هل “تقديم القرابين” خطوة على طريق تهويد المسجد الأقصى المبارك ؟ – ظاهر صالح
تتصاعد جرائم الاحتلال الصهيوني ومحاولات اقتحام المسجد الأقصى المبارك مع حلول مايسمى”بعيد الفصح العبري”، واستعدادات المستوطنين المتطرفين التي سجلت في الأيام الماضية محاكاة كاملة لما يسمى “قربان الفصح” في منطقة القصور الأموية الملاصقة لأسوار المسجد الأقصى، وإدخال ما يسمونه “القربان” أو إدخال دمه لنثره على صحن قبة الصخرة.
تأتي هذه الخطوة بعد “قمة حاخامية” عُقدت فيما بينهم لمناقشة فرض طقوس “الفصح العبري” فيه، وبعد دعوات من حاخامات اليمين المتطرف وتعهدات من قادة جماعات “الهيكل” بإدخال ما يسمونه “قربان الفصح” .
يقوم اليهود عن طريق الجماعات المتطرفة من الصهاينة بنثر دم القربان عند قبة الصخرة التي يزعمون بأن تم بنائها لتخفي أثر “المذبح التوراتي”، فيكون القربان هو الطقس الباقي من تلك العبادات التي اختفت باختفاء “الهيكل” في محاولة إعادة تلك العبادات منذ سنوات.
“ذبح القرابين” في الاقصى
يمثل ذبح القربان لليهود عملية إحياء معنوي لهيكل معبدهم المزعوم، وهو الطقس الأهم من ضمن طقوسهم التوراتية، وانطلاقا من الأفكار والمعتقدات التي يؤمن اليهود بها، فعليهم القيام بعدة طقوس داخل الأقصى المبارك، من بينها الانبطاح الملحمي على الأرض، وصولا إلى “ذبح القربان”.
منذ سنوات عديدة تُجري تلك الجماعات المتطرفة تدريبات عملية لمسألة “ذبح القربان”، حيث توجد طبقة تسمى في التراث اليهودي “السنهدرين”، وهي طبقة الكهنة، والتي تم تدريبها منذ سنوات في المدارس التلمودية، وقامت بتجارب عملية “لذبح القربان”، تلك الجماعات كانت تقيم التجارب في مناطق مختلفة محيطة بالمسجد الأقصى ، حتى اقتربت منه تدريجياً، فكانت المرة الأولى التي يتم فيها ذبح القربان عام 2015 في قرية لفتا المهجرة القريبة من المسجد الأقصى، وفي عام 2016 ذُبح القربان في منطقة بالقرب من جبل الطور. وفي عام 2017 تمت عملية الذبح داخل البلدة القديمة عند كنيس الخراب، أما في عام 2018 فجرت طقوس القربان عند السور الجنوبي من المسجد الأقصى، وفي عام 2019 أقيمت طقوس الذبح على سطح أحد المباني المطلة على المسجد الأقصى.
أهداف ذبح القربان
“تريد الجماعات اليهودية “بذبحها للقربان” تحقيق قضيتين، الأولى: الإحياء المعنوي لهيكلهم المزعوم، أما الثانية: الانتقال خطوة إلى الأمام على طريق تهويد المسجد الأقصى، وفرض وقائع جديدة لصالح اليهود” على مرحلتين، الأولى: التقسيم الزماني وقد نجحوا فيه إلى حد ما، أما الثانية التقسيم المكاني والذي فشلوا فيه، وذلك يتمثل في فشلهم في إقامة كنيس داخل باب الرحمة، لأداء “صلواتهم التلمودية” ومع إعادة افتتاح مصلى باب الرحمة تلاشت أحلامهم في التقسيم المكاني، وهو ما دفعهم إلى فكرة الإحياء المعنوي للهيكل، والذي يقوم على أساس أن المعالم الموجودة داخل الأقصى هي معالم إسلامية، لكن بممارسة طقوسهم داخله وكأنها معبدهم، ومنها تقديم “القربان” سيمنح الاعتراف به كمعبد” ولن يوفروا أي فرصة تحقق عملية “ذبح القربان” وتنفيذ خطتها، واستعداداتها على مستويات عالية لأنهم سبق وقامت الجماعات المتطرفة بتنفيذها “القربان” عدة مرات خارج المسجد الأقصى، كما أن طبقة “السنهدرين” جاهزة وتم تدريبها، حيث عقدت قمة حاخامية داخل المسجد في بداية رمضان، وجرى فيها النقاش حول مكان تقديم “القربان” وصرحوا أنه لن يمنعهم أي شيء من تقديم “القربان” وتقديم تسهيلات كثيرة من قبل شرطة الاحتلال في اقتحام المسجد الأقصى، وأداء الطقوس التوراتية.
الإعلان عن مكافآت مالية
لقد أعلنت عن هذه المكافآت ما تسمى بحركة “العودة إلى جبل الهيكل”، واعدة من يتمكن من القيام بذلك بمكافأة مالية مقدارها حوالي 3100 دولار، ومنح من يُدخل السخل دون ذبحه بمكافأة تعويضية قدرها 250 دولاراً، ومن يحاول ويفشل مكافأة مقدارها 125 دولاراً وأكدت جماعات الهيكل المتطرفة في تصريحات لقادتها بعد نشر الإعلان أن “الوقت قد حان لتغيير قواعد اللعب حسب وصفهم” في محاولة استفزاز لمشاعر المسلمين والفلسطينيين.
يسير الاحتلال الصهيوني والجماعات المتطرفة بخطوات متسارعة وعدوانية ضد المسجد الأقصى والفلسطينيين وبشكل تدريجي، وما يدعونه حسب زعمهم من تقديم “القرابين” في “عيد الفصح” محاولة لفرض أمر واقع جديد في المسجد الأقصى ومحيطه، لهذا نصبت، “جماعات الهيكل” خيمتين في ساحة القصور الأموية، جنوب ساحة البراق استعداداً للاحتفالات في الأيام المقبلة بنثر “رماد القرابين” التي ستُذبح وينثر رمادها في صحن قبة الصخرة وفق مخطط وضع بالتنسيق مع شرطة الاحتلال وجهات سياسية عليا في حكومة الكيان، وأن جماعات الهيكل وضعت خطة وخطة بديلة وفق زعمها لتنفيذ الهدف الفريد المنتظر منذ عقود وسنوات طويلة لاكتمال الطقوس والمراسيم بالاحتفال بـ “الفصح اليهودي”، موضحة أنه سيتم جلب الخراف للذبح والحرق خلال أيام العيد ويبلغ ذروته مساء الجمعة 21 رمضان، من مزرعة محمية ومعقمة وبعيدة عن كل الشوائب، حسب وصفهم.
تصعيد المقاومة بكافة أشكالها
الرد المناسب على جرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين هو بتصعيد المقاومة بكافة أشكالها، ووقف التنسيق الأمني، وإطلاق يد المقاومة في الضفة لتلجم قوات الاحتلال الصهيوني والجماعات المتطرفة، وإن كل ما يجري من حراكات وهبات شعبية فلسطينية، يُجسد فعلاً موضوعياً تراكمياً، وعملية بناء وتأسيس لمرحلة لها ما بعدها من تغيرات جذرية في المنطقة.
منجزات معركة سيف القدس
الشعب الفلسطيني في معركة مفتوحة مع الاحتلال الصهيوني في كل المناطق والمدن والساحات وصمود الأهل في النقب المحتل، وتصديهم لمخططات الاحتلال، والاسراع في الدفاع عن أرضهم، من أحد منجزات ومفاعيل معركة سيف القدس التي بثت روح المقاومة في نفوس الشعب الفلسطيني، وأشعلت جذوتها في كل الساحات.
كل ما يجري من عمليات نوعية وحراكات وهبات شعبية، يجّسد حالة ثورية في تحد واضح لكيان الاحتلال الصهيوني وللأنظمة العربية المطبعة والمتحالفة معه، وسط غض الطرف عن المنطلق والدوافع الحقيقية وراء العمليات التي ينفذها الشباب الفلسطيني في عمق الكيان الصهيوني الهش، وهي دوافع في حقيقتها مؤمنه بحقها في تحرير أرضه وطرد المحتل الغاصب، فمن السذاجة أن تعتقد قيادات الدول الأوروبية والدول المطبعة والمهرولة حماية الكيان الصهيوني ووجوده غير الشرعي!.
وليعلم العالم أن تضحيات الشعب الفلسطيني ودماء أبنائه لا يمكن التحايل عليها بصفقات وتعويضات مالية وسلطة تنسيق أمني وتحسين معيشة تحت إدارة الاحتلال.
وأخيراً .. يمكن القول أنه لن يحصل هذا الكيان ولا قطعان المستوطنين على الأمان في أرض فلسطين التي لها أصحابها الأصليين عبر التاريخ.