسلامية التي تعتبر أن القانون ذو خصوصية ومرجعية غربية لا تستحضر هذه الخصوصية، وأوضحت أن نموذج تعديل المدونة استحضر هذه الخصوصية التي تظهر في منهج التعديل لأنه لم يأت مشروع قانون لدى الاحكومة وإحالته على البرلمان وفق المسطرة العادية وإنما بل كان هناك أمر ملكي بتعيين اللجنة والعمل على هذا الورش من استماع وغير ذلك، لأن فلسفة التشريع في الإسلام في مجال الأسرة هو نوع من أنواع حدود الله.
وذهبت رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية إلى أن فلسفة التشريع في اللغة القانونية تسمى من النظام العام لا يجوز التعديل فيها بشكل كبير بخلاف مدونة الأسرة التي تنتمي إلى القانون المدني التي فيها جزء من النظام العام لكن فيها ماهو مرتبط بسلطان الإرادة وبالتالي ننتقل إلى خلفية تشريعية أخرى مرتبطة بحرية الأفراد.
ومن المقدمات المنهجية في مراجعة المدونة- تضيف قروري، المفهوم الذي يعد ابن بيئة وسياق تاريخي يجب ألا ننزعه من السياق لأنه يبقى مؤثر، مستحضر مفهوم المساواة الذي جاء في النموذج الغربي في سياق الصراع بينما في النموذج الإسلامي في إطار التكامل بين الرجل والمرأة.
أما في حدود المتغير والثابت، ترى الأستاذة الجامعية أن هناك تحولات وتغيرات مجتمعية جزء منها لها طبيعة قسرية منها سياسية مرتبطة بهيمنة النمط الليبرالي الرأسمالي على المجتمع الذي انعكس على الأسرة التي تحولت إلى الاستهلاك وبالتالي ظهور فهم جديد للأسرة يجردها من أدوارها الأساسية.
ودعت قروري إلى أن تتكيف القاعدة القانونية مع هذه التحولات وتقيمها تقييما موضوعيا وفيها تحولات إيجابية منها مساهمة النساء في الاقتصاد وهناك تحولات سلبية أيضا، مؤكدة أن المشكل ليس في مراجعة المدونة لكن في أننا نريد حل جميع مشاكل الأسرة عن طريق هذه المدونة، رغم أن هناك إشكالات ممكن حلها عن طريق السياسات العمومية وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في ذلك.
من جهته، اعتبر الدكتور إبراهيم بشيري أستاذ زائر بكلية اللحقوق بالمحمدية أن المشرع ليس بريء في تشريعه وتكون له مقاصد وهدف ما من القانون، وقانون الأسرة كلنا معنيون به على عكس بعض القوانين التي تستهدف فئة بعينها.
ونبه بشيري لى ان القاعدة القانونية هي ظاهرة اجتماعية لا ينبغي تركها حبيسة رجال القانون واستحضر في ذلك عددا من النماذج في مدونة الأسرة التي تحتاج إلى حضور الجانب الاجتماعي.
وانتقد المحامي بهيئة الدار البيضاء من يقولون بتعديل مدونة الأسرة عن طريق، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن يكون التفكير في حل إشكالية معينة بمنعها وهو منطق علمي مجرد للضوابط المعمول بها ويجب استحضار العلوم الحية في الجواب عنها، مستحضرا في ذلك نموذجين حيين في مدونة الأسرة هما التعدد وزواج القاصرات.
واستعرض الدكتور نور الدين منظور أستاذ القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط أربعة آثار عكسية لإشكاليات الإبقاء على التدخل التشريعي في مدونة الأسرة وغيرها وهي اضطراب مبدأ سلطان الإرادة وانعدام المنطق القانوني السليم وزعزعة القوة الملزمة للعقد ومحو الآثار القانونية للإرادة السليمة.
ويرى منظور في مداخلته المعنونة بـ”التوجيه التشريعي لإرادة الزوجين بين إشكالية الإلغاء وضرورة الإبقاء” أن المشرع أصبح يتدخل لفرض إرادته على المجتمع مما يؤدي إلى آثار عكسية بحيث انتقل من رضائية الأشخاص إلى إرادة المشرع وأصبح نطاق سلطان الإرادة ضيقا.
وعرض أستاذ التعليم العالي عددا من النماج لفرض التشريع إرادته من بينها المواد 45 و83 و86 و90 من مدونة الأسرة ونماذج في التعدد والتطليق للشقاق وغيرها.
موقع الإصلاح