“هولدينغ” إعلامي مغربي.. مشروع لم ير النور
تعد فكرة إحداث القطب العمومي السمعي والبصري أو الهولدينغ الإعلامي بمثابة حلم يراود المغاربة لبناء منظومة إعلامية قوية. وتعود هذه الفكرة رسميا إلى سنة 2006 حين رفع المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري رأيه إلى الملك محمد السادس بشأن إعادة هيكلة القطاع السمعي البصري العمومي، مقترحا إحداث “قطب موحد للسمعي البصري العمومي”.
وكان الحديث حينها عن شركتين فقط هما الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وشركة سورياد “دوزيم”، فشدد الرأي على أن عملية إعادة الهيكلة يفترض أن تنتهي إلى إحداث شركة قابضة /هولدينغ، على أن تبدأ بتشكيل إطار تدبير رئاسي موحد، يتمثل في تعيين رئيس مشترك لكل من الشركتين الوطنيتين للاتصال السمعي البصري العمومي /الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وشركة سورياد.
مشروع لم ير النور
وقدم المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري للملك تصورا لهيكلة القطاع يأخذ شكل شركة قابضة، تجمع بين وحدات منظمة حسب منطق المهن (تلفزة، إذاعة، بث، إنتاج، إشهار، توثيق، دراسة السوق…إلخ)، وأن يمتلك رئيس مشترك لكل من الشركتين الوطنيتين للاتصال السمعي البصري العمومي سلطة حقيقية للتوجيه، والتنسيق والتحكيم، وأن تحتفظ الشركتان على خصوصيتهما وخطهما التحريري المميز لهما.
وبعد أكثر من 12 سنة، لاحظ التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2017، أنه لم يتم إنشاء “القطب السمعي البصري العمومي“، فأوصى بضرورة إنشائه استنادا إلى رأي المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري المرفوع إلى الملك محمد السادس، ليكون متنوعا ومتكاملا مع الاستفادة من إنجازات الشركتين الحاليتين.
وعاد المجلس الأعلى للحسابات في تقرير السنوي خلال 2020 للتذكير باستعجالية إعادة هيكلة القطاع السمعي- البصري، خصوصا أنه في هذه الفترة تزامن مع صدور أرقام وزارة الاقتصاد التي أكدت أن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة سجلت خلال سنة نتيجة استغلال سلبية بناقص 4 ملايين درهم، وأن أرقام معاملات شركة سورياد “القناة الثانية” السنوية انخفضت بنسبة 18 في المائة مقارنة بسنة سابقة.
خطوة إلى الأمام
في ماي 2021 قدم وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس عرضا أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال في مجلس النواب تتضمن استراتيجية تأسيس شركة قابضة (هولدينغ إعلامي)، تضم الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة وشركة سورياد “القناة الثانية”، مع إضافة مكون جديد لم يرد في الرأي المقدم للملك محمد السادس وهي شركة “ميدي 1 تيفي”، تحت وطأة الحديث عن قرب إفلاس الشركة.
لم يتحقق أي من المخططات السابقة، وهنا سيدرج الوزير الحالي المهدي بنسعيد برنامج عمل سنة 2022 نقطة إعادة هيكلة شركات القطب السمعي البصري العمومي، خلال تقديم مشاريع الميزانيات الفرعية لسنة 2022 أمام أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال، الذين شددوا خلال المناقشة على إنشاء هذا الهولدينغ وفق تقرير لجنة التعليم والثقافة والاتصال حول مشاريع الميزانيات الفرعية لسنة 2022.
ونتيجة تصريح وزير الثقافة والشباب والرياضة عثمان الفردوس بتنزيل فكرة الهولدينغ الإعلامي، اعتبر المجلس الأعلى للحسابات أنه تم تنفيذ توصياته كليا في تقريره السنوي برسم سنة 2021، والمحرر في ونونبر 2022، قائلا “أعلن الوزير المكلف بالاتصال، بتاريخ 24 مايو 2021، عن وضع استراتيجية لتطوير المجال السمعي البصري، من خلال دمج وكالة “Régie 3″ في القطب العمومي”.
خطوتان إلى الوراء
ورغم الإخفاق في إنشاء القطب الموحد، كشف مصدر (فضل عدم ذكر اسمه) أنه تمت تحويل شركة “ميدي 1 تيفي” إلى شركة عمومية لإنقاذها من الإفلاس لكن دون تغيير دفتر التحملات الخاصة بها، وكانت وفق دفتر التحملات المحتفظ به حاليا قناة تلفزيونية إخبارية مغربية (خاصة) تم إطلاقها في شهر دجنبر من عام 2006 تحت اسم “مدي 1 سات”.
وعاد الوزير الحالي المهدي بنسعيد بعد إخفاق كل الجهود السابقة إلى التعهد من جديد ضمن برنامج عمل قطاع التواصل برسم السنة المالية 2023 بإعادة هيكلة شركات القطب السمعي البصري العمومي، وفق تقرير لجنة التعليم والثقافة والاتصال حول مشاريع الميزانيات الفرعية لسنة 2022. وخلال مناقشة الميزانيات أعاد أعضاء اللجنة مساءلة الوزير عن الجديد الهولدينغ الإعلامي جديد.
وفي اخر عرض للرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات زينب العدوي أمام البرلمان في 2 ماي 2023 أقرت بعدم تنفيذ مخطط إحداث القطب العمومي السمعي والبصري. وقد وضع هذا التصريح حدا لكل التصريحات السابقة والتعهدات الحكومية، وعاد اقتراح تسريع تنفيذ إجراءات إعادة الهيكلة على المدى القصير والمتوسط.
موقع الإصلاح