رمال يكتب: آن للمؤشّر الاجتماعي أن يتبوّأ الصّدارة بين مؤشّرات النّموذج التنموي المغربي
منذ فقدت الأمّة الإسلامية بوصلتها وتشتّتت قِبلات دُولِها في اتّجاه النّموذج الغربي أو صوب الأطروحات الشّرقية في السّياسة والاقتصاد والتّعليم …….. وكلّ شيء؛ منذ ذلك الحين أصبحت كلّ مؤشّرات النّماذج التّنموية -حيث وُجدَت- في الدّولّ العربية والإسلامية؛ أصبحت كلّها مؤشّرات اقتصادية محضة همّها الظّاهر والكامن هو:
- بِكم زاد النّاتج والدّخل القومي؟
- بِكم ارتفعت قيمة العملات ومؤشّرات البنوك وبكَم انخفضت؟
- كيف يتطوّر سعر أسهم الشّركات الكبرى؟
- ……؟
ولم يعد أحد يفكّر في “المؤشّر الاجتماعي” الذي هو حجر الأساس في كيّان الدّولة الإسلامية العادلة؛ والذي يبحث دائما عن الإجابة على الأسئلة التّالية:
- كم معدّل الدّخل اليومي للمواطن العادي؟
- ما هي نسبة المواطنين الذين تخطّوا عتبة الفقر؟
- كيف يمكن رفع عتبة الفقر بالاحتكام إلى معدّل عتبات الفقر المحدّدة من طرف هيأة الأ/م المتّحدة؟
- هل يتوفّر المواطن العادي على الخدمات الأساسية التي هي من مقوّمات الكرامة (الخدمات الصّحيّة، التّعليم، الماء، الكهرباء ………؟
- …….؟
وبقيت المؤشّرات الاقتصادية هي التي تصنع فخر أو خيبة الدّول كلّما طلعت أو هبطت؛ مع العلم أنّه يمكن للدولة أن تحقّق نموا اقتصاديا هائلا؛ لكنها في الوقت ذاته تزداد فقرا لأنّ ذلك النّمو المزعوم يذهب إلى فئة قليلة معيّنة فقط من النّاس الذين استأثروا بثروات البلاد ويهرّبون خيراتها إلى الخارج ولا يفكّرون إلاّ بمصالحهم الخاصّة؛ ناسين أو متناسين أو حتّى جاهلين أنّ العدل في توزيع خيرات البلاد هو صمّام أمانهم وضمان بقائهم، ويسخرون من كلّ من يحدّثهم أنّ الأصل أن تكون القرارات الاقتصادية مبنية على مؤشّر “حالة المواطن”؛ ناعتين إياه بأنّه لا يفقه في الاقتصاد شيئا، وهذا الذي أدّى ويؤدّي -إلى جانب عوامل أخرى- إلى هذه القومات والثّورات التي أصبحت تتلاحى هنا وهناك عبر العالم؛ والتي يتزّعمها عموما شباب ومواطنون خيّبتهم النّماذج التّنموية المعتمدة على التّوالي في بلدانهم لأنّ ناتجها أنّها أصبحت تزيد الغني الطّاغي غِنا وطغيانا وتزيد الفقير المقهور فقرا وقهرا.
واليوم؛ ونحن نتلمّس ملامح النّموذج التّنموي الذي يصلح لبلدنا ويحفظ لها استقرارها وأمنها، ويجنّبها كلّ الأخطار والنّكسات؛ آن الأوان لكي يصبح “المؤشّر الاجتماعي” يحتلّ الصّدارة في مقدّمة كلّ المؤشّرات؛ حتّى يعود الاقتصاد إلى أصله خادما لكرامة المواطن ولرفاهيته؛ يُحسّسه بأنّ حقّه في خيرات وثروات بلده الطّبيعية هو حقّ مكفول، وأنّ من يتولّون استثمارها ليسوا مستبدّين مستأثرين بقدر ما هم أكفاء متخصّصون يحسنون استثمار هذه الخيرات لصالح البلد والمواطن.
هذا هو الذي من شأنه أن يجنّب بلدنا كلّ شرّ وكلّ سوء ويعيننا على تجاوز الأزمات الاقتصادية الحادّة المرتقبة التي يبشّر بها كبار علماء الاقتصاد عبر العالم والتي بدأت معالمها تتجلّى لعيا والتي تكاد تخنق العالم وعلى رأسه الدّول الكبرى؛ من جرّاء إفلاس النّماذج التّنموية المعتمدّة لحدّ الآن والتي ورّطت بلدان العالم في مديونيات تفوق دخلها السّنوي بالأضعاف.
د. أوس رمّال