وثائق بريطانية تكشف وضع الكيان الصهيوني خطة لنقل مياه النيل إلى قطاع غزة قبل 35 عاما
كشفت وثائق بريطانية أنه بعد عقدين من احتلال الأراضي الفلسطينية، وضع الكيان الصهيوني نهر النيل ضمن خطة شاملة لحل مشكلتها المائية التي وصلت إلى ما اعتبرته حينها نقطة تحول.
وأضحى الكيان منذ احتلال فلسطين – حسب تقرير نقله موقع “بي بي سي عربية” – مسؤولا عن توفير المياه لسكان غزة، ولا يزال 90 في المئة منهم يعانون حتى الآن، حسب الأمم المتحدة. وتعتبر القطاع محتلا بسبب الحصار.
واُدرجت مسألة المياه في الشرق الأوسط على قائمة اهتمامات بريطانيا التي ساهمت في عدد كبير من الفعاليات الدولية والإقليمية للبحث عن حلول. ولم يعبأ البريطانيون بحل مشكلة الاكيان المحتل المائية فقط، بل سعوا أيضا إلى إيجاد حل لمعاناة الفلسطينيين من مشكلة المياه بسبب سياسات الاحتلال.
في شهر ماي عام 1988، نظم شابلاند ندوة مغلقة لبحث وضع المياه في الشرق الأوسط. وكُشف خلالها، صراحة لأول مرة، عن خطط صهيونية لحل مشكلة المياه سواء في أراضيها أم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وعرض المهندس يوشوا شوارز، المسؤول عن التخطيط المائي للكيان المحتل في القرن الحادي والعشرين ومدير إدارة التخطيط الشامل في مؤسسة المياه “تاهال”.
في هذا السياق تحدثت الخطة الصهيونية عن مياه النيل خيارا لحل مشكلة غزة المائية، وتخفيف العبء عن شبكة مياه داخل الكيان المحتل. وتتضمن الخطة ضرورة إبرام “معاهدة إقليمية شاملة تدعمها الدول المجاورة والقوى العظمى”. وكشف المسؤول الصهيوني عن “إعداد خطط هندسية في مناسبات مختلفة لنقل المياه الفائضة من النيل أو من نهر الليطاني (اللبناني) إلى إسرائيل”. واعترف مسؤول التخطيط المائي للكيان بأن تعاونا مماثلا في الشرق الأوسط لنماذج مقارنة يحتاج إلى توفر بيئة سياسية مواتية.
وختم شوارز دراسته، التي جاءت في 27 صفحة، بالتأكيد مجددا على أنه “في السنوات الأخيرة تقلصت بدرجة خطيرة الاحتياطات الفاعلة ومخزون المياه الجوفية ( في الكيان المحتل)، ووصلت مستويات الحفر بحثا عن المياه إلى أعماق غير مسبوقة”، وحذر من أن “هذا الموقف يؤدي إلى انخفاض حاد في إمداد المياه في السنوات القادمة”.
بعد حوالى أربع سنوات، طرحت جامعة نيوكاسل مشروعا، أرسلت نسخة منه إلى الخارجية البريطانية، بشأن إدارة الموراد المائية في الأراضي الفلسطينية. ولما عُرض المشروع، الذي طُرح في شهر فبراير عام 1992، على القنصلية البريطانية في القدس، ردت قائلة “نرحب من حيث المبدأ بفكرة أنه ينبغي علينا دعم تنمية القدرات الفلسطينية في قطاع المياه”. ونبهت إلى أن المياه “ستكون عنصرا رئيسيا في اتفاق بشأن ترتيبات حكم ذاتي للفلسطينيين في عملية السلام”.
لم تتوقع القنصلية تراجع الكيان المحتل عن سياستها الرامية إلى السيطرة على المياه في الأراضي الفلسطينية. غير أنها قالت إنه “من الصعب تصور أي حزمة من التدابير الفعالة التي تستبعد تماما الفلسطينيين من أن يكون لهم كلمة ما في السيطرة على الموارد المائية واستخدامها في الضفة الغربية وغزة”.
بعد ثلاثة أشهر، تلقت القنصلية البريطانية في القدس دراسة أجرها فريق هولندي متخصص لمصلحة الحكومة الهولندية عن “مسألة المياه في قطاغ غزة”. وعرضت الدراسة المقترحات التالية: توفير المياه النقية من مصر، تحلية المياه الجوفية المالحة أو مياه البحر، التخلي عن زراعة المحاصيل التي تحتاج إلى قدر كبير من المياه مثل الحمضيات لحماية جودة المياه الجوفية.
وتكشف الوثائق أن اهتمام مسؤولي المياه الصهاينة بالتعاون مع إثيوبيا، منبع النيل، بشأن المياه يعود إلى العقد الأول بعد إعلان دولة الاحتلال. وأبلغت السفارة البريطانية في أديس أبابا لندن بزيارة قام بها أي. هودوفيتز، مسؤول التخطيط في مؤسسة “تاهال”للمياه إلى أثيوبيا في أوائل شهر غشت عام 1959. وبعد 21 عاما، لفت انتباه البريطانيين غض إثيوبيا الطرف عن عرض الرئيس المصري الراحل أنور السادات نقل مياه النيل إلى الكيان المحتل.
ففي شهر يونيو عام 1980، قدمت أديس أبابا إلى منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي الآن) شكوى ضد مصر لعدم إبلاغها دول حوض النيل بمشروع السادات لنقل مياه النيل، عبر 6 أنابيب، إلى سيناء في سياق خطة طموحة لتنمية شبه الجزيرة التي تشكل 6 في المئة من مساحة مصر الإجمالية. وفي تقييمها لوجاهة الشكوى، أشارت السفارة البريطانية بالقاهرة، في برقية سرية إلى لندن، إلى أن الموقف المصري قانوني ولم يخالف الاتفاقات التي تنظم استخدام مياه النيل.