الخراطي: التهافت على الاستهلاك في رمضان يمس القدرة الشرائية ولايتناسب مع مقاصد الصيام
مع حلول شهر رمضان الكريم، تبرز في المجتمع المغربي عدد من السلوكيات والعادات الاستهلاكية السلبية، التي تبتعد عن المقاصد النبيلة للصيام، وتحوّل شهر الغفران من فريضة تعبّدية وروحية إلى ممارسة طقوسية ، يطغى عليها الاهتمام الأكل والشراب بمختلف أصنافها، مع ما يرافق ذلك من الإسراف في الاستهلاك .
ويرتفع استهلاك الأسر المغربية خلال شهر رمضان بنسبة 16.3% في المتوسط. وتنفق الأسر أكثر من الثلث على الغذاء (37%) مقارنة مع الأشهر الأخرى. وتخص هذه الزيادة في الإنفاق على الغذاء بحسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط، جميع فئات الأسر، حيث ترتفع كلما تحسن مستوى المعيشة، وتتراوح بين 22.5% وأكثر من 40%.
وناهز المستوى المعيشي للأسر المغربية -الذي يقاس بمتوسط الاستهلاك السنوي للسلع والخدمات- سنة 2019 حوالي 86 ألفا و94 درهما، وهو ما يمثل 7175 درهما شهريا. وتنفق نصف الأسر المغربية أقل من 67 ألفا و500 درهم في السنة، أي 5625 درهما شهريا.
وفي حديث لموقع “الإصلاح”، قال رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك بوعزة خراطي، يلاحظ في مناسبة رمضان ككل سنة التبضع الجائر أو غير العقلاني الذي يصيب المستهلك المغربي، لأنه يصاب بالإسراف في المواد التي يقتنيها وهناك تبذير سافح للمواد الغذائية، حيث أن مآل أكثر من ثلث المواد التي يتم اقتناءها قمامة النفايات.
ونوه بوعزة خراطي بالحملة الوطنية التي كانت حركة التوحيد والإصلاح أطلقتها في 2017 لترشيد الاستهلاك، وساهمت في تنزيلها أيضا الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، مبديا متمنياته إلى أن تستمر هذه الحملة التحسيسية لترشيد استهلاك المستهلك المغربي.
وأضاف “قبل أن نشارك مع الحركة في الحملة الوطنية لترشيد الاستهلاك، اتجهنا إلى وزارة الحكامة في 2016 والتي كان فيها المرحوم محمد الوفا وطلبنا منه تنظيم وصلات إشهارية على التلفزيون والإذاعة لترشيد الاستهلاك فرفض، وقال أن دوره هو توفير المواد الغذائية، وما تطلبونه هو دور وزارة الصحة ووزارة الاتصال، لذلك للأسف لم نجد أذانا صاغية لحالة الإسراف في المواد الغذائية”.
واستحضر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، الجانب الديني في الإسراف الذي يحرمه الله تعالى، لكن المستهلك المغربي من جهة يغلب عليه طابع تأثير عدة وسائل، أولها الإشهار ثم آليات التسويق (الماركوتينغ) وتأثير المجتمع. ضاربا المثل بالمرأة التي تحب التباهي في تحضير مائدة الفطور المغربية مما ينعكس على الإسراف في التبضع.
ولفت خراطي إلى أن الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، توجه دائما الصائم المغربي فيما يخص استهلاكه خلال هذا الشهر الفضيل بأهمية الاقتداء بالصائم المسلم في بعض الدول الآسياوية مثل ماليزيا، التي لا تتغير عاداتهم الاستهلاكية في طقوسهم الدينية ويبقى دائما فطور بسيط يترك للمستهلك الوقت لكي تكون عملية الهضم سهلة، وعند خروج رمضان لا تظهر عندهم الأمراض الباطنية مثلما تظهر في المغرب.
واعتبر بوعزة خراطي، أن أكبر مصيبة يعاني منها المجتمع المغربي هي التبذير، والتبضع بهذه الطريقة يمس القدرة الشرائية للمستهلك، وعندما يخرج شهر رمضان يجد نفسه غارقا في الديون. كما أنه عند خروج هذا الشهر الفضيل يكون ملزما بعيادة الطبيب بعد إصابته بأمراض قد تصبح مزمنة مثل داء السكري.
وطالب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك من المستهلك تحضير عقله كون الوفرة موجودة في المغرب ولا داعي لاقتناء كميات كبيرة ولا داعي للتهافت للاقتناء، وهو الذي يتسبب في ارتفاع الأسعار، ومؤخرا صعدت الخضروات من ثلاث إلى أربع مرات من سعرها، بسبب هذا التهافت.
وزاد خراطي “أكثر من هذا، الناس الذين يذهبون للصارف الآلي لا يجدون فيه المال بسبب أن الناس يتهافتون على هذا الصارف لإخراج المال، ليس لمواجهة مصاريف رمضان ولكن لمواجهة صحتهم وإلحاق الضرر بهم في العمق وبقدرتهم الشرائية بسبب هذا الاستهلاك المفرط”.
ودعا المتحدث إلى العدول عن اقتناء المواد التي لا حاجة لنا بها وحسن تدبير المواد الغذائية المنتقاة، ولا داعي لشراء المواد الغذائية بكثرة ووضعها في المجمد ويكون مآلها قمامة النفايات، كما أن الإفطار الذي لا يضر هو الذي يكون خفيف ولا توجد فيه مواد ذهنية وخاصة العدو اللدود لصحتنا هو الدقيق الأبيض.
وأوضح خراطي في هذا الجانب، أن جميع المواد الغذائية الموضوعة في السفرة كلها أصلها من الدقيق الأبيض، وهو ممنوع في عدد من الدول مثل تركيا والولايات المتحدة، لكنه مازال في المغرب، وهو من أسباب الإصابة بسرطان القولون، لذلك وجب تفادي الإفراط في هذه المعجنات لحماية صحة المواطنين.
وتأسف بوعزة الخراطي من كون شهر رمضان الذي يجب على المسلم الصيام فيه والإحساس بجوع الفقراء واحترام طقوسه الدينية، نجد فيه إفراطا في الأطعمة والتباهي بين الناس وهذا يؤلمنا، مستحضرا نموذج براد الشاي في الإفراط في الاستهلاك، حيث أن قنينة الغاز والسكر مدعمين، والماء مدعم بطريقة غير مباشرة والشاي مستورد مائة بالمائة، وفي الأخير نشرب كأسا أو كأس ونصف ونرمي ما تبقى في القمامة وهذا عار، مشيرا إلى أنه حان الوقت إلى ترشيد الاستهلاك فبقدرما سارعنا إلى ذلك بقدر ما وفرنا العملة التي نستطيع أن نستثمرها في مشاريع أخرى تنموية.
موقع الإصلاح