“مركز المقاصد” يكشف النقاب عن مذكرته لمراجعة مدونة الأسرة في ندوة علمية
كشف مركز المقاصد للدراسات والبحوث صباح اليوم السبت 27 يناير 2024 بالرباط النقاب في ندوة علمية في موضوع “مذكرة مركز المقاصد حول مراجعة مدونة الأسرة: المقاصد والغايات” عن مضامين مذكرته التي قدمها للهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة.
وأكد الدكتور أحمد كافي عضو اللجنة العلمية لمركز المقاصد وأستاذ التعليم العالي، أن المذكرة التي تم تقديمها للهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة ستظل منفتحة على جميع المذكرات الأخرى التي تم تقديمها شريطة احترامها للمرجعية الإسلامية التي ما فتئ أمير المؤمنين جلالة الملك يؤكد عليها “بصفتي أمير المؤمنين فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”.
وتابع كافي أن من بين شروط أهمية المذكرات المقدمة وانفتاح المركز عليها هي أن تكون جدية بعيدة عن الأفكار الدخيلة التي لا تهم الأسرة المغربية، داعيا إلى من يسير هذا المسلك إلى الاهتمام بهموم الأسرة الحقيقية والدفاع عنها والابتعاد عن أفكار تساهم في الشقاء والتفكيك والهدم.
الزواج وبناء الأسرة
واستعرض الدكتور أحمد كافي عضو اللجنة العلمية لمركز مقاصد للدراسات والبحوث في عرضه المعنون “مقاصد المذكرة فيما له علاقة بالزواج وبناء الأسرة”، عددا من المقترحات التي تقدم بها المركز في هذا الباب في الأهلية والتوثيق والتعدد.
وأوضح كافي أن مسألة التعدد ليست ظاهرة مجتمعية كما كشفت عنه إحصائيات رسمية، وأن المركز لا يسعى لجعله مشكلة اجتماعية، بل يسعى إلى تنظيمه وتقنينه وفق خياراته، واقترح في هذا الإطار جعل الأمر في يد القضاء وجعل السن الذي اختاره المجتمع 16 سنة هو السن الذي بموجبه يباح التعدد وهو السن الذي يقترب من السن القانوني بمدونة الأسرة 18 سنة، ويجب أن نعتمده ونقيده بدل منعه والاصطدام بالمجتمع ودفعهم إلى الزواج خارج إطار المساطر القانونية وهم يظنون أنهم يقومون بعمل شرعي يوافق عليه العلماء.
كما اقترح المركز ألا يكون التعدد سببا في في الالتجاء إلى الطلاق للشقاق وإعطاء الزوجة فرصة داخل أجل سنة من أجل أن تنظر في الأمر، كما يمكن للزوج أيضا التراجع عن الأمر، كما اشترط أيضا ألا يكون الإذن بالزواج مفتوحا وأن يحدد في ستة أشهر يكون لاغيا بعد انتهاء هذه المدة.
ونبه كافي في جانب الأهلية أننا في الحالة العادية لا نقبل أن نزوج بناتنا في سن 18، لكننا لا نشرع لأنفسنا بل نشرع للمغاربة خاصة في المغرب العتيق والمناطق المهمشة والفقيرة، وبعد ذلك نرى إذا كان هناك تغيير دون ان نفجع المجتمع المغربي أو ندخل في صراع معه، وبالتالي سن الأهلية 18 سنة هو سن معقول ومقبول وهو أعلى سن في العالم فيما يخص الأهلية.
ولفت أستاذ التعليم العالي تنبيه جلالة الملك فيما مرة إلى الالتجاء في مدونة الأسرة إلى القضايا التي وجدت عوائق في سلك المساطر القانونية، وعن رأيه في زواج القاصر كونه لا معنى له كتسمية من الناحية الفقهية، والأصح هو زواج الصغير أو الزواج دون سن الأهلية، مميزا بين زواج القاصر الذي يتم بناء عن رغبته وهو أمر مقبول ومطلوب، وبين تزويج القاصر الذي جاء بناء عن فرض الأسرة وهو أمر مرفوض ولا نريده على أرض الواقعوعلى القضاء أن يتحمل مسؤوليته وأن يلزم قانونا للاستماع لهذا الصغير على انفراد.
وعن توثيق الزواج، دعا كافي مرة أخرى إلى عدم الصدام مع المجتمع والبحث في الأسباب الحقيقية خلف عدم توثيق عقد الزواج، حيث أن هناك أسباب معقولة يجب الاعتراف بها وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في معالجتها مثل تخيير المرأة بين مكافأة ترصدها الدولة وبزواجها تحرم منها.
حل ميثاق الزوجية
وفي مداخلة بعنوان “مقاصد المذكرة فيما له علاقة بحل ميثاق الزوجية”، تناول الدكتور الحسين الموس مدير مركز المقاصد للدراسات والبحوث حل ميثاق الزوجية بين الإباحة والحظر، والمقاصد الخاصة بالطلاق والطلاق الاتفاقي والخلع ومقاصد متعلقة بالتطليق للشقاق.
وأبرز الحسين الموس فيما يخص حل ميثاق الزوجية، كون الطلاق مباح بالجزء مكروه بالكل ونفس الحكم للخلع وغيره من صور حل ميثاق الزوجية وهو ما أكده الإسلام، كما أن هناك سوء فهم لقاعدة الاحتياط للفروج على حساب قواعد الاحتياط للرابطة الزوجية خاصة في بعض كتب الفقه، ثم مصلحة وضع الطلاق تحت إشراف القضاء ومقصد تعسير الفرقة الزوجية.
وفي مقاصد مقترحات الطلاق الرجعي، أشار خريج دار الحديث الحسنية إلى أن هذا النوع من الطلاق منصوص عليه في الكتاب والسنة، وقد جاءت النصوص لتخوف من تعدي الحدود فيه، ونزل التشريع يقيد العدد المسموح به فجعله مرتين، فالأولى هفوة والثانية يتدبر فيها الرجل أمره، فإن طلق بعد ذلك فإن المرأة تبين منه بينونة كبرى.
كما اعتبر أنه تم تنظيم الطلاق الرجعي في المدونة لكن هناك أمورينبغي استدراكها قصد تحقيق ما صدرت به أبوابحل ميثاق الزوجية خاصة في المادة 70 من مدونة الأسرة في مسألة استثناء حل ميثاق الزوجية في حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررينلما ذلك من تفكيك الأسرة والإضرار بالأطفال.
واستحضر الدكتور الموس من جهته عددا من المقترحات في هذا الباب، من جملتها إلغاء إخبار القاضي المرأة المراد رجعتها واستدعاؤها والاكتفاء بتخويل ذلك للعدل الموثق، وإلغاء اللجوء لمسطرة الشقاق للمعتدة من طلاق رجعي حين رفضها الرجعة، وضبط ومراجعة مسألة المهملة اللازمة لإيداع المستحقات.
وتابع الموس استحضار مقاصد أخرى في الطلاق الرجعي، من جملتها تيسير الفرقة بإحسان عن تعيّنها وذلك بتفويت بعض صور الطلاقإلى العدلين الموثقين تخفيفا على القضاء.
وأوضح الموس إلى أن المدونة سمحت باعتماد صيغ الطلاق الاتفاقيوهو طلاق وقع عليه الاتفاق والتراضي، وكذلك الفرقة بالخلع وهو أن تتنازل الزوجة عن بعض الحقوق لتنفصل عن زواج لم ترغب فيه، وهذان الصيغتان لا تخضعان لمسطرة الصلح، حيث اقترح المركز ألا يخضعا لإجراءات الطلاق العادي ومسطرته عند القاضي وأن يسند أمر توثيقهما إلى العدلين الموثقين مباشرة.
وعن المقاصد المتعلقة بالتطليق للشقاق، اقترح المركز تحديد مفهوم الشقاق بدقة حتى لا يبقى مفهوما واسعا يحتمل كل خلاف يقع بين الزوجين، كما اقترح أيضا تقييد اللجوء إلى مسطرة الشقاق بوجود الأسباب المحددة سابقا، والتنصيص على اشتراط التوصل الشخصي بالاستدعاء إلى المحكمة في الشقاق كما في الطلاق بغاية تعسير الشقاق كما يعسر الطلاق، وتحويل التطليق للشقاق عند عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين إلى ما يناسبه من أنواع الفرقة الزوجية، وإعطاء الزوج من واجب المتعة إذا طلبت الزوجة الفرقة بدون داعي، وحفظ حقوق الزوجة والأبناء بإلزام الزوج بإيداع المستحقات قبل حكم القاضي بالتطليق.
مقترحات داعمة لاستقرار الأسرة
وتناول الدكتور عبد الرحمن العمراني عضو اللجنة العلمية لمركز المقاصد وأستاذ التعليم العالي بجامعة القاضي عياض، مقاصد المذكرة فيما له علاقة بالمقترحات الداعمة لاستقرار الأسرة، الخارجة عن مقترحات النصوص القانونية.
وتطرق العمراني في مداخلته إلى مركزية القيم في خدمة المدونة وباقي القوانين التي لها علاقة بالأسرة من خلال مسؤولية الأسرة والإعلام والبرامج التعليمية والخطاب الديني في تثبيتها وترسيخها في المجتمع.
واتبر أستاذ التعليم العالي إلى أن الأسرة تحتاج إلى تأهيل الإنسان ليكون إيجابيا في مجتمعه وفق الأخلاق النبيلة لكي يكون نافعا، لكن في المقابل هناك مؤسسات تشوش على دور هذه الأسرة لذلك يجب توعية الوالدين ومتابعتهما والشعور بالخطر الذي يزاحم الأسرة في تحقيق هذا الهدف.
ومن بين مقترحات المركز لتعزيز وتقوية الأسرة، إعطاء الأم العاملة رخصة ولادة حولين كاملين مؤدى عنها وست سنوات غير مؤدى عنها طيلة مرحلة التربية في مرحلة الطفولةوتثبيت مركزية الأبوين داخل الأسرة وتعزيز دورهما وتكامل الوظائف بينهما والتضحية المالية من جانب الدولة في ترسيخ القيم النبيلة في الأسرة والخطاب الإعلامي والديني.
وفي جانب المقترحات التي تهم الإجراءات الخادمة لمقاصد مدونة الأسرة في بناء الفرد وإصلاح الأسرة، اقترح المركز الاهتمام بجانب القيم في الأسرة وفي البرامج التعليمية والإعلامية ودعم برامج مؤسسات الخدمة الأسرية ومعالجة معوقات عمل القضاء الأسرة، ودعم المؤسسات الموازية لمؤسسة قضاء الأسرة.
وفي جانب دعم برامج مؤسسات الخدمة الأسرية، يقترح المركز تنظيم برامج توعية وتأهيل الشباب المقبلين على الزواج، وتنظيم دورات تصحيح المفاهيم في قضايا الأسرة، وتنظيم دورات للتدريب على الحوار، بالإضافة إلى تنظيم عملية المرافقة والتتبع.
وفي جانب معالجة عمل قضاء الأسرة، دعا العمراني من خلال مقترحات المركز إزالة التحديات والمعوقات التي تواجه هذا النوع من القضاء خصوصا أن القضاة يشتغلون تحت الضغط، واقترح زيادة عدد الأطر القضائية وتنظيم برامج تكوينية للمتدخلين في هذا المجال وأن يكون قاضيا متخرجا من قسم قضاء الأسرة وأن يكون متزوجا ومن أبناء المنطقة.
وفي جانب دعم المؤسسات الموازية لمؤسسة الأسر، دعا مركز المقاصد إلى دعم مؤسسة الوساطة الأسرية كمؤسسة موازية لعمل القضاء وليست منافسة بل خادمة له، ومن إيجابياتها اشتغالها في فضاء بعيد عن الخصومة والمرونة التي تتسم بها، كما اقترح عقد شراكات مع مؤسسات بحثية أو وزارة التضامن، وتنظيم أسبوع للأسرة تشارك فيه جميع البرامج الحكومة كل من جهته ومفتوح للمجتمع المدني وتخصيص جوائز للأسر الرائدة، بهدف التوعية وتقوية مؤسسة الأسرة.
موقع الإصلاح